نشر موقع "
كاونتر بانش" تقريرًا يسلط الضوء على خطة
إسرائيل لإنشاء "مدينة إنسانية" في رفح لترحيل الفلسطينيين قسرًا كجزء من حملة إبادة جماعية مستمرة، محذرا من صمت المجتمع الدولي مع ضرورة التحرك الفوري لوقف هذا المخطط قبل فوات الأوان.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، إن "الحكومة الإسرائيلية قدّمت للتو واحدًا من أكثر مخططات الإبادة الجماعية وقاحة في الذاكرة الحديثة وإن لم يُتحرّك فورًا، فسيسمح العالم مجددًا بحدوث ذلك".
ونقل الموقع عن صحيفة "هآرتس"، أن وزير الحرب الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، يقترح إجبار نحو 600 ألف فلسطيني - وصولًا إلى تهجير سكان غـزّة بالكامل - على الانتقال إلى "مدينة إنسانية" محاطة بالأسوار تُقام على أنقاض رفح جنوب غـزّة.
وتشير الخطة إلى "فرز" السكان، وفصل من يُزعم انتماؤهم إلى حماس، ثم الضغط على المدنيين المتبقين رجالًا ونساءً وأطفالًا لمغادرة غـزّة "طوعًا" إلى بلد آخر، لم يُحدَّد أصلًا.
والهدف ليس إعادة التوطين بل المحو الكامل، وهو ما يعكس هدفًا قديمًا لدى قطاعات واسعة من الإسرائيليين، خصوصًا في اليمين، للسيطرة الكاملة على غـزّة وتطهيرها من الفلسطينيين.
وأشار الموقع إلى أن الأمم المتحدة قد حذّرت من أن الترحيل أو النقل القسري للسكان المدنيين في أرض محتلة محظور تمامًا بموجب القانون الإنساني الدولي ويُعد "تطهيرًا عرقيًا".
وأضاف الموقع أنه بينما تتوجه الأنظار إلى احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لا يُبدي كاتس أي اهتمام بالسلام بل يسعى إلى "حل نهائي"، تسريعًا للنكبة الثانية التي يشهدها العالم منذ عشرين شهرًا، حتى إنه صرّح بأن أعمال البناء ستبدأ خلال هدنة مدتها 60 يومًا.
وبيّن الموقع أنه بمجرد حشر الفلسطينيين في هذا المعسكر، فلن يُسمح لهم بمغادرته إلى أي جزء آخر من غـزّة، ولن يُسمح لهم بالعودة إلى ما تبقى من منازلهم وأحيائهم ومزارعهم ومدارسهم، ليظلّوا محاصرين داخل هذه المنطقة العسكرية، تحت مراقبة دائمة وتهديد السلاح حتى يتم ترتيب ترحيلهم.
وتساءل الموقع عن هذه المفارقة المؤلمة التي لا تُحتمل: الحكومة الإسرائيلية التي تأسست في أعقاب المحرقة النازية تبني اليوم معسكر اعتقال ضخمًا لسكان بأكملهم.
وأفاد الموقع بأنه على مدار العشرين شهرًا الماضية، كان العالم يشاهد بل ويساهم في معظم الأحيان في حملة إبادة جماعية في غـزّة، حيث استشهد أكثر من 55,000 فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.؛ وقصفت "إسرائيل" المستشفيات والمدارس ومخيّمات اللاجئين والمساجد، وسوّت أحياءً كاملة بالأرض باستخدام قوائم اغتيال تولّدها أنظمة الذكاء الاصطناعي. واغتالت الصحفيين، واستهدفت سيارات الإسعاف، ودمّرت المخابز وشبكات المياه.
وأوضح الموقع أن "إسرائيل" استخدمت الجوع كسلاح حرب، إذ منعت عمدًا شاحنات الإغاثة، وهاجمت القوافل، وأوصلت السكان إلى حافة الموت جوعًا. وفي تحوّل بالغ القسوة، أنشأت ما يُسمّى "مؤسسة غـزّة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وهو مخطط لتحويل المساعدات عبر طرق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية وتهميش دور الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ذات الخبرة. وما يُسمّى "نقاط توزيع" ليس إلا مصائد موت، حيث يُطلق النار على الناس اليائسين يومًا بعد يوم وهم يخاطرون بحياتهم من أجل لقمة خبز.
