ملفات وتقارير

الأمم المتحدة: احتجاز بشير العكرمي في تونس تعسفي ينتهك القانون الدولي

ذكر التقرير أن العكرمي تعرّض خلال فترة احتجازه للتعذيب عبر الحرمان من النوم، ومنع محاميه من زيارته، وتم التلاعب بإجراءات التحقيق لحرمانه من محاكمة عادلة.
أدان فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة استمرار اعتقال القاضي التونسي بشير العكرمي، معتبراً احتجازه "تعسفيًا" وينطوي على "انتهاكات جسيمة للقانون الدولي"، بما في ذلك الإخلال الجسيم بمعايير المحاكمة العادلة واستغلال المؤسسات القضائية لأغراض سياسية.

وأكدت الهيئة الأممية، في الرأي رقم 2/2025 الصادر في نيسان / أبريل الماضي، أن اعتقال العكرمي لا يستند إلى أي أساس قانوني، وأنه جرى في إطار حملة تستهدف القضاة المستقلين بعد قرارات الرئيس سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء وفرض السيطرة التنفيذية على السلطة القضائية.

وأعلنت الأمم المتحدة، ممثلة بفريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي، أن اعتقال القاضي التونسي البارز بشير العكرمي يدخل ضمن فئتي الاعتقال التعسفي من النوعين الأول والثالث، وفقًا لتصنيف الفريق، معتبرةً أن هذا الاعتقال يشكّل خرقًا صريحًا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

بشير العكرمي، القاضي الذي سبق له الإشراف على أهم القضايا المتعلقة بالإرهاب والفساد في تونس، كان قد تم إيقافه عن العمل عام 2021 عقب حملة رئاسية ضد عدد من القضاة. في يونيو 2022، صدر قرار رئاسي بعزله مع 56 قاضيًا آخرين، رغم أن القضاء التونسي (بغرفتيه الابتدائية والاستئنافية) قضى لاحقًا بإلغاء قرار العزل وأمر بإعادة القضاة المعزولين، إلا أن السلطة التنفيذية رفضت تطبيق الحكم.

في فبراير 2023، داهمت قوات من الشرطة منزل العكرمي وقامت باعتقاله دون مذكرة قضائية، ودون إعلامه بأسباب اعتقاله. ثم جرى تحويله لاحقًا إلى مستشفى الأمراض النفسية "الرازي"، دون قرار قضائي، وبناءً على تقرير من أطباء قيل إنهم عاينوه تحت ضغط أمني.

ورغم صدور قرارات سابقة بحفظ القضايا الموجهة ضده لعدم كفاية الأدلة، أعيد فتحها لاحقًا استنادًا إلى نفس الوقائع، في انتهاك واضح لمبدأ "عدم محاكمة الشخص مرتين على الجريمة نفسها" (non bis in idem)، بحسب تقرير الأمم المتحدة.

وذكر التقرير أن العكرمي تعرّض خلال فترة احتجازه للتعذيب عبر الحرمان من النوم، ومنع محاميه من زيارته، وتم التلاعب بإجراءات التحقيق لحرمانه من محاكمة عادلة.

واعتبر الفريق الأممي أن القضاء التونسي بات خاضعًا لسلطة الرئيس بعد حله المجلس الأعلى للقضاء وتعيينه مجلسًا مؤقتًا تابعًا له، ما يشكّل انهيارًا لاستقلالية القضاء ويؤثر بشكل مباشر على نزاهة المحاكمات الجارية.

ودعت الأمم المتحدة الحكومة التونسية إلى: الإفراج الفوري وغير المشروط عن القاضي العكرمي، ومنحه تعويضًا عادلاً على الضرر الذي لحق به، وفتح تحقيق مستقل في ظروف اعتقاله ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوقه، كما أحالت القضية إلى المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين لاتخاذ خطوات إضافية.