أحدث إعلان وزارة الطاقة السورية استئناف تصدير النفط للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ضجة واسعة وتساؤلات عن احتمال توصل الحكومة السورية إلى صفقة مع قوات سوريا الديمقراطية (
قسد) التي تسيطر على غالبية حقول النفط السورية.
وكانت الشركة السورية لنقل النفط، قد أعلنت عن تصدير نحو 600 ألف برميل من النفط الثقيل لصالح شركة "بي سيرف إنرجي" العالمية، وذلك من المصب النفطي في محافظة طرطوس على متن الناقلة "Nissos Christiana".
وذكرت مصادر سورية أن النفط الخام المُصدر من إنتاج الحقول السورية ويشكل الفائض عن عمل مصفاتي بانياس وحمص واللتين تعملان بأكبر طاقة إنتاجية ممكن، وأضافت أن ذلك جاء "في إطار التوجيهات الحكومية وخطط الإدارة العامة للنفط في وزارة الطاقة لتعزيز حضور سوريا في الأسواق النفطية الخارجية، وبخطوة هي الأولى منذ سنوات".
من دون ذكر مصدر النفط
ولم تحدد الوزارة مكان الحقول التي أنتجت منها الشحنة المُصدرة، ليبدو وكأن دمشق تعمدت ذلك لإعطاء الحدث زخما قويا، وفي الوقت الذي لم تعلق فيه وزارة النفط السورية على تساؤلات
"عربي21" بخصوص الحقول التي أنتجت الكمية، قال المستشار الأول في وزارة الاقتصاد والصناعة السورية أسامة القاضي، إن مصدر الشحنة هو النفط الزائد من الحقول السورية والتي تم تجميعها في خزانات كونها من النوع النفطي الثقيل الحامضي، والذي يصعب تمريره في المصافي السورية.
بذلك يؤكد أن الشحنة ليست من الحقول النفطية في مناطق "قسد"، موضحاً أن "هذا النوع من النفط مطلوب جدا وخاصة في إيطاليا".
ولم يستبعد القاضي أن يكون مصدر شحنة النفط من حقول الجبسة في الحسكة، موضحاً أن مصادر رسمية أكدت أن نوعية النفط من " الحامضي الثقيل"، وهي النوعية التي تُشتهر بها حقول الجبسة في الحسكة.
من مناطق قسد؟
وعلى حد تأكيد معاون مدير الإدارة العامة للنفط والغاز رياض جوباسي، فإن الشحنة المُصدرة لها أهمية كبيرة بالتحقق من جهوزية خطوط النقل والخزانات وتيرميناز المصب البحري، لما ستتبعه لاحقاً من عمليات مماثلة، ويعني ذلك أن الشحنة لن تكون الأخيرة، ما يُعطي انطباعا بأن الشحنة مصدرها "قسد"، وأن الحكومة السورية توصلت إلى اتفاق مع "قسد" على ملف النفط.
لكن المحلل السياسي فواز المفلح من الحسكة يستبعد ذلك في حديثه
لـ"عربي21"، ويشير إلى أن ملف النفط كان سيُبحث في جولة المفاوضات التي كانت مقررة في باريس بين دمشق و"قسد" الشهر الماضي، ويوضح أن الحكومة السورية تراجعت عن حضور الجولة، وطلبت نقل مكان انعقادها إلى دمشق، ما يؤكد من وجهة نظره أن الشحنة ليست من مناطق "قسد"، ويلفت المفلح إلى الاتفاق على تزويد دمشق بالنفط من مناطق "قسد" بكميات قليلة عبر الصهاريج، وقال: "الأرجح أن الكميات التي تصل دمشق لا تكفي الحاجة المحلية".
بقايا شركة "القاطرجي"
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقال إن الشحنة المصدرة ليست جديدة وإنما هي بقايا النفط في مصب طرطوس الذي كان من مخلفات النفط المورد من المناطق الشرقية لصالح شركة القاطرجي، وهي الشركة التي كانت تدير تجارة النفط في زمن النظام البائد، وتابع المرصد، بأن على وزارة النفط السورية توضيح مواصفات النفط الذي تم تصديره، ونسبة الأملاح والشوائب وتفاصيل التعاقد والسعر المنخفض للتصدير.
وتُقدر حاجة سوريا اليومية من النفط عند حدود 300 ألف برميل، في حين أن معدل إنتاج الحقول التي تسيطر عليها الدولة السورية لا يتجاوز الـ30 ألف برميل، ما يجعل سوريا غير قادرة على تصدير النفط، إلا في حال استعادت السيطرة على الحقول في مناطق شمالي شرق سوريا الخاضعة لسيطرة "قسد".