وأكد الموقع أن هذا التجويع المتعمّد ليس حادثًا عارضًا بل إستراتيجية ممنهجة، وشكل من أشكال العقاب الجماعي على نطاق نادر في العصر الحديث.
وقال الموقع: "لقد خذلنا أهل غـزّة مرة تلو الأخرى. خذلناهم حين أدرنا ظهورنا بينما كان الأطفال يُدفنون تحت الأنقاض، وخذلناهم حين سمحنا لأموال ضرائبنا بتمويل القنابل التي دمّرت مخيمات اللاجئين، وخذلناهم حين واصلنا الادعاء بوجود "خط أحمر" لا يمكن لإسرائيل تجاوزه. واليوم، يعلن كاتس صراحةً ما سيأتي: اعتقال جماعي وترحيل قسري. وإذا لم ننهض بكل ذرة من غضبنا وكرامتنا، فسوف نخفق من جديد".
ولفت إلى أن البنية التحتية لتنفيذ هذه الخطة تُبنى بالفعل؛ فنتنياهو وترامب يمارسان الضغوط على حكومات فاسدة في الجنوب العالمي لقبول المرحّلين. وهذه ليست مناورة تفاوضية لتحسين موقف إسرائيل في محادثات وقف إطلاق النار بل هي المرحلة التالية من إبادة جماعية تُرتكب حيّةً منذ قرابة عامين.
وطرح الموقع سؤالًا: ماذا يفعل المسؤولون في الحكومة الأميركية؟ لا يزالون يطلقون بيانات جوفاء عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، ولا يزالون يمدّونها بالسلاح، ويعرقلون المساءلة داخل الأمم المتحدة حتى وصل الأمر إلى معاقبة مسؤولين مثل المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي لمجرّد تجرّؤها على قول الحقيقة.
وذكر أن الرئيس ترامب كان يستطيع إيقاف هذا المخطط بوقف المساعدات العسكرية ودعم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ورفض التهجير القسري بوضوح، لكنه بدلاً من ذلك لا يزال يحلم بتحويل غـزّة إلى منتجع للأثرياء.
وتمضي المزيد من الحكومات العربية نحو التطبيع مع إسرائيل، وتعقد الصفقات مع مجرمي الحرب بينما يُترك إخوتهم يتضوّرون جوعًا ويُقصفون ويُهدَّدون بالنفي، "ما يجعل هناك سؤالًا ملحًّا: أين الغضب من القاهرة والرياض وعمّان؟ وأين الخطوط الحمراء؟".
وبينت أن النقطة المضيئة الوحيدة على الساحة الدولية هي مجموعة لاهاي، التي ستعقد اجتماعًا طارئًا في كولومبيا يومي 15 و16 تموز/ يوليو إذ انضمّ هذا التكتّل المتنامي من الدول إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية. وهذه الدول تتخذ موقفًا شجاعًا للدفاع عن القانون الدولي وحماية حياة الفلسطينيين، وكل دولة تدّعي إيمانها بالعدالة يجب أن تنضم إليهم فورًا.
ووفق الموقع؛ فيجب الضغط على كل عضو في الكونغرس الأمريكي بصوتٍ عالٍ وبلا هوادة كي يعلن موقفًا علنيًا واضحًا، فلا مزيد من العبارات الفضفاضة ولا مزيد من الاختباء خلف نصوص جوفاء. نحن نطالب بمعارضة علنية وفورية لخطة "المدينة الإنسانية" هذه، ووقف كامل للدعم العسكري لإسرائيل.
وفي الختام، شدد الموقع على أن هذا المخطط يُنفّذ بالفعل على الأرض وبغطاء دبلوماسي وبأموال ضرائب الأمريكيين، مؤكدة أنه لا موقف محايد ولا وقت للتردد: يجب التحرك فورًا لإيقاف الخطة وإنقاذ غـزّة قبل فوات الأوان.