أطلقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
بريطانيا صرخة إنذار غير مسبوقة بشأن الوضع الكارثي في قطاع
غزة، واصفة ما يجري
بأنه "فصل من فصول الإبادة الجماعية" التي تُمارس بدم بارد ضد شعب
محاصر، وسط صمت عالمي خانع، وتواطؤ جهات دولية.
وقالت المنظمة في بيان لها اليوم الاثنين، أرسلت
نسخة منه لـ "عربي21"، إن المجاعة المفروضة في غزة ليست نتيجة طبيعية أو
كارثة مناخية، بل سياسة متعمدة وممنهجة تهدف إلى إذلال شعب بأكمله، عبر الحرمان
القاتل من الغذاء والدواء، والقتل الميداني لمن يجرؤ على البحث عن لقمة عيش.
وأكدت المنظمة أن عدد ضحايا التجويع ارتفع
خلال اليومين الماضيين إلى 19 حالة وفاة، بينهم رضّع وأطفال قضوا نحبهم بسبب سوء
تغذية حاد وانعدام الرعاية، مشيرة إلى أن الضحايا لا يسقطون فقط بسبب القصف، بل
ينهارون من الإعياء في الشوارع قبل أن يُتركوا لمصيرهم في مستشفيات تفتقر لأبسط
مقومات الحياة.
ومن بين القصص الموجعة، ذكرت المنظمة وفاة: الطفلة رزان أبو زاهر (4
سنوات) التي أمضت حياتها كلها تحت الحصار، ثم فارقت الحياة بسبب سوء تغذية حاد في
مستشفى الشفاء. الرضيع يحيى النجار (4 أشهر) الذي أُدخل في حالة ضعف شديد وأسلم الروح
جائعًا.
ورصد التقرير واحدة من أخطر صور المأساة،
وهي ما يحدث في مراكز توزيع المساعدات التي تديرها مؤسسة "غزة الإنسانية GHF"، والتي أوكل
إليها الاحتلال الإسرائيلي ـ بدعم أمريكي ـ مسؤولية توزيع المساعدات بدلًا من
الأمم المتحدة.
ووصفت المنظمة هذه المراكز بأنها
"ساحات إعدام ميداني"، يتحوّل فيها مشهد البحث عن الطعام إلى جريمة
منظمة، حيث يُطلق الرصاص على الجوعى المتكدسين في طوابير ضيقة ومحاصرة.
وكشفت المنظمة عن أن عدد من قُتلوا أثناء
محاولاتهم الحصول على الغذاء بلغ منذ 27 مايو أكثر من 966 مدنيًا، بينهم عشرات
النساء والأطفال، بينهم 91 قتيلًا خلال اليومين الماضيين فقط.
وهاجمت المنظمة الدور الدولي الهزيل، معتبرة
أن فشل الأمم المتحدة في حماية النظام الإنساني العالمي، وسكوتها على تهميش
وكالاتها لصالح جهات متورطة في الانتهاكات، يمثل عارًا تاريخيًا.
واتهمت المنظمة الولايات المتحدة بدعم مباشر
لهذا المسار الدموي، معتبرة أنها: "لا تكتفي
بالصمت، بل توفر الغطاء العسكري والسياسي والمالي لما تفعله إسرائيل، بما في ذلك
عسكرة الغذاء وقتل المحتاجين إليه."
وختمت المنظمة بيانها بنداء إلى شعوب الجنوب
العالمي ودوله الحية، مثل جنوب إفريقيا، أيرلندا، تشيلي، والبرازيل، بعدم الاكتفاء
بالإدانات الأخلاقية، بل المبادرة إلى: سحب السفراء، تجميد العلاقات، التحرك القانوني والدبلوماسي لتشكيل جبهة
فاعلة لفك الحصار.
كما ناشدت النقابات والاتحادات الأكاديمية
والطلابية حول العالم، لممارسة ضغوط فعالة لإدخال المساعدات تحت إشراف أممي دون
شروط أو وسطاء عسكريين.
وطالبت المنظمة الدول الأعضاء في الجمعية
العامة للأمم المتحدة بعقد جلسة طارئة على حدود غزة في مدينة رفح المصرية بدلًا من
نيويورك، لتمرير قرارات إنقاذ فعلية بعد أن فشل مجلس الأمن مرارًا في وقف المجزرة
الجارية.
وقالت المنظمة في ختام بيانها إن بيانات
التنديد لم تعد كافية، وإن الواقع في غزة تجاوز كل خطوط التحذير الحمراء، مؤكدة أن: "الاستمرار في
تجاهل هذه الجريمة غير المسبوقة هو إعلان سقوط أخلاقي شامل للمجتمع الدولي."
والأحد، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في
غزة، ارتفاع عدد الضحايا من
الفلسطينيين الذين يحاولون الوصول للغذاء بمراكز
"المساعدات الأمريكية الإسرائيلية" إلى "995 شهيدا و6 آلاف و11
مصابا و45 مفقودا" منذ 27 مايو الماضي.
كما أعلنت وزارة الصحة بغزة، الأحد، أن
سياسة التجويع التي ترتكبها إسرائيل قتلت 86 فلسطينيا منهم 76 طفلا جراء سوء
التغذية.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في
اليوم نفسه، من أن القطاع أصبح على أعتاب "الموت الجماعي"، بعد أكثر من
140 يوما من إغلاق المعابر.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تهربت إسرائيل من
الاستمرار في تنفيذ اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، وأغلقت
معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود.
وتشن إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول
2023، حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري،
متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 200 ألف
فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة
إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
ومنذ 18 عاما تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو
1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع بلا مأوى بعد أن دمرت حرب
الإبادة مساكنهم.