ملفات وتقارير

محامون لـ"عربي21": يجب الضغط على السيسي دوليًّا للإفراج عن معتقلي الرأي

وثقت مؤسسات حقوقية حجم الانتهاكات داخل مقار الاحتجاز معلنة وفاة 1266 معتقلاً بين عام 2013 وحتى 2024 - الأناضول
وثقت مؤسسات حقوقية حجم الانتهاكات داخل مقار الاحتجاز معلنة وفاة 1266 معتقلاً بين عام 2013 وحتى 2024 - الأناضول
شارك الخبر
وجه محامون ونشطاء مصريون رسائل مفتوحة إلى رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، يطالبونه، مع نهاية العام الحالي وبداية العام الجديد إلى إغلاق ملف السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي.

وبين تلك الرسائل، خاطب المحامي طارق العوضي، السيسي، قائلًا: "ونحن نقترب من عام 2026، المصريون يتطلعون إلى لحظة عدل وإنصاف تُغلق بها صفحة مؤلمة طال أمدها"، مضيفًا عبر "فيسبوك": "نرجو أن ندخل العام الجديد ومصر بلا سجناء رأي، في خطوة تعكس المعنى الحقيقي للجمهورية الجديدة التي وعدتم بها".



وفي رسالته التي ضم إليها النيابة العامة المصرية ووزارة الداخلية، أكد عضو "لجنة العفو الرئاسي" التي شكلها السيسي، نيسان/ أبريل 2022، أن "وراء كل محبوس رأي، أسرة كاملة تدفع الثمن، أمهات يَعِشن على أبواب السجون، وزوجات يحملن العبء وحدهن، وأطفال يكبرون وهم محرومون من آبائهم"، وتابع مخاطبًا السيسي، إن "الإفراج عن سجناء الرأي ممن لم يتورطوا في عنف أو دماء أو تحريض عليه لن يكون تنازلا؛ بل قوة، ولن يكون ضعفا بل تصحيح مسار"، موضحًا أنه "قرار يعيد الدفء إلى بيوت أُغلقت قسرا، ويؤكد أن الأمن الحقيقي يبدأ من العدالة، لا من إطالة أمد الألم".



وقبل أيام طالبت منظمات: "افدي الدولية" ببلجيكا، و"جمعية ضحايا التعذيب" بجنيف، و"عدالة لحقوق الإنسان" بتركيا، و"تواصل لحقوق الإنسان" بهولندا، و"سيدار لحقوق الإنسان" بلبنان، و"صوت حر من أجل حقوق الإنسان" بباريس، و"الشهاب لحقوق الإنسان" بلندن، ومجلس "حقوق المصريين" بجنيف، و"الكرامة لحقوق الإنسان" بجنيف، و"التضامن لحقوق الإنسان"، بجنيف، و"هيومن رايتس مونيتور" بلندن، القاهرة باحترام التزاماتها بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

ووجهت نداءات عاجلة إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهيئات الضغط الإقليمية، للمطالبة بـ"الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيا وسجناء الرأي"، و"ضمان حماية المحتجزين من التعذيب وسوء المعاملة"، و"مكافحة التعذيب بكافة أشكاله".

"كفاية 12سنة ظلم"
وعبر هاشتاغ #الحرية_لكل_سجين_رأي، دعا الباحث والإعلامي خالد الأصور، لإطلاق سراح أسماء منها: يحيي حسين عبدالهادي، رفاعة الطهطاوي، عبدالمنعم أبوالفتوح، عصام سلطان، محمد القصاص، عبدالخالق فاروق، محمد سعد خطاب، إسماعيل الإسكندراني، وشريف الروبي، سيد صابر، شادي محمد، حمدي الزعيم، هاني صبحي، أشرف عمر، أحمد جيكا، محمد أكسجين، معاذ الشرقاوي، محمد عادل، محمد ثابت، أيمن موسى، جلال البحيري، حسيبة محسوب، هدى عبدالمنعم، نرمين حسين، مروة عرفة.



وطالب أيضا الحقوقي والإعلامي هيثم أبوخليل، بالحرية لكل المعتقلين السياسيين، وسجناء الرأي في مصر، قالًا: "كفاية 12 سنة ظلم".



وفي مطالبة سابقة، وقبل حلول شهر رمضان الماضي، مطلع آذار/ مارس الماضي، ناشد العوضي، السيسي، أن "يمد يده بالعفو والرحمة إلى الأسر المصرية التي تعيش على أمل اللقاء"، كما قال الإعلامي عمرو أديب: "سيحل رمضان، ولدي أمل بعودة الإفراج عن سجناء الرأي"، فيما طالب نقيب الصحفيين خالد البلشي، بالإفراج عن 25 صحفيًا قبل رمضان.

وفي شباط/ فبراير الماضي، وجهت "منظمة العفو الدولية"، ندائها للسلطات المصرية بأن تُفرج فورًا عن عشرات الذين اعتُقلوا تعسفا وجرت مقاضاتهم بتهم تتعلق بالإرهاب، لنشرهم محتوى على الإنترنت يدعو لإنهاء حكم السيسي.

