صحافة دولية

هكذا هددت "إسرائيل" الجنائية الدولية.. محامي بريطاني لكريم خان: سيدمرونك

الولايات المتحدة فرضت عقوبات على الجنائية الدولية بعد مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت- الأناضول
كشف تقرير لموقع "ميدل إيست آي" عن تهديدات تلقاها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان من دولة الاحتلال بسبب مذكرات الاعتقال التي أصدرها ضد نتنياهو ووزير حربه السابق غالانت بالإضافة لعزمه استصدار مذكرات اعتقال جديدة وزراء آخرين بحكومة نتنياهو.

وتناول التقرير الذي أعده الصحفي البريطاني ديفيد هيرست وعمران ملا، مذكرة رسمية لاجتماع جرى في أيار/ مايو الماضي، بين خان والمحامي البريطاني–الإسرائيلي نيكولاس كوفمان، الذي يرتبط بمستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ووفقا للمذكرة فقد قدم كوفمان اقتراحا بمثابة التهديد يقضي يقضي بإعادة تصنيف مذكرات التوقيف الصادرة بحق نتنياهو وغالانت كمعلومات سرية، بهدف تمكين الاحتلال من الاطلاع على تفاصيل الاتهامات والطعن بها سرا.

ونقل التقرير عن كوفمان إقراره بأنه تحدث مع المستشار القانوني لنتنياهو، روي شوندورف، قبل اللقاء، ونقل لخان مضمونا يفيد بوجود تحذيرات جدية، قائلاً له: "سوف يدمّرونك وسوف يدمّرون المحكمة".

وعلى الرغم من وجود المذكرة وشهادة زوجة خان، نفى كوفمان أن يكون قد هدّد خان أو تصرّف نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه أقرّ "الاقتراحات"، وبأن إصدار مذكرات توقيف جديدة ضد شخصيات إسرائيلية متطرفة قد يؤدي إلى تصعيد العقوبات الأميركية، ما يُهدّد مستقبل المحكمة.

وفيما يلي نص التقرير:
تلقى المدعي العام البريطاني للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، في مايو الماضي تحذيرا مفاده أنه في حال عدم سحب مذكرات التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، فإنه ومعه المحكمة “سيتم تدميرهما”.

تم إيصال هذا التحذير إلى خان من قبل نيكولاس كوفمان، وهو محامي دفاع بريطاني-إسرائيلي ترافع أمام المحكمة، والذي أخبر خان بأنه تحدث مع المستشار القانوني لنتنياهو، وبحسب مذكرة رسمية للاجتماع تم إيداعها في ملفات المحكمة واطّلع عليها موقع “ميدل إيست آي”، فقد “تم تفويضه” لتقديم اقتراح يسمح لخان بـ”النزول من على الشجرة”، أي التراجع عن موقفه.

اقترح كوفمان على خان أن يقدّم طلبا للمحكمة لإعادة تصنيف مذكرات التوقيف والمعلومات المرتبطة بها على أنها “سرية”، الأمر الذي سيتيح لإسرائيل الاطلاع على تفاصيل الاتهامات – وهو ما لم يكن بإمكانها فعله في حينه – والطعن بها سراً دون الإعلان عن النتائج.

غير أن كوفمان حذّر من أنه إذا تبيّن أن خان يعتزم إصدار مذكرات توقيف إضافية بحق وزراء متطرفين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لدورهم في دعم المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، فإن “جميع الخيارات ستُسحب من الطاولة”.

قال كوفمان لخان: “لسوف يدمّرونك ولسوف يدمّرون المحكمة.”

وبحسب المذكرة، فقد حضر الاجتماع أيضاً زوجة خان، المحامية شايامالا ألاجندرا، وأكدا معا أن ما قيل كان تهديدا مباشرا.

صرح كوفمان لـموقع ”ميدل إيست آي” قائلا: “لا أنكر أنني أخبرت السيد خان بأن عليه البحث عن وسيلة للتراجع عن أخطائه. لست مخولا بتقديم أي اقتراحات نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، ولم أفعل ذلك.”

وأشار إلى أن مذكرات التوقيف الإضافية قد تؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات الأمريكية التي قد “تدمّر المحكمة”، وأضاف أن تبني “سياسة شمشون” – أي إسقاط كل شيء فوق المحكمة وموظفيها – لن يخدم الغاية التي تأسست المحكمة من أجلها.

