قال
مجرم الحرب نتنياهو: علينا إدخال الحدّ الأدنى من المساعدات إلى
غزة. فلماذا الحدّ
الأدنى؟!
المذكور
مجبرٌ لا بطل، والصور من القطاع عرّت الكيان حتى من ورقة التوت التي كانت تستر
العورات، وبدّدت ما أنتجته ماكينة الدعاية على مدى سنوات طويلة عن التحضّر
والإنسانية، وكيف أنهم نعاماتٌ تعيش في حديقة محاطة بالوحوش، فعلم العالم كله
الحقيقة عندما نطقت الصورة، فكانت أكثر تأثيرا من أي كلام!
وكانت
العورات التي تبدّت للناظرين، أكبر من أن تُتجاوز ولو من جانب الأوروبيين، فكانت
الإدانة من عدد من هذه الدول، بجانب دولٍ أخرى لم تتماهَ مع العدوان من أول يوم،
وكان لها موقفٌ رافضٌ لكل هذا الإجرام مثل إسبانيا، وقد تحركت فرنسا بالاعتراف
بالدولة الفلسطينية، وهددت كل من ألمانيا وبريطانيا بأن تحذو حذوها! وإن تواطأ
الرئيس الأمريكي، ظنّا منه أنه يستطيع أن يستر هذه العورات بطرف لسانه، فأقام
الدليل على نفسه بأنه يفتقد القدرة على التمييز، وهو يقول: لا أعتقد أن هناك
مجاعة
في غزة، والأمر ربما بسبب سوء تغذية؛ فحماس تسرق المساعدات!
لكن الرئيس الفرنسي ومن انضم إليه في وقت لاحق، يغسلون أيديهم من جريمة نتنياهو، ويعلنون براءتهم من تجويع سكان غزة، لإدراكهم أن الأمر لن يمرّ بسلام! وفي حقيقة الأمر، فالاعتراف بالدولة الفلسطينية بهذا الشكل ليس سوى إجراء رمزي لا قيمة له، ولن يرتّب أثرا مهمّا على مسار الأحداث. فالدولة ليست هدفا في حد ذاتها، لكنها اختراع لقطع الطريق أمام المقاومة، وهي حركة تحرر وطني.
هل
يُعقل أن يكون هذا اعتقاد الرئيس الأمريكي؟! وأين الاستخبارات الأمريكية من تقديم
الحقائق له، حتى لا يبدو كالأبله، أو عبيط القرية، فلا يجد غضاضة في القول إنه لا
يعتقد؟! وهل منصبه يسمح له بالاعتقاد فقط، أو بالوصول إلى الحقيقة، فيبني أحكامه
على الجزم واليقين، لا على الظن والتخمين؟!
لا
أحد ينكر، من كافة الأطراف، غير الرئيس الأمريكي أن الحصار محكم، وأن غزة تعاني
مجاعة حقيقية، ونتنياهو يعترف الآن بجريمته، ويقول إنه سيدخل الحدّ الأدنى من
المساعدات إلى غزة، دون أي حديث عن مساعدات سرقتها حماس! وكيف لأكبر دولة في
العالم، ولديها أكبر جهاز استخبارات، ألا تثبت هذه المسروقات بالصوت والصورة، ولو
عبر الأقمار الاصطناعية؟! فهل يرتدي الحمساويون "طاقية الإخفاء"؟!
وهم
الدولة الفلسطينية:
في
سياق تواطئه، أعلن الرئيس الأمريكي أنه لا قيمة لإعلان الرئيس الفرنسي الاعتراف
بالدولة الفلسطينية. وهذا صحيح، لكن الرئيس الفرنسي ومن انضم إليه في وقت لاحق،
يغسلون أيديهم من جريمة نتنياهو، ويعلنون براءتهم من تجويع سكان غزة، لإدراكهم أن
الأمر لن يمرّ بسلام!
وفي
حقيقة الأمر، فالاعتراف بالدولة الفلسطينية بهذا الشكل ليس سوى إجراء رمزي لا قيمة
له، ولن يرتّب أثرا مهمّا على مسار الأحداث. فالدولة ليست هدفا في حد ذاتها، لكنها
اختراع لقطع الطريق أمام المقاومة، وهي حركة تحرر وطني.
ولك
أن تتخيل لو أن نفوذ محمود عباس وقواته امتد إلى غزة، إنهم سيتحولون إلى أداة لقمع
المقاومة، كما يفعل حيث يوجد نفوذه المنقوص، وسيمتد أثر قواته لتكون رديفا لجيش
الاحتلال!
فالمهم
في إشارة الرئيس الفرنسي هو هذا الشعور بالجريمة التي تُرتكب في القطاع، وقد هزّت
الصور الضمير العالمي، ولم يؤب مع نتنياهو سوى ساكن البيت الأبيض الذي قال إنه لا
يعتقد أن هناك مجاعة في غزة، وكأنه لا يعيش على هذا الكوكب!
والصور
تمثّل فضيحة مكتملة الأركان لهذا الكيان ومن يحميه، والأمور لن تمرّ مرور الكرام،
فالعالم سيتعرض لفوضى عارمة إن استمر الحال على ما هو عليه. وكان إغلاق السفارات
المصرية في عدد من العواصم الغربية كاشفا عن غضبٍ شديد، وعن إبداعٍ في ردّ الفعل،
قد يتطور لما هو أبعد، ولن يقتصر على السفارات المصرية. فمن يدفع ثمن جنون
نتنياهو، الذي أخذ المنطقة أسيرة عنده، يُجَوِّع، ويقتل، ويضرب يمينا ويسارا،
وكأنه لا يقدر عليه أحد؟!
