قالت صحيفة
فايننشال تايمز إن وقف إطلاق النار
بين الاحتلال وإيران، رغم أنه أوقف الانفجار الإقليمي، لكنه لم ينه التوترات أو
يضمن استقرار
الشرق الأوسط، بل كشف عن واقع سياسي معقد يواجهه كل من دونالد
ترامب
وبنيامين
نتنياهو في محاولتهما لإعادة تشكيل المنطقة.
ولفتت في تقرير ترجمته "عربي21" أن
الانفجارات التي هزت العاصمة القطرية الدوحة مؤخرا أوحت في البداية بأن أسوأ
سيناريو إقليمي قد تحقق، غير أن الرد
الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية كان
محدودا ومدروسا، وأتاح لترامب إعلان وقف إطلاق نار هش بين الجانبين.
لكن هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال
ساعات لم ينه النزاع، بل كشف أن المنطقة لا تزال تقف على حافة الانفجار.
وقالت الصحيفة: "أوساط إسرائيلية وإيرانية
عبرت عن استعدادها للرد على أي خرق، إسرائيل توعدت بالرد بقوة، فيما أعلنت طهران
أنها جاهزة للرد بأصابع على الزناد". أما مايكل وحيد حنا من مجموعة الأزمات
الدولية فاعتبر أن "الوضع الحالي أفضل من سيناريو التصعيد الشامل، لكنه لا
يزال محفوفا بالمخاطر".
وأشار إلى غياب اتفاق واضح لمتابعة وقف إطلاق
النار، ما يفتح الباب أمام جولات قادمة من الهجمات المتقطعة.
ورغم تضرر مواقع نووية إيرانية خلال القصف، إلا
أن إيران ما زالت تمتلك مخزونا يقدر بنحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، وهو
ما يبقي البرنامج النووي مصدر قلق دائم.
ووفقا للصحيفة فإن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط
في المواد النووية، بل في المعرفة والتكنولوجيا التي راكمتها طهران على مدار
السنوات.
ولفتت إلى أن دور ترامب سيكون حاسما، لا سيما
في ظل تردده بين دعم الاحتلال بلا قيد، والبحث عن تسوية جديدة مع إيران.
فقد سبق أن التقى بالرئيس السوري الجديد أحمد
الشرع، ورفع العقوبات عن دمشق، رغم معارضة الاحتلال لذلك. كما أنهى حملة عسكرية ضد
الحوثيين المدعومين من طهران، رغم استمرارهم في قصف الأراضي الإسرائيلية.
ولم تستبعد الصحيفة أن يسعى ترامب لمحاولة
جديدة للتفاوض حول برنامج إيران النووي، وهو ما قد يصطدم بعقبة رئيسية تتمثل في
رفض طهران التخلي عن تخصيب اليورانيوم محليا، وهو ما تعتبره خطا أحمر.
ورأت أن "هذا المأزق يعيد السؤال إلى
الواجهة، هل يقدم ترامب تنازلات لإيران؟ وهل تستطيع واشنطن كبح إسرائيل إذا قررت
توجيه ضربات جديدة؟".
الملف الفلسطيني كان أيضا حاضرا، ونقلت الصحيفة
عن مسؤولين عرب وغربيين أن "مفتاح استقرار المنطقة يكمن في حل النزاع مع
الفلسطينيين، لكن نتنياهو يرفض تقديم أي تنازلات في هذا السياق. وبدلا من ذلك،
اختار التصعيد منذ هجوم حماس في تشرين الأول ٢٠٢٣، ويواصل الهجوم على غزة منذ
عشرين شهرا دون انقطاع".
وفيما تفاخر نتنياهو بإنجازات عسكرية، نقلت
الصحيفة عن جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قوله إن "الكثير
من الإسرائيليين يعتقدون أن استمرار الحرب قدر لا مفر منه، وأن مفهوم السلام
الدائم أصبح وهما".
وحذر عوزي أراد، مستشار الأمن القومي
الإسرائيلي السابق، "من الثقة الزائدة لدى قادة إسرائيل بعد الإنجازات
الأخيرة، مشيرا إلى تشابه الوضع الحالي مع ما حدث قبيل حرب ١٩٧٣، عندما تجاهلت
إسرائيل تحذيرات جيرانها بعد انتصارها في ١٩٦٧".
وقال أراد، وهو من ضباط الموساد السابقين:
"ألاحظ بالفعل مظاهر الغطرسة. جميعنا لدينا نقاط ضعف، وإسرائيل ليست استثناء.
هذا بلد معقد، ويجب أن نتعلم من التاريخ".