قال كوفمان إنه أخبر خان بأنه يخشى من أن إصدار مذكرات توقيف إضافية قد يشجع على المزيد من العقوبات الأمريكية التي قد تهدد بتدمير المحكمة، وأن تبني سياسة مثل "شمشون" وأن إسقاط المحكمة بأسرها على رأسه وعلى رؤوس العاملين فيها لن يخدم الغرض الذي من أجله أوجدت المحكمة ابتداءً.

لم يستجب مكتب نتنياهو لطلبات وجهت له للتعليق على الموضوع.

في وقت الاجتماع، كان خان يواجه تحقيقا في ادعاءات بسوء السلوك الجنسي.

وبعد أسبوعين، تنحّى خان عن منصبه في إجازة مفتوحة حتى إشعار آخر، وذلك بعد نشر صحيفة “وول ستريت جورنال” لمزاعم جديدة وأكثر جدية حول ارتكابه اعتداءات جنسية.

وقد جاءت هذه التهم بعد محاولة فاشلة لعزل خان من منصبه  أثناء إجراء الأمم المتحدة تحقيقاً في تلك الادعاءات، بينما كان خان يستعد لطلب إصدار مذكرات توقيف ضد أعضاء آخرين في الحكومة الإسرائيلية.

إلا أن خان نفى بشكل قاطع جميع الادعاءات الموجهة ضده.

بإمكان موقع “ميدل إيست آي” الكشف بشكل حصري عن تفاصيل اجتماع خان مع كوفمان، الذي عقد في فندق “ديس إنديس” في لاهاي، العاصمة الهولندية التي تؤوي المحكمة الجنائية الدولية، بتاريخ 1 مايو / أيار 2025.

كوفمان محامي دفاع في المحكمة الجنائية الدولية ويمثل حاليا الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي المحتجز لدى المحكمة بتهم جرائم ضد الإنسانية بسبب آلاف الوفيات ضمن ما يُعرف بـ”حرب المخدرات”.

جاء الاجتماع بينما كان خان يواجه ضغطا متزايدا على خلفية تحقيقاته في جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي أدت إلى إصدار مذكرات توقيف في نوفمبر / تشرين الثاني من عام 2024 ضد نتنياهو وغلانت.


الأفاعي في العشب
وفقاً للمذكرة، أرسل كوفمان رسالة نصية لخان في 26 إبريل / نيسان الساعة 10:48 مساءً يعرض عليه الاجتماع به والحديث معه حول  “رؤى تتعلق بالذهنية الإسرائيلية في ظل الإجراءات القضائية الراهنة”.

وقال كوفمان لخان إنه تلقى اتصالا من صحفي في “وول ستريت جورنال”، وأنه رفض التعاون، لكنه تحدث بإسهاب عن فلسطين، لأن الصحفي سمع أن كوفمان يقوم بشكل غير رسمي أو غير مباشر بتقديم النصح لغلانت.

قال كوفمان إنه لم يكن مهتما بمناقشة ”الادعاءات الفاضحة التي يثيرها الناس"، وأضاف إن من المحزن أنه اضطر "للتعامل مع الأفاعي التي في عشب مكتبك أنت.”


وقال إنه طلب اللقاء في الأسبوع التالي وأن خان وافق على ذلك.

وأضاف كوفمان في تصريح لموقع ميدل إيست آي أنه لا يقوم بنصح غالانت أو الإشارة عليه. وقال إنه تحدث مع مراسل الوول ستريت جورنال ولكنه قال له إنه لم يعلم شيئاً عن المزاعم بأن خان كان قد تحرش جنسياً بامرأة داخل مكتبه.

وأكد أنه أخبر خان بأنه غير مهتم بمناقشة المزاعم. وقال إنه قصد بعبارة "أفاعي في العشب" الناس الذين كانوا داخل المحكمة يتمازحون بشأن المزاعم والذين اعتبر سلوكهم فاضحاً.

وقال في تصريح لميدل إيست آي إنه عرض على خان اللقاء به "لأنه بوصفه محام إسرائيلي لدى المحكمة الجنائية الدولية، تعرض للصدمة بسبب هجوم السابع من أكتوبر، كان في وضع يؤهله لفهم الأمر"، ولأنه كان يعلم بأن خان تحت القصف بسبب التحقيق في الموضوع الفلسطيني.

