كشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخميس، عن مقتل أكثر من ألف مدني سوداني خلال هجوم شنته قوات
الدعم السريع على مخيم
زمزم للنازحين، قرب مدينة
الفاشر، عاصمة ولاية شمال
دارفور، غربي
السودان، خلال شهر نيسان/أبريل الماضي، في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ اندلاع الحرب في البلاد عام 2023.
وقالت المفوضية، في تقرير مفصل، إن الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع بين 11 و13 نيسان/أبريل الماضي، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنيا، وسط توثيق واسع لانتهاكات جسيمة شملت مجازر جماعية، وعمليات اغتصاب وعنف جنسي، وتعذيب، وخطف، وإعدامات ميدانية خارج نطاق القانون.
إعدامات ميدانية وانتهاكات ممنهجة
وأوضح مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنه وثق إعدام 319 شخصا بإجراءات موجزة، في إشارة إلى عمليات قتل ميدانية نفذتها قوات الدعم السريع بحق مدنيين دون أي مسار قانوني.
وأضاف المكتب أنه، خلال الفترة الممتدة من 11 نيسان/أبريل إلى 20 أيار/مايو 2025، تم توثيق 66 حادثة عنف جنسي مرتبط بالنزاع، من بينها حالات اغتصاب جماعي، طالت ما لا يقل عن 104 ضحايا، هم 75 امرأة و26 فتاة و3 فتيان.
وأشار التقرير إلى أن المفوضية وثقت كذلك هجمات ضد المدنيين والأعيان المدنية، إضافة إلى هجمات عشوائية نفذت خلال اقتحام المخيم.
تفاصيل الهجوم على مخيم زمزم
وبحسب التقرير الأممي، فإن مئات من مقاتلي قوات الدعم السريع دخلوا مخيم زمزم في 11 نيسان/أبريل الماضي وهم يطلقون النار في الهواء وعلى المدنيين بشكل مباشر، قبل أن يقدموا على نهب السوق المحلي والإمدادات الطبية والوقود، وإحراق المنازل والسوق الرئيسي داخل المخيم.
وأضاف المكتب أن عناصر الدعم السريع نفذوا عمليات تفتيش منزلية بحثا عن عناصر من الجيش السوداني والقوات المشتركة، وكذلك عن زوجاتهم والمقاتلات، حيث جرى إعدام رجال ميدانيا واغتصاب النساء.
وفي 13 نيسان/أبريل الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مخيم زمزم للنازحين، الواقع على بعد نحو 12 كيلومترا من مدينة الفاشر.
اظهار أخبار متعلقة
دوافع عرقية وجرائم حرب محتملة
وأكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن أنماط الانتهاكات الموثقة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان تشير إلى أن العديد منها ارتكب بدوافع عرقية، حيث جرى استهداف مدنيين على أساس انتمائهم القبلي.
كما أفادت المفوضية بتوثيق عمليات قتل متعمدة للمدنيين وغيرهم من الأشخاص المحميين، بمن فيهم أطباء وعاملون في القطاع الصحي.
وشدد التقرير على أن هذه الأفعال تشكل جرائم حرب، مضيفا أنه إذا ثبت أنها ارتكبت ضمن هجوم واسع النطاق أو منظم ضد السكان المدنيين ووفق سياسة مؤسسية، فإنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وأكد المكتب الأممي وجود حاجة ملحة لمزيد من التحقيقات المستقلة لتحديد مدى الجرائم المرتكبة والمسؤوليات الجنائية الفردية وفق القانون الدولي.
“الدعم السريع” وسجل متكرر من المجازر
وحتى كتابة الخبر، لم يصدر أي تعليق رسمي من قوات الدعم السريع على التقرير الأممي، في وقت اعتادت فيه القوات نفي استهداف المدنيين، مع الإقرار أحيانا بحدوث ما تصفه بـ"تجاوزات فردية" من بعض عناصرها.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت، في 26 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، على مدينة الفاشر، وارتكبت، بحسب منظمات محلية ودولية، مجازر واسعة بحق المدنيين، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي فعلي للسودان.
اتساع رقعة القتال والنزوح الجماعي
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) منذ أسابيع اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف خلال الفترة الأخيرة.
ومنذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023، بسبب خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع حول دمج الأخيرة في المؤسسة العسكرية خلال المرحلة الانتقالية، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث قتل عشرات الآلاف، ونزح نحو 13 مليون شخص، وتفشت المجاعة في عدة مناطق.
وتسيطر قوات الدعم السريع على جميع ولايات دارفور الخمس غربي السودان، باستثناء أجزاء من شمال دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش، فيما يفرض الجيش نفوذه على معظم الولايات الـ13 المتبقية في الشمال والجنوب والشرق والوسط، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
ويشكل إقليم دارفور نحو خمس مساحة السودان البالغة أكثر من مليون و800 ألف كيلومتر مربع، إلا أن غالبية السكان البالغ عددهم نحو 50 مليون نسمة يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة الجيش.