ورغم أن السيسي، لم يستجيب للمطالبات السابقة التي أطلقها العوضي وغيره، ورغم عدم وجود أية مؤشرات على تغير وجهة نظر النظام الرافضة لغلق هذا الملف، إلا أن البعض ثمن المطالبة الجديدة، وأكد على ضرورة هذه المطالبات لإنعاش ملف المعتقلين وإنقاذهم من الموت البطيء.

واجب الوقت
المحامي المصري "م. ع"، يؤكد لـ"عربي21"، أن "هذه هي الأزمة الأكبر والأكثر قسوة على أكثر من 5 ملايين مصري هم أقارب 60 ألف معتقل مصري في سجون السيسي، منذ انقلاب العسكري 3 تموز/ يوليو 2013"، قائلا: "كل هذا العدد من الناس يتعذبون حرفيا لأكثر من 12 عاما، والأهالي فقدوا كل طاقتهم".

ويتوقع ألا تستجيب السلطات لأي من تلك المطالبات، ملمحًا إلى "استمرار حملات الاعتقالات ولو بوتيرة أقل من سنوات الانقلاب الأولى"، مشيرًا إلى "وجود أكثر من 1000 فتاة مصرية معتقلة في السجون الآن، وتشتيت أبناء المعتقلين، خوفا من اعتقالهم وتوقيفهم في الكمائن والقبض عليهم".

وختم يقول: "رغم أني أعلم أن دعوة العوضي، وغيره، لا تخص النسبة الأغلب من المعتقلين من تيار الإسلام السياسي وأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وأنه يعني فئة قليلة تنتمي لتيارات معارضة أخرى يسار وعلمانيين، إلا أن الاستمرار في الضغط بهذا الملف هو واجب الوقت".

شديدة الأهمية لثلاثة أسباب
وفي تعليقه على تلك المطالبات، يقول السياسي المصري محمد عماد صابر: "يعلم الجميع أن نظام السيسي، يعمل على إرهاب الشعب والمعارضة عبر خنق قضية المعتقلين وعدم الحديث عنها؛ بحيث يمثل بقاء المعارضين له في السجون سلاحا لتكميم الأفواه، وغلق المجال السياسي بالكامل، وتخويف المجتمع".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "لذلك تصبح مطالبة نظام القاهرة بالإفراج عن المعتقلين، والاستمرار في تلك المطالبات عبر كافة الوسائل داخل مصر وخارجها وفي شتى المحافل، شديدة الأهمية حتى لا تخمد حرارة القضية وتظل أزمة هؤلاء المعتقلين حية في الأذهان".

وتابع: "وثانيًا، فإن استمرار المطالبات بالإفراج عن المعتقلين وإحياء القضية بكافة الوسائل يمثل ضغطا دائمًا على أعصاب النظام أمام شركائه الإقليميين والدوليين وفي المحافل الدولية"، ويرى ثالثًا، أنه "يشير إلى دولة غير مستقرة، لا تملك قضاءًا عادلا، ولا جهازًا شرطيًا متوازنًا، وهذا يؤثر على خطط النظام بجذب الاستثمارات، ويؤثر على قطاع السياحة، فلا أحد يريد أن يغامر بأمواله في بلد فاسد مستبد"، وذهب للقول: "ولذلك ينبغي الاستمرار في تلك المطالبات بكافة الوسائل الممكنة ونشر ذلك إعلاميا وسياسيًا في الداخل والخارج".

4 مؤشرات على الرفض
وفي إجابته على السؤال: هل يقبل السيسي بمطالبات تصحيح المسار في ملف المعتقلين؟، قال الحقوقي المصري محمد زارع، إن "مطالبات الافراج عن المعتقلين وسجناء الرأي والمعتقلين السياسيين الذين لم يرتكبوا عنفا ولا دعوا له متتابعة منذ 12 عاما دون استجابة".

ولا يرى مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، في حديثه لـ"عربي21"، "وجود أي مؤشر لدى السلطة يقول باحتمال تصفية هذه الملفات، لأنه لو هناك نية سيسبقها تجهيز قوائم أو إسناد المسألة لجهات مساعدة مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان أو لجان خاصة لتقديم القوائم والمقترحات لرئاسة الجمهورية".

ويعتقد ثانيًا، أنه "مع عدم وجود مؤشرات تقول باحتمال وجود تحسن بهذا الملف، فإن رئيس الجمهورية ليس لديه ضغوط انتخابات قريبة وولايته تنتهي في 2030، حتى نقول إنه قد يقوم ببادرة إفراج عن المعتقلين وسجناء الرأي، ولذلك لا أرى أن الدولة لديها مقدمات حتى ننتظر منها نتائج".

وثالثًا، أكد أن "أصحاب تلك المبادرات نواياهم حسنة وأهدافهم إنسانية نبيلة أن يذكروا الدولة كل فترة بملف المعتقلين، لكن المسألة تتم طوال الوقت برعاية رئيس الدولة وهو يعلم جيدا ولا يتدخل، كما أن تلك المبادرات لا يعززها وجود أسباب قانونية يتم الاستناد عليها في مناشدة رئيس الجمهورية".