 وقال: "كأصدقاء نعرف بعضنا منذ سنوات، شعرت أنه من حقي التعبير عن رأيي الشخصي في الملف الفلسطيني وفي القضية المرفوعة ضد المسؤولين الإسرائيليين، والتي شعرت أنها أضرت كثيرة بسمعة المحكمة."

في مساء الثلاثاء 29 أبريل / نيسان، أخبر كوفمان خان بأنه تحدث عصر ذلك اليوم مع روي شوندورف، المستشار القانوني لنتنياهو. وحسبما ورد في المذكرة، فقد وافق خان على الاجتماع معه على كوب من القهوة أثناء خروجه مع عائلته للنزهة.

وفعلاً التقوا بمعية زوجة خان، شيامالا ألاجندرا، عند الساعة 6:30 مساءً من يوم الخميس في فندق “ديس إنديس”.

وفقاً للمذكرة، قال كوفمان لخان إنه يعتبره صديقاً، رغم أنه لا يتفق مع نتنياهو، ولكنه مضى يقول إنه يرى أن خان كان يجب أن يبدأ بمشتبهين أقل مستوى، لأن اتهام نتنياهو وغلانت، كما قال، هو بمثابة اتهام لإسرائيل بأكملها.

وذكر كوفمان أنه كان على تواصل مع مستشار نتنياهو القانوني، شوندورف، وعلم أن خان قابله كذلك.

قال خان لكوفمان إنه ما كان ليؤكد أو ينكر عقده أي اجتماعات. فرد عليه كوفمان قائلاً: "أعلم أنك فعلت." ثم أكد كوفمان في حديث مع ميدل إيست آي أنه تحدث مع شوندروف.

وقال: "إن روي شوندروف، مثلي، محام إسرائيلي وعلى معرفة واسعة بشؤون المحكمة الجنائية الدولية. في الحقيقة، إنه واحد من حفنة من المحامين الإسرائيليين الذين يعرفون كيف تعمل المحكمة. نتحدث كثيراً عن المحكمة الجنائية الدولية وقد قلت له أنني سوف ألتقي بكريم خان."

لم يستجب شوندروف لطلب التعليق على الأمر.

ووفقا للمذكرة، فقد قدّم كوفمان اقتراحاً “قيل إنه مفوّض لتقديمه” – كسبيل، كما عبر عن ذلك، لتمكين خان من "النزول عن الشجرة."

قال لخان إن عليه أن يعيد تصنيف مذكرات التوقيف والمعلومات المرتبطة بها حتى تصبح “سرية”.

فهذا، كما اقترح، من شأنه أن يتيح لإسرائيل الاطلاع على تفاصيل المزاعم، الأمر الذي لم يكن ممكناً حينذاك، ومن ثم تحديها سراً – دون الإعلان عن النتيجة على الملأ.

سأل كوفمان خان عمّا إذا كانت الأنباء صحيحة بأنه كان يعد طلبات توقيف جديدة بحق متهمين فيما يتعلق بالأوضاع في الضفة الغربية.

جرى الحديث قبل أن يرد الخبر بأن مكتب خان كان يعد للتقدم بمذكرات توقيف إضافية بحق الوزيرين اليمينيين المتصرفين بن غفير وبيزاليل سموتريتش بخصوص دعمهما للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.

لم يرد خان على سؤال كوفمان، بل سأل: “لماذا لا تفعّل إسرائيل مبدأ التكامل القضائي؟” والذي يقضي بالقيام بإجراء تحقيق في جرائم الحرب المزعومة في المحاكم المحلية.

وقال إن المدعي العام الإسرائيلي "يمكن بسهولة أن ينظر في ذلك."

قال كوفمان إن ذلك “مستحيل”، لكنه أخبره بأن من الممكن أن يكون هناك "إجراء غير جنائي وغير تحقيقاتي”، وأن خان بإمكانه أن يقدم الدليل المتوفر لديه إلى ذلك "الإجراء الإسرائيلي."

لكنه حذر من أن تلك الخيارات  “ستُسحب من الطاولة” إذا ما ثبت أن خان تقدم بطلب إصدار مذكرات توقيف جديدة.

ووفقاً للمذكرة، فقد أخبر كوفمان خان بأنه إذا لم يتم سحب المذكرات الحالية، أو إذا ما تقدم بطلب إصدار مذكرات جديدة، فإن ذلك سيؤدي إلى “تدميرك وتدمير المحكمة”.

