تثير التوغلات التي ينفذها جيش
الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب السوري، وتحديدا في أرياف القنيطرة، مخاوفا واسعة في
سوريا، وخاصة في الأيام الأخيرة حيث صعد الاحتلال من انتهاكاته.
ويكاد لا يمر يوم إلا والأنباء تتجدد عن تنفيذ قوات الاحتلال توغلات جديدة، في شمال وجنوب ووسط أرياف القنيطرة، وسط حالات اعتقال في صفوف المدنيين السوريين، إثر قيام قوات الاحتلال بنصب حواجز على الطرق ودهم المنازل والمزارع.
وأمام هذا الواقع، تُثار تساؤلات عن خيارات الحكومة السورية بمواجهة الانتهاكات التي لم تتوقف منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام 2024.
"اختبار صعب"
يؤكد الباحث السياسي أيمن الدسوقي، أن الحكومة السورية تجد نفسها في اختبار صعب في مسألة التعامل مع السياسة العدوانية التوسعية للاحتلال، وتجلياتها في الجنوب السوري.
اظهار أخبار متعلقة
ويضيف الدسوقي لـ"عربي21" أن
دمشق هي لا تحبذ حربا تعطل أجندتها الداخلية، ومن جهة أخرى لا تريد بأن يقرأ ذلك ضعفا يشجع الاحتلال على التمادي، لكن على الرغم من الموقف المعقد أمنيا وسياسيا، إلا أنه في جعبة الحكومة السورية خيارات عديدة.
وأول الخيارات وفق الدسوقي، هو العمل مع الحلفاء على تطوير مقاربة جماعية للأمن الإقليمي للرد على التفرد الإسرائيلي في صياغة البيئة الأمنية إقليميا، أساسها الأمن العادل والرفاه المستدام بما توفره هذه المقاربة من ضمانات والتزامات وقيود على الدول.
أما الخيار الثاني، هو استمرارية الدبلوماسية النشطة بدعم وتسهيل من حلفاء دمشق كأداة لتفكيك الملفات المركبة التي تستخدمها "إسرائيل" كحجة لمواصلة تدخلاتها في سوريا، كذلك قيادة دبلوماسية نشطة دوليا وإقليميا لتعرية الموقف الإسرائيلي المقوض للشرعة الدولية وللقانون الدولي.
ومن الخيارات الأخرى وفق الدسوقي، استكمال العمل على ركائز استقرار الجبهة الداخلية من خلال التعامل الجدي مع استحقاقاتها سياسيا وأمنيا واقتصاديا، بما يعزز موقف الحكومة السورية وشرعيتها في أي خيار تتخذه في التعامل مع "إسرائيل".
وأخيرا دعم استقرار المجتمعات المحلية في الجنوب السوري بما تتضمنه من حزم دعم متنوعة لبقاء السكان في أرضهم، كما يوضح الدسوقي.
دبلوماسية وسياسية
من جهته، يتحدث الباحث السياسي مصطفى النعيمي، عن نوعين من الخيارات أمام الحكومة السورية، بمواجهة تصاعد توغلات الاحتلال الإسرائيلي، الأول "الدبلوماسية" وهي الأقل كلفة والأكثر استخداما حاليا من دمشق.
اظهار أخبار متعلقة
ويوضح النعيمي لـ"عربي21" أنه وفق العمل الدبلوماسي يجب على سوريا تفعيل اتفاقية "فض الاشتباك"، والإصرار عبر الأمم المتحدة على المطالبة بتفعيل دور القوات الأممية بشكل أكبر لتوثيق الخروقات، وكذلك، التلويح بالدور الروسي، مشيرا إلى وصول وفد عسكري روسي للجنوب السوري.
وينوه إلى ضرورة استثمار التقارب العربي مع دمشق للضغط على الولايات المتحدة لكبح جماح التوسع الإسرائيلي.
ويضيف النعيمي، بالإشارة إلى الخيارات السياسية التي تتركز على سحب الذرائع التي يستخدمها الاحتلال للتوغل، أي النفوذ الإيراني وتعزيز الجبهة الداخلية.
ويختم بقوله: "بجانب ذلك يمكن أن تُعلن حكومة دمشق بشكل صريح أن سوريا ليست ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، في محاولة للنأي بالنفس عن حرب شاملة قد تطيح بما تبقى من مقدرات الدولة".
الضغط من أطراف متعددة
في السياق ذاته، يرى الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان، أن أفضل الخيارات المتاحة أمام دمشق هو الضغط من أطراف متعددة على الاحتلال، ويوضح لـ"عربي21": "الحكومة السورية تُعيد رسم علاقاتها مع روسيا للاستفادة من ضغط الرئيس الروسي بوتين على حكومة الاحتلال، حتى تكون هناك فرص أكبر للاستجابة من حكومة الاحتلال".
اظهار أخبار متعلقة
بجانب جمع أوراق الضغط على الاحتلال، يلفت علوان إلى ضرورة اهتمام حكومة دمشق بدور الوساطة الإقليمية لوقف التوغلات، التي لا يمكن الاستجابة لها بالانزلاق في حرب ليست لسوريا مصلحة فيها، على الأقل في الوقت الراهن.
يُذكر أن مصادر سورية، كانت قد وثقت عشرات التوغلات منذ بداية الشهر الجاري، وهي الانتهاكات التي لا يبدو أنها ستتوقف قريبا، في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه الحكومة السورية.