ملفات وتقارير

تعرف إلى خارطة التوغلات الإسرائيلية داخل سوريا منذ سقوط نظام الأسد

أكثر من 1000 غارة و400 توغل بري منذ كانون الأول/ديسمبر 2024- جيتي
أكثر من 1000 غارة و400 توغل بري منذ كانون الأول/ديسمبر 2024- جيتي
بالتزامن مع سقوط نظام بشار الأسد، اندفعت قوات الاحتلال الإسرائيلية لعبور خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل، لتتقدم داخل مواقع عسكرية في الجنوب السوري، مسجلة أول اختراق بري واسع منذ انتهاء حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973.

ورصدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان السورية نحو 200 عملية توغل إسرائيلية في جنوب سوريا منذ أواخر 2024 وحتى منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2025، بينها ما يقرب من 130 عملية توغل بري نفذتها قوات المشاة والمدرعات.

عمليات "سهم باشان"
وأطلقت حكومة الاحتلال على عمليات التوغل اسم "سهم باشان"، بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، التي هدفت إلى الاستيلاء على المنطقة العازلة، إذ سيطرت خلالها قوات الاحتلال الإسرائيلية على كامل تلك المنطقة، ثم تابعت توسعها نحو بلدة خان أرنبة، إلى جانب تنفيذ توغلات داخل العمق السوري في مناطق منها حرفه ونوى وغيرها.

واتجهت قوات الاحتلال لاحقا شمالا نحو جبل الشيخ الذي يبلغ ارتفاعه نحو 2800 متر، ما منحها قدرة مراقبة واسعة على الحدود السورية اللبنانية، وبفعل هذا التقدم تمكنت من ربط نقاط سيطرتها بين القنيطرة وجبل الشيخ.

ومن وقت لآخر، تنفذ "إسرائيل" عمليات برية وجوية داخل العمق السوري، بينما تشير التفاهمات المطروحة إلى احتمالية انسحابها مقابل إنشاء منطقة عازلة جديدة تمتد من ريف دمشق إلى ريف درعا، إلى جانب فرض منطقة حظر جوي أوسع.

توسع السيطرة الإسرائيلية
سجلت مناطق الجنوب السوري توسعا إسرائيليا متصاعدا خلال فترة مختلفة، إذ كشف المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة في إحصائية نشرها بتاريخ 24 شباط/فبراير 2025 أن "المساحة الكلية التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة أو النفوذ تجاوزت 460 كيلومترا مربعا".

وأوضح المركز في تقريره أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي فرض السيطرة على 303 كيلومتر مربع إضافي داخل سوريا خلال الأسبوع الأول من العمليات"، وهي أرقام معتمدة حتى نهاية شباط/ فبراير 2025، فيما اتسعت هذه المساحات لاحقا مع استمرار التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.

وقدم محللون، بحسب الأناضول، قراءة تفيد بأن تصرفات دولة الاحتلال، بما في ذلك إلغاء اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 والسيطرة على مرتفعات الجولان السورية، تأتي ضمن استراتيجية "أكبر وأكثر شرا".

اظهار أخبار متعلقة



كما أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في 9 كانون الثاني/يناير 2025 أنها ستبقي وجودها العسكري داخل منطقة تحكم بعمق 15 كيلومترا، مع "منطقة نفوذ" أوسع تصل إلى 60 كيلومترا داخل سوريا.

لكن هذا الإطار تغير سريعا، إذ كشفت وسائل إعلامية في 21 أيار/مايو 2025 أن "قوات الاحتلال الإسرائيلية تقدمت حوالي 25 كيلومترا من دمشق، مما خلق وضعا مشابها لاحتلال الجولان".

وأظهرت خريطة صادرة عن مركز جسور للدراسات ومحدثة لغاية حزيران/يونيو 2025 اتساع رقعة التوغل الإسرائيلي في الجنوب السوري، إذ عكست انتشارا ميدانيا يمتد من مثلث الحدود السورية اللبنانية وصولا إلى غرب درعا.

كما أظهرت تجاوز قوات الاحتلال الإسرائيلية للمنطقة العازلة المنصوص عليها في اتفاق فصل القوات لعام 1974، وتوغلها نحو تجمعات محاذية مثل خان أرنبة وجبا وبريقة، في توسع يتجاوز نطاق الجولان.

Image1_11202522191550950237672.jpg

وكشفت كذلك وصول التوغل الإسرائيلي إلى محيط بلدات غربي درعا قرب حوض اليرموك، بما يعكس اتساع النشاط العسكري داخل الأراضي السورية.

