صحافة دولية

باحثة أوروبية: العقلية العنصرية وراء عجز الغرب عن التحرك لوقف الإبادة في غزة

فلسطيني يحمل طفله الشهيد جراء التجويع في غزة- جيتي
قالت الكاتبة المتخصصة بالشؤون الأوروبية شدى إسلام في مقال بصحيفة "الغارديان"، إن كلمة واحدة تلخص عجز أوروبا عن التحرك لوقف حرب غزة، وهي "العنصرية".

وأوضحت إسلام أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وفريقها يواجهون انتقادات متزايدة بسبب اتفاقية الرسوم الجمركية المثيرة للجدل بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي تم التوصل إليها في تموز/ يوليو الماضي، لكنها أشارت إلى أن هناك حاجة أكبر إلى توجيه دعوات مماثلة للمساءلة بشأن تواطؤ الاتحاد الأوروبي في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في غزة.

وأضافت أنها تابعت بيأس لما يقارب عامين كيف تقلل الحكومات الأوروبية من شأن ما يجري أو تلتزم الصمت بينما يدمر الاحتلال غزة بالقصف المكثف والغارات الجوية والتجويع القسري، وقالت إن هناك الكثير من العقوبات والأدوات تحت تصرف الاتحاد الأوروبي، لكنه يرفض تفعيلها.

ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأكبر للاحتلال، إذ يمثل نحو 32 بالمئة من إجمالي تجارته في عام 2024.

ومع ذلك، لم يتمكن القادة الأوروبيون ووزراء الخارجية من حشد أغلبية لتعليق اتفاقية الشراكة مع الاحتلال، رغم ضغوط إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا، ورغم تأكيد خبراء حقوق الإنسان أن الاحتلال ينتهك التزاماته الواردة في الاتفاقية.

وأضافت أن حتى المقترح المتواضع من المفوضية بتعليق مشاركة الاحتلال جزئيا في برنامج "هورايزون" الأوروبي للبحث العلمي، البالغة قيمته 95 مليار يورو، جرى تعطيله من قبل ألمانيا وإيطاليا، رغم أن جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبي السابق، وصفه بأنه "مزحة سيئة" قياسا بحجم الفظائع المرتكبة.


وأشارت إلى أن صادرات الاحتلال إلى الاتحاد ارتفعت مطلع 2024، بينما اكتفت ألمانيا بعد عامين من الدعم العسكري بالإعلان عن وقف تصدير معدات عسكرية قد تُستخدم في غزة، رغم أن تراخيص السلاح الألمانية وصلت إلى 485 مليون يورو خلال 19 شهرا بعد هجوم 7 تشرين الأول.

وأكدت إسلام أنها تدرك شعور الذنب التاريخي في أوروبا وانقساماتها الداخلية وروابطها الاقتصادية مع الاحتلال، لكنها شددت على أن المعضلة الحقيقية تكمن في أن شلل أوروبا السياسي والأخلاقي مرتبط ارتباطا وثيقا بالعنصرية الهيكلية والعنف الممارس ضد السود والسمر والمسلمين يوميا داخل القارة.

وأضافت أن العقلية الاستعمارية المتجذرة في السياسات الأوروبية تجاه المهاجرين واللاجئين هي نفسها التي تنعكس في التخلي عن الفلسطينيين.

وأشارت إلى أن هذا التحيز يتجلى بوضوح عند مقارنة تعامل الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا مقابل تعامله مع غزة، حيث فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا ومنح كييف الدعم المالي والسياسي، في حين جرى تصوير معاناة الفلسطينيين كأزمة إنسانية بلا سياق سياسي، وهو ما يعني تجريدها من حقيقتها كخيار سياسي متعمد. ونقلت عن الأكاديمي الفلسطيني الأمريكي رشيد الخالدي وصفه للصراع بأنه "آخر حرب استعمارية في العصر الحديث".

وشددت على أن التقييم الأخلاقي لتقاعس أوروبا يجب أن يشمل مراجعة شاملة لماضيها وحاضرها، ليس في فلسطين فقط بل في سياساتها العالمية، إذا كانت جادة في الدفاع عن القانون الدولي. لكنها لفتت إلى أن دوائر صنع القرار الأوروبية تعتبر مثل هذه النقاشات مثيرة للانقسام، وهو ما يعمّق أزمة المصداقية.

وأضافت أن خطة مكافحة العنصرية الأوروبية لعام 2020 فقدت زخمها بعد تهميش أول منسقة لمكافحة العنصرية في الاتحاد، ميكايلا مووا، محذرة من أن ذلك سيضعف أجندة المساواة. لكنها أشارت إلى وجود ضغوط متزايدة ومعارضة داخل مؤسسات الاتحاد، حيث بدأت أصوات تنتقد بوضوح التحيز الأوروبي الصارخ للاحتلال.

وشددت بالقول إن أي محاسبة جدية لتقاعس الاتحاد الأوروبي تجاه غزة ستظل ناقصة ما لم يواجه عنصريته الهيكلية وتسلسلاته الاستعمارية التي لا تزال تشكل رؤيته للعالم.

وأكدت أن غزة كشفت كل الذرائع، وعلى صانعي القرار الأوروبي أن يواجهوا هذه الحقائق ويعملوا على تفكيكها مهما كانت قاسية.