نشرت وكالة "
أسوشيتد برس" الأمريكية سلسلة من آخر الصور التي التقطتها مراسلتها المستقلة داخل قطاع
غزة، مريم أبو دقة، قبل أن تُستشهد في الهجوم المزدوج الذي استهدف مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، الإثنين الماضي.
وتُظهر الصور التي التقطت من داخل
مجمع ناصر الطبي، حجم المعاناة الإنسانية التي تعيشها غزة تحت القصف المتواصل، وتذكّر –بحسب الوكالة– بالعمل الجوهري الذي تؤديه أبو دقة إلى جانب العشرات من
الصحفيين الفلسطينيين الذين يخاطرون بحياتهم يومياً لنقل ما يجري على الأرض إلى العالم.
لكن خطوة الوكالة جاءت بعد موجة غضب وانتقادات لاذعة اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، إثر تجاهلها ذكر اسم الصحفية في خبرها العاجل الذي بثّته على منصة "إكس"، مكتفية بالإشارة إليها بأنها "صحفية مستقلة عملت مع الوكالة"، رغم أنها قُتلت برفقة زملائها أثناء الاستهداف المباشر لمستشفى ناصر.
غضب على مواقع التواصل
أثارت صياغة الخبر ردود فعل غاضبة و جدلاً واسعاً بين الصحفيين والناشطين، الذين اعتبروا أن تغييب اسم الشهيدة مريم أبو دقة "إجحاف بحقها" و"طمس لتضحياتها"، خاصة أنها كانت تعمل مع الوكالة منذ سنوات إلى جانب تعاونها مع مؤسسات إعلامية عربية ودولية، من بينها "إندبندنت عربية".
وكتب عشرات النشطاء تعليقات غاضبة على منشور الوكالة، معتبرين أن "حذف الاسم" لا يقل خطورة عن التعتيم على جرائم الاحتلال بحق الصحفيين في غزة، وأن الوكالة "فشلت في تكريم من ضحت بحياتها لنقل الحقيقة".
مريم أبو دقة.. سيرة مهنية وشهادة
الصحفية مريم أبو دقة، ابنة مدينة خان يونس، عملت مصورة ميدانية وصحفية حرة، وبرزت بتغطياتها للحرب منذ بدايتها، إذ عُرفت بشجاعتها في نقل الصور والقصص الإنسانية من قلب المستشفيات ومناطق القصف.
واستشهدت أبو دقة الاثنين الماضي مع عدد من زملائها، بينهم مصور قناة "الجزيرة" محمد سلامة، في قصف مباشر نفذته طائرات الاحتلال على مجمع ناصر الطبي، ليرتفع عدد الصحفيين الذين استشهدوا في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 246 صحفياً، وفق إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي.
استهداف متكرر للصحفيين
ويأتي اغتيال أبو دقة وزملائها بعد أقل من شهر على جريمة مماثلة ارتكبها جيش الاحتلال في 10 آب/أغسطس الجاري، حين استهدف بشكل مباشر مجموعة من الصحفيين، بينهم خمسة يعملون في شبكة "الجزيرة".
وبحسب مؤسسات حقوقية، فإن استهداف الصحفيين في غزة لم يعد مجرد "نتيجة عرضية للقصف"، بل أصبح سياسة ممنهجة تهدف إلى إسكات الشهود على الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين.
الصحفيون.. في دائرة النار
منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في غزة، لم تقتصر هجمات الاحتلال على المدنيين والبنية التحتية، بل طالت بشكل مباشر العاملين في القطاعات الإنسانية، من أطباء ومسعفين إلى رجال دفاع مدني وصحفيين.
وأكدت تقارير أممية وأوروبية مراراً على ضرورة عدم استهداف هذه الفئات، لكن جيش الاحتلال واصل استهدافها، في انتهاك واضح للقوانين الدولية الإنسانية.
ويرى حقوقيون وصحفيون أن الإبادة المستمرة في غزة تقترن بمحاولة محو الحقيقة ومنعها من الوصول إلى العالم، عبر تصفية الصحفيين المحليين الذين يشكلون المصدر الرئيسي للصور والشهادات الميدانية.
ولم تقف الانتقادات الموجهة لوكالة "
أسوشيتد برس" عند حدود تضامن زملاء الشهيدة مريم أبو دقة، بل تعدت ذلك إلى تساؤلات حول معايير التغطية الإعلامية الغربية، التي غالباً ما تُغفل أسماء الصحفيين الفلسطينيين أو تقلل من شأن أدوارهم، مقارنة بتغطية مقتل صحفيين غربيين.