توثق المذكرة أنه بعد انتهاء الاجتماع، قالت له زوجة خان، وهي أيضاً محامية: “كان هذا تهديداً واضحا”. فوافقها خان على ذلك.

قال كوفمان في تصريح لموقع ـ”ميدل إيست آي”: “لم يكن هناك أي تهديد على الإطلاق”.

وقال إنه لا يملك صلاحية تقديم أي مقترحات نيابة عن مكتب نتنياهو.

وقال: "ليس لدي صلاحية التقدم بأي عروض بحيث يتسنى لي سحبها من الطاولة. من الواضح أن السيد خان يظن أنني أقوى مما أنا عليه في الواقع."

وأكد كوفمان في تصريحه لموقع ميدل إيست آي بأنه اقترح على خان أنه يتوجب عليه إعادة تصنيف المذكرات كمعلومات سرية حتى تتمكن إسرائيل من الاعتراض على جوهر القضية.

وقال كوفمان إن خان كان “بوضوح خائفا من اتخاذ هذه الخطوة.  ولو كان واثقاً من أدلته لوافق على فعل ذلك”.

وقال كوفمان في حديثه مع موقع ميدل إيست آي إنه لم يقترح إن بإمكانه الإدلاء بشهادته "في إجراء غير جنائي ويغر تحقيقي" في إسرائيل، وقال إن هذا لا معنى له من الناحية القانونية.

وقال: “ما قلته هو أنه يجب على كريم خان الوثوق بأن المجتمع المدني الإسرائيلي سوف يناضل من أجل تحقيق العدالة في المحاكم المحلية”.

جرى اللقاء قبل أقل من أسبوعين من نشر صحيفة ذي وول ستريت جورنال المزاعم بأن خان متهم بالتحرش الجنسي.

حتى ذلك الوقت كانت المزاعم ضد خان تتعلق بالتحرش – بما في ذلك قيام خان "باللمس الجنسي" للشاكية، وبأنه وضع يده في جيب الشاكية والمطالبة بأن يسمح له بدخول حجرتها الفندقية في منتصف الليل.

ينفي خان جميع المزاعم. لا يعني ذلك القول إن ثمة ارتباط بين لقاء كوفمان وخان ونشر صحيفة ذي وول ستريت جورنال للمزاعم.


عقوبات وتهديدات
جاءت هذه التسريبات بشأن التحذيرات التي أوصلها كوفمان إلى خان بينما كان المدعي العام والمحكمة يواجهان ضغوطا غير مسبوقة من الولايات المتحدة بسبب التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة.

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خان في فبراير / شباط، وعلى أربعة قضاة في المحكمة في يونيو / حزيران بسبب دورهم في إصدار مذكرات توقيف ضد نتنياهو وغلانت.

وفي تصريح لقناة “كان” الإسرائيلية، وصف كوفمان فرض العقوبات على القضاة بأنه “رسالة تحذير إضافية” للمحكمة الجنائية الدولية، والذي قال إن الغاية منها أن تكون مصممة  للتشجيع على إسقاط مذكرات التوقيف ضد رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع السابق غلانت.

تزعم كثير من التقارير في وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية أن خان سعى لإصدار مذكرات التوقيف ضد نتنياهو وغلانت في 20 مايو / أيار 2024 من أجل استدرار الدعم ضمن سياق المزاعم ضده بارتكاب تحرش جنسي.  

زعمت صحيفة ذي وول ستريت جورنال في مقال افتتاحي يوم 16 مايو / أيار من هذا العام أن خان استخدم مذكرات التوقيف من أجل "صرف الأنظار عن سلوكه هو". ووصفت قضية المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو بأنها فاسدة.


ولكن في حقيقة الأمر، وكما نقل من قبل موقع “ميدل إيست آي”، فإن قرار المدعي العام التقدم بطلب مذكرات التوقيف تم قبل ستة أسابيع من ظهور تلك الادعاءات ضده في أواخر شهر إبريل / نيسان.

علم موقع ميدل إيست آي من مصادر متعددة أنه في 16 مارس / آذار من عام 2024 كان فريق المحامين والباحثين العاملين مع خان قد قرروا بأنهم سيكونون جاهزين لتقديم الطلبات بحلول نهاية أبريل / نيسان.

وفي 25 مارس/ آذار، أبلغ خان الإدارة الأمريكية بقراره، وأرسل يعلمهم بالمذكرات التي كان ينوي التقدم باستصدارها في نهاية إبريل / نيسان.

