في ظل استمرار التوترات الأمنية والعسكرية بين دولة الاحتلال وإيران، تواصل
طهران تجنيد مزيد من الجواسيس داخل دولة الاحتلال، في ظاهرة باتت متكررة، حيث تعمل أجهزة الاستخبارات
الإيرانية على استقطاب
إسرائيليين للتجسس لصالحها، كان آخرهم جندي يخدم في الخدمة العسكرية النظامية.
وكشف أريئيه إيغوزي، المراسل الأمني لموقع "
زمان إسرائيل"، أن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا تكشف جميع هؤلاء الجواسيس، ولذلك يجب أن تكون العقوبة قاسية للغاية، وإلا ستكون الأضرار جسيمة"، محذرا من أن ذلك يكشف استعداد إيران لجولة جديدة من القتال قد تشمل وابلًا من الصواريخ الباليستية.
وأوضح أن الإيرانيين يجندون جواسيسهم بشكل أساسي عبر التجنيد الجماعي عن بُعد، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، ومواقع "العمل من المنزل".
وأضاف، في مقال ترجمته "عربي21"، أن "جواسيس إيران في دولة الاحتلال يجندون باستخدام المال أو الدوافع الأيديولوجية، وأحيانا عبر الابتزاز، ثم يتم رفع مستوى المهام تدريجيا وصولا إلى التخريب ومحاولات الاغتيال"، مشيرا إلى أن هذه الشبكة تُدار من قبل الحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس، وأجهزة المخابرات الإيرانية، التي تعمل أيضا عبر شبكات إجرامية ووسطاء في الخارج.
اظهار أخبار متعلقة
وبيّن أن "هذه الشبكة تستخدم تطبيقات مثل تيليجرام وواتساب، وفيسبوك، وإنستغرام، إضافة إلى مواقع إعلانات وظائف ذات أجور مرتفعة، تجذب إسرائيليين من مختلف شرائح المجتمع، بمن فيهم العرب واليهود والعمال الأجانب والمهاجرون الجدد".
وأوضح إيغوزي أن "بعض الإحالات الأمنية الاستخباراتية الإيرانية تأتي عبر رجال أعمال، أو منظمات حقوقية، أو صحفيين، وأحيانا تمر عبر الجاليات اليهودية والإسرائيليين في الخارج"، لافتا إلى أن الوعد الأساسي يكون المال السهل، من مئات إلى آلاف الدولارات، مقابل مهام مثل تصوير منشآت، أو اختبار مستويات اليقظة، أو توزيع مواد دعائية، مع زيادة المبالغ المدفوعة كلما ارتفع مستوى المخاطرة.
وأكد أن "القائمين على هذه الشبكة يستغلون أحيانا مشاعر الحرمان أو الكراهية السياسية الداخلية لدى الأشخاص المستهدفين بالتجنيد"، موضحا أنه بعد انكشاف المجند وتنفيذ المهام المطلوبة منه، يتم جمع مواد تدينه واستخدامها للابتزاز، مع تهديده بالإبلاغ عنه لجهاز الأمن العام (الشاباك) في حال توقفه عن التعاون.
وبيّن أن المهام تبدأ بما يبدو بسيطا، مثل تصوير حدائق، وتقاطعات، ومكاتب حكومية من الخارج، ومواقف سيارات، أو فحص حقيبة أو غرض يُطلب تركه في الميدان، وإرسال صور أو مقاطع فيديو فورية للتحقق.
وأضاف أن "بعد إثبات انضباط الشخص، يتم رفع مستوى المهام إلى تتبع أشخاص، وتصوير منازل عناصر أمنية أو علماء أو أهداف أخرى، ووضع كاميرات أو أجهزة إرسال GPS على المركبات، وإنشاء مخابئ، غالبا للأموال أو المعدات، في الميدان"، مشددا على أن "حتى الشخص ذو معدل الذكاء الأساسي يجب أن يدرك ما يُقدم عليه، وبالتالي فإن ادعاءات عدم معرفة طبيعة ما يجري القيام به محض هراء".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أنه "في بعض الحالات، وبعد تنفيذ عدد من المهام، يختبر المشغّلون مدى استعداد الشخص للانتقال إلى التخريب والاغتيال، مثل إلقاء زجاجة مولوتوف، أو محاولة إيذاء عالم نووي إسرائيلي، أو البحث عن جنود محليين لتنفيذ عمليات قتل مأجورة".
وأكد إيغوزي أن "الفئات التي تستهدفها إيران كجواسيس محتملين هي في الغالب أشخاص لا يملكون خلفيات استخباراتية، مثل العاطلين عن العمل، والمدينين، والشباب الباحثين عن الإثارة، والمجرمين المحليين، وأحيانا مواطنين يحملون جنسية مزدوجة، أو سكان مناطق خاضعة للرقابة بتصاريح دخول".
وأضاف أن الإيرانيين يستغلون أيضا الانقسامات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، بين اليهود والعرب، والحريديم والعلمانيين، واليمين واليسار، لخلق انطباع بأن هذه العمليات ذات طابع سياسي أو مرتبطة بالاحتجاجات، في حين أنها في الواقع جزء من منظومة استخبارات إيرانية متكاملة.
اظهار أخبار متعلقة
ويكشف هذا الرصد الإسرائيلي خطورة ظاهرة تجنيد الجواسيس التي باتت آخذة في التفاقم، في وقت تحاول فيه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ملاحقتهم، مع تشكيك في قدرتها على النجاح بنسبة كاملة.
ويدفع ذلك تلك الأجهزة إلى المطالبة بفرض أقسى العقوبات على من يتم كشفهم وإدانتهم، بزعم أن ذلك وحده كفيل بردع الظاهرة والحد منها، لا سيما مع تزايد المخاوف من استعداد إيران لجولة جديدة من الهجمات على دولة الاحتلال باستخدام ترسانة الصواريخ الباليستية التي تعمل على تطويرها حاليا.