فهل
لا تقدّر أجهزة الاستخبارات عواقب الأمر، والقلوب المحترقة قد تتجاوز الخوف ليكون
ردّها دمارا لا يُصيبنّ الذين ظلموا خاصة؟!
باب
الضرورة والتهجير:
إن
رفض سياسة التجويع، وصل إلى تل أبيب، وشاهدنا مظاهرات هناك تندد بهذا الإجرام، لما
قد يتسبب في مخاطر يتعذر تداركها على الكيان وعلى الأشخاص
الإسرائيليين في العالم،
وقد بنوا سمعتهم على التعاطف الغربي معهم باعتبارهم ضحايا النازية في السابق،
والعرب الآن الذين يريدون أن يُغرقوا إسرائيل في البحر!
لدى نتنياهو سياسة بديلة، فإذا لم يستطع إجلاء غزة من السكان، فالبديل هو قتل هؤلاء السكان، من خلال حرب إبادة يُمارسها في عزّ الظهر، ومن لم يمت بالسلاح يمت من الجوع!
لا يدرك هذا الأخرق، أنه كما أن نقطة ضعف الكيان في الأسرى، فإن نقطة ضعف المقاومة في الشعب الفلسطيني، والذي يتعرض للاستهداف والتجويع. فماذا لو صارت غزة، خالية تماما من السكان؟
وهنا
كان قرار نتنياهو بالموافقة على إدخال المساعدات إلى غزة، ولكنها الضرورة التي
تُقدّر بقدرها، وقدرها هو الحدّ الأدنى. فلماذا لم ينتبه ساكن البيت الأبيض؟! إلا
أن هذا اعتراف بعدم إدخال الحدّ الأدنى من المساعدات قبل ذلك، وليس لأن حماس سرقت
المساعدات، أو لأن أهل غزة يعانون من سوء تغذية، نتيجة عدم احتواء طعامهم على
العناصر الغذائية الكاملة!
إن
نتنياهو، وهو يعلن عن البدء في إدخال المساعدات، إنما يقوم بمناورة لإدخال الغش
والتدليس على العالم، بإدخال الحدّ الأدنى، ثم يعود مرة أخرى إلى نفس السياسة.
فماذا يريد؟!
لقد
بنى مخططه على تهجير سكان غزة، لكن لا أحد يؤوب معه في المنطقة، ولا حتى من أعلن
في السابق أنه مع صفقة القرن، وبدأ حديث عن خيارات بديلة وصلت إلى التفكير في
توطينهم في إثيوبيا، تماما كما وصلت الفكرة القديمة إلى إقامة دولة فلسطينية في
العراق، بعد الرفض التام من جانب الحكومة المصرية في عهد ما قبل ثورة يوليو/ تموز
1952!
لم
يفقد نتنياهو وكذلك
ترامب الأمل تماما، لكن الدول العربية التي عليها العين، ترفض
قياداتها التهجير خوفا على العروش. لهذا كان هذا التمرد الذي نشاهده، وليس حبّا
وكرامة للقضية الفلسطينية، وليس هذا هو الموضوع.
فلدى
نتنياهو سياسة بديلة، فإذا لم يستطع إجلاء غزة من السكان، فالبديل هو قتل هؤلاء
السكان، من خلال حرب إبادة يُمارسها في عزّ الظهر، ومن لم يمت بالسلاح يمت من
الجوع!
لا
يدرك هذا الأخرق، أنه كما أن نقطة ضعف الكيان في الأسرى، فإن نقطة ضعف المقاومة في
الشعب الفلسطيني، والذي يتعرض للاستهداف والتجويع. فماذا لو صارت غزة، خالية تماما
من السكان؟!
إن
إسرائيل ستكون على موعد مع حرب لم تألفها من قبل، هي حرب العصابات، ونقطة قوتها في
سلاحها الجوي، فماذا لو كانت غزة فارغة وعلى مدى الشوف، ولا بد من المواجهة على
الأرض؟!
والأمر
لا يحتاج إلى تخمين، أو تحليل منطلق من الخيال، فقد شاهدنا في المناطق الخالية من
السكان انتصارا كبيرا للمقاومة، وقتلى وضحايا بالكوم من الجانب الإسرائيلي، ومن
خلال الأكمنة التي تُنصب لهم، ومفاجأتهم بتفجير المواقع التي يتمركزون فيها، وكأن
الأرض تنشق ليخرج المقاومون منها.
فماذا
لو لم تكن للمقاومة نقطة ضعف؟! فهل هذه حرب يمكن أن ينتصر فيها جيش الاحتلال؟!
وكأن
العد التنازلي قد بدأ!
سطور أخيرة:
كيف
لا يشعرون بالأزمة؟! كيف يذهبون إلى انتخابات مجلس الشيوخ بنفس الطريقة التي جرت
من قبل؟!
كيف
لا يدركون أن الأحوال الآن ليست كما كان عليه الحال من قبل؟!
لا
بأس، فمن قبل قال أبو العرّيف: "خلوهم بتسلوا".. فلماذا لم ترصد
التقارير حجم الغضب في الشارع، وصارت الدولة المصرية تعمل عند أحمد عز من أجل
تحقيق طموحه وجنوحه؟!
هل
يعلمون ولكنهم مسلوبو الإرادة؟!
هل
يعلمون ولكن إرادة الله ماضية؟!
كيف
مع هذه الأزمة، لا يزال هناك سلميّون رهن الاعتقال؟! ونقرأ أن الزميل الصحفي أحمد
سبيع لا يزال في السجن، وأن زوجته في الطريق لزيارته في محبسه، وأنها تسأل الله
التساهيل، وأن تكون زيارة ميسّرة؟!
هل
يُعقل أن يكون السير بنفس السياسات، وأن الزيارة حتى الزيارة، غير ميسّرة؟!
x.com/selimazouz1