كشف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، جون
راتكليف، في إحاطة مغلقة للكونغرس، أن الضربات العسكرية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية في
إيران مؤخراً، قد ألحقت أضراراً "يصعب إصلاحها" ببرنامج طهران
النووي، في تأكيد رسمي على تقييم إدارة الرئيس دونالد
ترامب لنتائج العملية التي دعمها الاحتلال الإسرائيلي وامتدت لأكثر من عشرة أيام.
ووفقاً لما نقلته وسائل إعلام أمريكية، أوضح راتكليف أمام المشرعين أن الهجمات الجوية دمرت منشأة تحويل المعادن الوحيدة في إيران، والتي تُعد مكوناً محورياً في تصنيع نواة الأسلحة النووية، مضيفاً أن "التغلب على هذه الانتكاسة سيستغرق من طهران سنوات".
وقال راتكليف، الذي استند إلى ما وصفه بـ"معلومات استخباراتية موثوقة"، إن غالبية اليورانيوم الإيراني المخصب لا يزال مدفوناً في منشآت أُصيبت بشكل مباشر في مناطق أصفهان وفوردو. فيما أكّد أنّ: "الهجمات دمرت عدداً من المنشآت الحساسة التي تشكل العمود الفقري لبرنامج إيران النووي".
تأكيدات وتباينات في التقييم
جاءت تصريحات راتكليف في وقت تواجه فيه إدارة ترامب تساؤلات داخلية ودولية حول مدى فاعلية الضربات على الأرض، إذ أشار بعض المشرعين، خصوصاً من الحزب الديمقراطي، إلى تقييمات استخباراتية أولية تقلل من شأن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الإيرانية.
في السياق نفسه، أيّدت مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، ووزير الخارجية ماركو روبيو، تقييم "السي آي إيه"، مؤكدين أن العملية "أحدثت ضرراً استراتيجياً طويل الأمد"، وأن إيران لن تكون قادرة على استعادة قدراتها النووية في المدى المنظور.
من جهته، كان ترامب، قد صرّح خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، بأن "البرنامج النووي الإيراني قد مُحي بشكل لم يسبق له مثيل"، معتبراً أنّ: "ما جرى يمثل نهاية مؤقتة لطموحات إيران النووية".
طهران: الضربات لم تحقق أهدافها
في المقابل، لا تزال السلطات الإيرانية تتجنب الكشف عن تفاصيل دقيقة بشأن حجم الأضرار التي لحقت بمنشآتها، حيث اكتفى الرئيس الإيراني، مسعود
بزشكيان، بالقول إنّ: "العدوان الإسرائيلي-الأمريكي لم يحقق أهدافه"، دون الخوض في مزيد من الإيضاحات.
وتنقل وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول أمريكي لم يُكشف عن اسمه أن راتكليف أكد أيضاً في إحاطته أن الدفاعات الجوية الإيرانية تضرّرت خلال الهجوم، وأن الاحتلال الإسرائيلي بات "قادر الآن على إحباط أي جهود إيرانية لإعادة بناء برنامجها النووي".
يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي شن، في 13 حزيران/ يونيو الماضي، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، هجوماً واسعاً على مواقع عسكرية ونووية في إيران، استمر 12 يوماً، واستهدف أيضاً منشآت مدنية وقادة عسكريين وعلماء في مجال الذرة. فيما ردّت طهران بهجمات صاروخية وبالطائرات المسيرة على قواعد إسرائيلية ومراكز استخباراتية.
وفي 22 حزيران/ يونيو الماضي٬ شنت الولايات المتحدة ضربات إضافية على منشآت إيرانية، وأعلنت بعدها أنها "أنهت" قدرة إيران على مواصلة برنامجها النووي، وهو ما قابلته طهران بقصف قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، قبل أن تُعلن واشنطن في 24 من حزيران/ يونيو الماضي٬ التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
تقييم استخباراتي مخالف
وفيما تُصر واشنطن وتل أبيب على أن البرنامج النووي الإيراني "تعرض لشلل"، كشف تقرير مسرّب من وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) أن الضربات لم تؤد إلى تدمير البرنامج بالكامل، بل أخرته فقط لبضعة أشهر، وهو ما يثير تساؤلات حول أهداف العملية وحدود تأثيرها الاستراتيجي.
كما لفت التقرير إلى أن بعض القدرات الحيوية للبرنامج لا تزال قائمة، وأن إيران ربما ستلجأ إلى اعتماد أساليب جديدة لإعادة بناء بنيتها التحتية النووية في مواقع سرية أو تحت الأرض.