كشفت مصادر خاصة لموقع "
ميدل إيست آي" البريطاني أن عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع
غزة طلبت من طرف ثالث، لم توضحه، الاستفسار من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "
حماس" عن مصير المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وبحسب المصادر، فقد أكدت حماس للوسيط أن الحركة "جادة" في التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب ويؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى، لكنها تواجه "مواقف إسرائيلية متعنتة".
ونقلت المصادر عن القيادي في الحركة قوله: "حماس أبدت مرونة كبيرة ومسؤولية إيجابية خلال جولات التفاوض، وتسعى لإنهاء الحرب والتوصل إلى ترتيبات تضمن التهدئة والاستقرار، لكن الاحتلال يصر على استمرار الحرب وتدمير قطاع غزة وتهجير سكانه وفرض معاناة إنسانية غير مسبوقة".
تعنت إسرائيلي مقابل مرونة فلسطينية
ووفق المعلومات، فقد أبلغت حماس الوسيط أنها التزمت بجميع بنود المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الثلاثي المرحلي، والذي انهار في آذار/مارس الماضي بعد أن استأنف الاحتلال الإسرائيلي القتال بشكل أحادي.
وقالت الحركة إن الاحتلال ارتكب "مئات الانتهاكات" لبنود الاتفاق، من بينها تجاوز القوات الإسرائيلية المناطق العازلة، وقتل المدنيين الفلسطينيين، ومنع دخول مواد إعادة الإعمار، والإبقاء على السيطرة في ممر فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر.
وأكدت حماس أنها رغم استئناف الاحتلال للحرب، فإنها تجاوبت مع مقترحات الوسطاء لإعادة تفعيل الهدنة، لكن الاحتلال الإسرائيلي "رفض تلك المبادرات وأصر على الإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين دون تقديم أي ضمانات بوقف الحرب"، بل وأعلن نيته مواصلة العدوان.
كما نقل الوسيط عن قيادة الحركة استياءها من الأسلوب الذي عاد به الاحتلال للحرب، واصفة إياه بأنه "أكثر وحشية وتدميرًا من السابق، مع ارتكاب مجازر يومية بحق السكان".
مبادرة أمريكية.. ورفض إسرائيلي
وأوضحت المصادر أن حماس أبلغت عائلات الأسرى عبر الوسيط بأنها قدمت عرضا صريحا بالإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل وقف الحرب، لكن الحكومة الإسرائيلية "رفضت العرض وفضّلت الحلول الجزئية، ما يعكس رغبتها في استمرار القتال وعدم اعتبار قضية الأسرى أولوية وطنية".
خلافات جوهرية في مفاوضات الدوحة
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار جمود المفاوضات غير المباشرة الجارية في الدوحة، حيث كشفت مصادر قريبة من الوفد الفلسطيني أن الخلافات ما تزال قائمة حول نقطتين أساسيتين من أصل أربع: الأولى تتعلق بمدى انسحاب الاحتلال من قطاع غزة خلال هدنة أولية مدتها 60 يوماً، والثانية تتصل بكيفية توزيع المساعدات الإنسانية.
وتقول المصادر إن الولايات المتحدة اقترحت تأجيل النقاش حول هاتين النقطتين، والتركيز بدلاً من ذلك على أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم الاحتلال الإسرائيلي مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين.
من جانبها، طلبت حماس تعديل ثلاثة بنود تتعلق بآليات إدخال المساعدات، وتموضع جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل القطاع، وضمانات بإنهاء الحرب فور انتهاء الهدنة.
إلا أن الاحتلال، بحسب المصادر، "أصر على الاحتفاظ بالسيطرة على نحو 36% من مساحة القطاع، والإبقاء على مئات آلاف النازحين دون السماح بعودتهم إلى منازلهم".
أرقام مفزعة عن الكارثة الإنسانية
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، شن الاحتلال الإسرائيلي حربا شعواء على قطاع غزة، تسببت في استشهاد أكثر من 58 ألف فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، وتشريد السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، في موجات نزوح متكررة.
كما أسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقل عن 1400 من العاملين في القطاع الصحي، و280 من موظفي الأمم المتحدة في أعلى حصيلة لضحايا المنظمة الأممية في تاريخها٬ إضافة إلى 228 صحفيًا، وهي أكبر حصيلة للصحفيين في نزاع واحد منذ بدء تسجيل البيانات بهذا الخصوص.
يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي لم ينجح سوى في إنقاذ ثمانية أسرى فقط خلال عمليات عسكرية عنيفة، أسفرت عن مئات الشهداء الفلسطينيين. وتُقدّر أعداد الأسرى الأحياء في غزة حالياً بنحو 20 أسيرًا، إضافة إلى ما يُعتقد أنه أكثر من 30 قتيلاً إسرائيلياً في الأسر.
وفي تصريح رسمي له الأحد الماضي، قال الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب إن "محادثات وقف إطلاق النار في غزة تسير بشكل جيد"، مكرراً تصريحات مشابهة أطلقها خلال زيارة
نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن، دون أن تظهر أي مؤشرات على اختراق حقيقي في المفاوضات.
في المقابل، تؤكد المعطيات الميدانية والدبلوماسية أن المفاوضات ما تزال عالقة، في ظل تصلب الموقف الإسرائيلي واستمرار المجازر اليومية في القطاع، فيما تصر حماس على أن "وقف الحرب الشامل هو الشرط الأساسي لأي صفقة تبادل محتملة".