طب وصحة

فتاة بريطانية ترفض علاج السرطان الكيميائي وتموت.. من وراء القرار؟

والدة الفتاة أنكرت وجود المرض نفسه ورفضت علاجها تقليديا- الأناضول
أثارت وفاة شابة بريطانية تدعى بالوما شميراني، 23 عامًا، موجة من الجدل والأسى في بريطانيا، بعدما كشفت هيئة الإذاعة البريطانية  "بي بي سى"  عن أن الشابة رفضت العلاج الكيميائي الفعال لسرطان الغدد الليمفاوية تحت تأثير والدتها، كيت شميراني، وهي ممرضة سابقة معروفة بمواقفها المتطرفة ضد الطب التقليدي، وترويجها لنظريات المؤامرة والمعلومات الطبية الزائفة.

وشخّص الأطباء بالوما، التي درست في جامعة كامبريدج، بسرطان الغدد الليمفاوية من النوع "هودجكين" عام 2021، وهو من أنواع السرطانات التي تعرف بارتفاع معدلات الشفاء عند اكتشافه مبكرًا.

وأكد الأطباء أن فرص تعافيها قد تصل إلى 80 بالمئة أو أكثر في حال التزمت بالعلاج الكيميائي.

لكن ما حدث كان صادما لعائلتها وللأطباء: إذ رفضت بالوما العلاج تماما، وقررت الاعتماد على علاج بديل يعرف باسم "علاج غيرسون" (Gerson Therapy)، وهو نظام غذائي غير مثبت علميا يعتمد على تناول العصائر بشكل مكثف و"حقن القهوة"، وسبق أن حذر منه أطباء في عدة دول لافتقاره لأي دليل على فعاليته.

العائلة منقسمة: الأم روجت للوهم

في تحقيق تلفزيوني مؤثر بثته شاشة الـ "بي بي سي" يوم، تحدث شقيقا بالوما — غابرييل وسيباستيان شميراني — بشكل علني للمرة الأولى، محملين والدتهما المسؤولية المباشرة عن وفاة شقيقتهما.

قال غابرييل: "أختي توفيت بسبب معتقدات والدتنا، وبسبب البيئة السامة من المعلومات المضللة التي نشأنا فيها. والدتي أقنعتها أن الأطباء لا يريدون علاجها، بل قتلها".

وأوضح أن والدتهم أقنعت بالوما بأن العلاج الكيميائي "سم" وأن الأطباء يعملون لصالح شركات أدوية كبرى ضمن "مؤامرة"، وهو ما جعلها ترفض العلاج حتى اللحظات الأخيرة.

كما أضاف سيباستيان أن والدتهم كانت تغذيهم منذ الصغر بنظريات غريبة، مثل أن "الواي فاي سام"، و"البشر سحالي متحولة"، و"لقاحات الأطفال تسبب التوحد"، وغيرها من المعتقدات التي وصفها بأنها "جنون كامل".

من هي كيت شميراني؟
كيت شميراني كانت تعمل ممرضة مسجلة، لكنها شطبت من سجل التمريض البريطاني في عام 2020 بعد سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل، خاصة خلال جائحة كورونا، حيث نشرت مقاطع فيديو ومحتوى على الإنترنت تهاجم فيه الأطباء والمستشفيات، وتدّعي أن لقاحات كوفيد-19 تحتوي على "مواد سامة ومميتة".

كما أنكرت وجود الفيروس نفسه، ووصفت المصابين به بأنهم ضحايا مؤامرة عالمية.

ورفعت ضدها عدة شكاوى، وتمت إدانتها أخلاقيًا من قبل مجلس التمريض والقبالة البريطاني، الذي اعتبر أن تصريحاتها "تشكّل خطرًا على الصحة العامة".

وفاة بالوما تفتح نقاشًا واسعًا في بريطانيا
وأثارت القضية نقاشًا كبيرًا حول خطورة المعلومات الطبية المضللة المنتشرة على الإنترنت، ودور منصات التواصل الاجتماعي في تسهيل انتشارها. وأشارت الـ "بي بي سي" إلى أن كيت شميراني لا تزال تملك جمهورًا واسعًا عبر الإنترنت، رغم حظر حساباتها عدة مرات.

كما كشفت التحقيقات أن بالوما لم تذهب للمستشفى إلا في اللحظات الأخيرة، عندما كان السرطان قد تفشى بالكامل، وفشل الأطباء في إنقاذها.

ومن المتوقع أن تعقد جلسة تحقيق رسمي في وفاتها في الشهر المقبل، حيث ستُراجع الأدلة الطبية، والرسائل المتبادلة، وتأثيرات الأم على قرارات ابنتها الصحية.

شقيقاها يطالبان بوقف الكارثة القادمة

في ختام التحقيق، وجه غابرييل وسيباستيان نداءً عامًا للسلطات ولمنصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بوقف انتشار محتوى والدتهم ومن يشبهها، محذرين من أن "هناك ضحايا آخرين في الطريق".

قال غابرييل: "نحن لا نحاول إسكات أحد... نحن نحاول فقط إنقاذ الأرواح. ما حدث لأختي يمكن أن يحدث لآخرين إذا لم نتحرك".