نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" مقالا
للناشرة السابقة للصحيفة، كارين إليوت هاوس، قالت فيه إن الرئيس
ترامب سيُضطر قريبا
إلى اتخاذ قرار بشأن مستقبل البرنامج
النووي الإيراني، بعد أسابيع من المحادثات
غير المباشرة.
وترى هاوس أن الخيار المقنع الوحيد هو تفكيكه. ويمكن تحقيق
ذلك من خلال الدبلوماسية، وهو أمر مستبعد للغاية، أو باستخدام القوة، ما سيعرض كلا
من "إسرائيل" والسعودية، شريكتي الولايات المتحدة الرئيسيتين في الشرق
الأوسط، للخطر، وتدمير مصداقية ترامب أمام العالم.
وقد أصر الرئيس بشدة -وبشكل متكرر- على أنه لن يقبل
بأقل من "التفكيك الكامل" للبرنامج النووي الإيراني. لكن الملالي في
طهران لن يوافقوا على ذلك أبدا. لقد رأوا ما حدث لأوكرانيا وليبيا بعد تخلّيهم عن
طموحاتهم النووية. ويعتقدون أن تخصيب اليورانيوم لمفاعلاتهم النووية حق وطني.
وتزعم الكاتبة أن هدف الملالي الحقيقي ليس توليد
الكهرباء، بل القدرة على إنتاج مواد لصنع قنبلة نووية.
ويشعر شركاء أمريكا بالتوتر. فهل سيفي ترامب بوعده
ويحصل على "تفكيك كامل" بالقوة؟ هل هذه المحادثات التي يقودها ستيف ويتكوف،
وهو صديق رئاسي في رياضة الغولف ولا يملك خبرة دبلوماسية، مجرد خدعة لتصوير الرئيس
كصانع سلام صبور قبل دعم ضربة إسرائيلية على إيران؟ أم أن ترامب متلهف حقا للتوصل إلى اتفاق لدرجة أنه
سيقبل بشيء أشبه بـ"أسوأ اتفاق في التاريخ"، الذي وقعه الرئيس أوباما
عام 2015؟ يتحد القادة السعوديون والإسرائيليون في خوفهم من أن يكون الخيار الأخير.
ومع توجه الرئيس إلى السعودية هذا الأسبوع، لا بد أن
مضيفه، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يشعر بالفخ. إذا وافق ترامب على اتفاق سيئ يسمح لإيران بتطوير أسلحة
نووية، فيمكن للملالي زعزعة استقرار السعودية بمهاجمة منشآتها النفطية والعديد من
مشاريع التطوير باهظة التكلفة، مختبئين وراء حماية قدراتهم النووية. بدلا من ذلك،
إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ووافق ترامب
على ضربة إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية والبنية التحتية الرئيسية
الأخرى، فمن شبه المؤكد أن المملكة ستكون الهدف الأول للانتقام من طهران.
حذر وزير الدفاع الإيراني في 4 أيار/ مايو من أنه
"إذا بدأت الحرب من قبل الولايات المتحدة أو "إسرائيل"، فإن إيران
ستضرب مصالحهما وقواعدهما وقواتهما أينما كانت ومتى دعت الحاجة".
لدى الولايات المتحدة العديد من القواعد الجوية في السعودية
التي ستكون أهدافا. وبشكل أكثر تحديدا، حذرت إيران السعودية من السماح لإسرائيل
باستخدام مجالها الجوي لشن هجوم على إيران، مهددة برد انتقامي مدمر. وللتأكد من
رهاناته، أرسل ولي العهد مؤخرا شقيقه، وزير الدفاع خالد بن سلمان، للقاء آية الله
علي خامنئي شخصيا في طهران، وهو أول مسؤول سعودي يفعل ذلك منذ ما يقرب من 20 عاما.
أثار ترامب
مؤخرا غضب إيران بتعهده بفرض عقوبات ثانوية على الدول التي تشتري نفطها. ورغم
العقوبات الأمريكية، تمكنت طهران من بيع 1.7 مليون برميل من النفط يوميا، معظمها
للصين. تربح الصين بتأمين النفط بخصم كبير، بينما تربح إيران بحصولها على شريان
حياة من العملة الصعبة لاقتصادها المدمر.