وأشار رابعا، إلى أن "الأوضاع الحقوقية الجديدة لا تشير إلى تحسن، فمن آن إلى آخر نجد استدعاءات واعتقالات وأحكام جديدة، آخرها استدعاء الكاتب عمار علي حسن، للتحقيق ببلاغ من أحد الوزراء والتحقيق معه 6 ساعات والخروج بكفالة، رغم اعتذار حسن، وحذف حديثه، ما يؤكد التضييق على حرية الرأي والتعبير"، وخلص للقول: "ولذلك، ومما سبق، أظن أنه لا يوجد بوادر -رغم أملنا أن تحدث- للإفراج عن مسجوني الرأي بقرار من رئيس الجمهورية".

مشهد حقوقي قاس
وتتواصل عمليات الاعتقال بحق ذوي المعتقلين التي طالت بشكل مفرط مؤخرًا النساء، في وقائع كانت آخرها فجر الثلاثاء الماضي، باعتقال الدكتورة شيرين شوقي أحمد، من ديرب نجم، بمحافظة الشرقية، وإيداعها سجن العاشر من رمضان، وهي زوجة المعتقل عبدالشافي عبدالحي.

وفي تقرير كاشف عن حجم ما يتعرض له المعتقلون السياسيون في مصر من انتهاكات ومخالفات للقانون وحقوق السجناء والإهمال الطبي والمنع من الرعاية الصحية رصدت منظمة "Human Rights Egypt"، عن حجم "نـزيف الأرواح في سجون مصر خلال عام 2025"، مؤكدة أن 54 روحا لمعتقل أُزهقت داخل السجون المصرية لأسباب بين الإهمال الطبي المتعمد، والتعذيب الوحشي.


ووثق "المنبر المصري لحقوق الإنسان"، ومؤسسة "لجنة العدالة"، حجم الانتهاكات داخل مقار الاحتجاز معلنا وفاة 1266 حالة بين عام 2013 وحتى 2024، بسبب الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز، و31450 انتهاكا بين 2020 حتى 2023، وكشفت "لجنة الدفاع عن سجناء الرأي"، عن إحالة نيابة أمن الدولة العليا 64 معتقلا في 2023 و2024، للمحاكمة، بتهمة التظاهر ضد حرب الإبادة الإسرائيلية الدموية على 2.4 مليون فلسطيني في غزة.



وبينما تواصل منظمات حقوقية رصد الانتهاكات بحق المُعتقلين بالمخالفة للدستور والقانون والمواثيق الدولية المرتبطة بملف حقوق الإنسان، ترصد الانتهاكات بحق المسجونين الجنائيين أيضا، حيث كشفت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، الأربعاء، عن الاعتداء البدني العنيف وممارسة تعذيب ممنهج بحق المحتجزين، داخل غرف الدواعي والتأديب بسجن "القطا الجديد" بالجيزة.

وفي المقابل، دافع تقرير "المجلس القومي لحقوق الإنسان" (حكومي) عن الملف الحقوقي المصري، ملمحًا إلى التوجهات الرئاسية أو عبر السياسات العامة والبرامج التنفيذية التي سعت إلى تحسين أوضاع المواطنين وتعزيز منظومة الحقوق والحريات.

ما دفع الحقوقي المصري حجاج نايل، لانتقاد التقرير متهما إياه بأنه تناسى أن "زنازين وسجون مصر تئن بالمرضي والعجزة وكبار السن والشباب الذي ذهبت أجمل سنوات العمر وهم سجناء رأي وضمير، وزوجاتهم وأمهاتهم وأطفالهم كالمشردين على أبواب السجون".



غضب شعبي وتحذير أوروبي
وتتفاقم حالة الغضب الشعبي، بسبب القمع الأمني الذي يعيشه المصريون والقيود المفروضة على الحريات والتعبير عن الرأي، إلى جانب تفاقم الأزمات الحياتية والمعيشية وزيادة معدلات الفقر وتراجع الدخول وسط قرارات حكومية متتابعة برفع أسعار السلع والخدمات وتقليص دعم الوقود والكهرباء وغيرها من السلع والخدمات الأساسية.

وقبل أيام بثت قناة "Arte"، (الفرنسية‑الألمانية)، فيلما وثائقيا، بعنوان: "السيسي: فرعون مصر الجديد"، لنحو 54 دقيقة من التحليل الصريح للواقع المصري تحت حكم السيسي، واضعًا السلطة المصرية في مرمى نقد حاد ومحذرا من انفجار شعبي محتمل في ظل حالة البذخ الشديد والمشروعات العملاقة وبين الفقر المدقع الذي يعاني منه الشعب.

ويرى مراقبون للمشهد الحقوقي المصري، أن تفاقم الغضب الشعبي بفعل الضغوط الأمنية أو الاقتصادية، وإصرار رأس النظام على ذات السياسيات، نذير خطر على نظام السيسي، مطالبينه على الأقل بغلق ملف المعتقلين السياسيين.
التعليقات (0)