على مدى الشهرين التاليين تزايد الضغط الذي مورس على خان.

وفي 23 إبريل / نيسان هدد وزير الخارجية البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون عبر مكالمة هاتفية بوقف تمويل بلاده للمحكمة وبالانسحاب منها إذا مضت في إصدار المذكرات ضد الزعماء الإسرائيليين.

وكان موقع ميدل إيست آي قد كشف في الشهر الماضي عن تفاصيل المكالمة ، ووالتي قال فيها كاميرون لخان إن التقدم بطلب إصدار مذكرات التوقيف “سيكون كمن يُسقط قنبلة هيدروجينية”.

رفضت وزارة الخارجية البريطانية وكذلك رفض خان كلاهما التعليق على التقرير، بينما لم يرد كاميرون على العديد من الطلبات التي تقدم له بها موقع ميدل إيست آي للتعليق على الموضوع.

واجه خان المزيد من الضغط الوارد من مصادر أخرى.

ففي اجتماع افتراضي مع المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية في مايو / أيار، هدد السيناتور الأمريكي الجمهوري ليندسي غراهام بفرض العقوبات عليهم فيما لو مضى خان في التقدم بطلب لاستصدار مذكرات التوقيف، وذلك بحسب ما صرح به المحامي البريطاني أندرو كايلي، الذي أشرف على التحقيق الذي أجرته المحكمة الجنائية الدولية بشأن الأوضاع في فلسطين.

إلا أن هذه التهديدات لم تفت في عضد خان ولم تمنعه من التقدم بطلب لاستصدار المذكرات.

وفي 29 أبريل / نيسان من عام 2024، بعد أكثر من شهر من قرار التقدم بطلب استصدار المذكرات، ظهرت أول ادعاءات تحرش ضد خان من قبل إحدى الموظفات.

أُحيلت المزاعم إلى آلية الرقابة الداخلية يوم 3 مايو / أيار، ولكن التحقيق أغلق بعد ذلك بأيام بعد أن قالت المرأة إنها لا ترغب في التعاون معه.

وهذا يعني أنه عندما أعلن خان عن التقدم بطلب استصدار مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغلانت يوم 20 مايو / أيار، لم يكن هناك تحقيق رسمي ضده حينها.

بعد شهور، وتحديداً في أكتوبر / تشرين الأول، ومع تزايد التوقعات بأن قضاة المحكمة الجنائية الدولية كانوا على وشك إصدار مذكرات توقيف بحق الزعماء الإسرائيليين، بدأ حساب مجهول على نصة إكس ينشر تفاصيل عن مزاعم ضد خان بممارسة التحرش الجنسي.

وطبقاً لما ذكرته صحيفة “ذا وول ستريت جورنال”، فإن مصدراً مجهولاً بعث بمعلومات حول المزاعم إلى الصحفيين عبر رسالة إلكترونية تضمنت أرقام هواتف المرأة الشاكية وأحد مساعدي خان، توماس لينش، بجانب بكلمة “هواتف” بالعبرية.

ثم فتحت آلية الرقابة الداخلية تحقيقاً جديداً ما لبث أن أُغلق في مطلع شهر نوفمبر / تشرين الثاني.

تحقيقان فتحا في المزاعم ثم أغلقا، وحينها تم فتح تحقيق ثالث من قبل مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة، ولا يزال هذا التحقيق مستمراً.

ومنذ العقوبات الأمريكية، تم إلغاء تأشيرة خان وعُوقب أفراد أسرته، وجُمّدت حساباته المصرفية في بريطانيا.

رفض خان التعليق على ما ورد في هذا التقرير، ويواصل نفي جميع الادعاءات.

أما المحكمة الجنائية الدولية، فتجد نفسها في موقف محفوف بالمخاطر.

وفي تهديد جديد الأسبوع الماضي، قال المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية ريد روبنشتاين:
“جميع الخيارات تبقى مطروحة ما لم يتم سحب جميع مذكرات التوقيف وإنهاء التحقيق.”

كما فُرضت عقوبات أمريكية الأسبوع الماضي على فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بزعم “تواصلها المباشر مع المحكمة”.

ويحذّر خبراء قانونيون من أن العقوبات الأمريكية قد تشمل المحكمة كمؤسسة، ما قد يمنع البنوك وشركات البرمجيات من التعامل معها، وبالتالي شلّ قدرتها على العمل.