ستكون الصين الخاسر الأكبر إذا ضُربت المنشآت النووية
والنفطية الإيرانية في الأشهر المقبلة. وبينما تواجه بكين رسوم ترامب الجمركية، فإنها لا تحتاج أيضا إلى
ارتفاع أسعار النفط. لكن ارتفاع أسعار النفط سيفيد السعودية، التي تحتاج خططها
التنموية الباهظة إلى سعر برميل نفط يبلغ 100 دولار لتجنب عجز الموازنة. كما
سيستفيد منتجو النفط الصخري الأمريكيون، حيث تبلغ تكلفة إنتاجهم حوالي 65 دولارا
للبرميل، بينما تقترب أسعار النفط من 60 دولارا.
تزعم الكاتبة أن الحكومة في إيران لم تتخل عن هدفها
المتمثل في القضاء على النظام الملكي السعودي والسيطرة على نفطها والأماكن المقدسة
الإسلامية. إن طموح الجمهورية الإسلامية الطويل لتدمير كل من أمريكا، المعروفة
أيضا باسم الشيطان الأكبر، وإسرائيل، المعروفة أيضا باسم الشيطان الأصغر، لا يزال
حيا. ولا تزال قوة القدس التابعة لها جماعة إرهابية نشطة.
لكن الملالي لم يكونوا أضعف من أي وقت مضى. ففي
الداخل، يتزايد السخط العام مع تدهور الاقتصاد. ويعيش حوالي 30% من الإيرانيين في
فقر. وفي الخارج، تم إضعاف أو تدمير وكلائهم في غزة ولبنان واليمن وسوريا خلال
العام الماضي. والأهم من ذلك، أن الهجمات الانتقامية المدمرة التي شنتها "إسرائيل"
قد أدت إلى تدهور كبير في الدفاعات الجوية الإيرانية، مما جعل البلاد عرضة لضربات
إسرائيلية مستقبلية.
لكن "إسرائيل" مترددة في استهداف المنشآت
النووية الإيرانية دون موافقة الولايات المتحدة وتفتقر إلى القدرة على النجاح
الكامل دون أحدث القنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات.
الآن هو الوقت المناسب لضربة أمريكية إسرائيلية
لتدمير القدرة النووية الإيرانية. لقد قامت طهران بتخصيب اليورانيوم بما يفوق
بكثير المستوى اللازم لإنتاج الطاقة من مفاعلاتها، وأزالت معدات المراقبة من منشآت
تخصيب وإنتاج اليورانيوم، وتوقفت عن السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش
مخزوناتها من اليورانيوم. تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران الآن
قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة نووية في أقل من
أسبوع.
سيبلغ كل هذا ذروته بحلول تشرين الأول/ أكتوبر، عندما
ينتهي الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة
المتحدة والولايات المتحدة. تدرس الدول الأوروبية إعادة فرض العقوبات على إيران
بسبب انتهاكات الاتفاق. إذا حدث ذلك، تقول إيران إنها ستنسحب. بدون قيود دولية حتى
لو كانت اسمية، يمكن لإيران إنتاج قنبلة في غضون أسبوع. قد لا تنتظر حتى تشرين
الأول/ أكتوبر.
إن تدمير القدرة النووية لإيران ينطوي على مخاطر،
ويريد ترامب تجنب الحرب. ولكن إذا كان
يعتقد أنه يمكن الوثوق بإيران لتنفيذ اتفاق جديد، فإنه لم يؤد واجبه المنزلي. إذا
رضِي بأي شيء أقل من التفكيك الكامل، فسيكون ذلك بمثابة الانسحاب المُخزي الذي قام
به جو بايدن من أفغانستان. ستُفقد الثقة في قيادته. لنأمل أن يكون ترامب جادا فيما يقوله: "إذا لم نحل
الأمر، فسيحدث لإيران أمورا سيئة للغاية".