الانتهاكات الميدانية
في الحميدية، الواقعة ضمن المنطقة منزوعة السلاح الخاضعة لرقابة الأمم المتحدة على امتداد "خط الفصل"، أقدمت القوات الإسرائيلية في 16 حزيران/ يونيو على هدم ما لا يقل عن 12 مبنى، الأمر الذي تسبب بتهجير عائلات سورية تقطن داخل المنطقة. 

وكان جنود الاحتلال قد طردوا السكان في كانون الأول/ ديسمبر 2024 يوم سقوط نظام الأسد، وأخبروهم لاحقا بأن عمليات التهجير والهدم ضرورية لوجود منشأة عسكرية حديثة قرب المنطقة.

وفي جباتا الخشب، شيدت القوات الإسرائيلية منشأة عسكرية أخرى، وبدأت بتجريف مساحات واسعة من الأراضي، شملت محمية غابات يزيد عمرها على قرن، كما أكد السكان أن القوات منعتهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم.

القنيطرة وريف درعا
تركزت التوغلات الإسرائيلية على القرى المحاذية للجولان المحتل داخل محافظة القنيطرة، وامتدت أيضا إلى ريف درعا الغربي بشكل محدود، وشهدت عدة بلدات في القنيطرة وجودا ميدانيا إسرائيليا مؤقتا خلال عامي 2024 و2025، من بينها بريقة، بئر عجم، رويحينة، زبيدة الغربية والشرقية، عين الزيوان، أبو قبيس، أم باطنة، وجبا.

اظهار أخبار متعلقة



وفي درعا، سجلت مصادر محلية توغلات إسرائيلية في القرى القريبة من حوض اليرموك غرب المحافظة، وفي مارس/آذار 2025 ظهرت تقارير عن عملية إنزال إسرائيلية على الحدود الإدارية بين درعا والقنيطرة، حيث توغلت قوة في محيط خربة صيصون غرب درعا.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، أفادت وكالة سانا الرسمية بأن دورية للاحتلال الإسرائيلي توغلت حتى أطراف قرية معرية غرب درعا، وذلك بالتوازي مع تحركات مشابهة في ريف القنيطرة.

وبرغم محدودية هذا التغلغل داخل درعا، إلا أنه أظهر استعداد دولة الاحتلال لتوسيع نشاطها والوصول إلى عمق أكبر داخل الأراضي السورية.

235 كيلومتر مربع من المنطقة العازلة وجبل الشيخ
وتبلغ مساحة المنطقة العازلة التي أسسها اتفاق الفصل لعام 1974 نحو 235 كيلومترا مربعا، وتمتد قرابة 75 كيلومترا من قمة جبل الشيخ شمال الجولان إلى جنوبه، بعرض يتراوح بين مئات الأمتار و14 كيلومترا، ولم تكتف قوات الاحتلال بحدود هذه المنطقة، بل واصلت توسعها خارجها.

وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 2024، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي أن "القوات الإسرائيلية تسيطر على قمة جبل الشيخ، التي عادت للإشراف الإسرائيلي بعد 51 سنة".

وبين أن هذا الموقع يحظى بـ"أهمية أمنية جوهرية" نظرا لموقعه الحساس وقدرته الواسعة على الإشراف والمراقبة. 

وتقع قمة جبل الشيخ على الحدود بين سوريا ولبنان، وبالقرب منها قاعدة أممية داخل المنطقة العازلة، فيما تبعد هضبة الجولان نحو 60 كيلومترا جنوب غربي دمشق.

وقدمت البيانات الرسمية السورية،  في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، حصيلة تشير إلى أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي قد نفذ أكثر من 1000 غارة جوية على سوريا، إضافة إلى أكثر من 400  عملية توغل برية عابرة للحدود نحو المحافظات الجنوبية منذ كانون الأول/ديسمبر 2024".

اتفاق فك الاشتباك
وتعرف الحدود القديمة بين سوريا ودولة الاحتلال باتفاق فك الاشتباك لعام 1974 الذي جاء عقب حرب تشرين/أكتوبر، واستمر العمل به خمسة عقود.

ونص الاتفاق على سيطرة دولة الاحتلال على غربي الخط باستثناء القنيطرة، مقابل سيطرة سوريا على شرقيه، فيما أصبحت المنطقة الفاصلة منطقة عازلة تديرها قوات الأمم المتحدة.

اظهار أخبار متعلقة



واستمرت هذه القوات في مراقبة المنطقة حتى سقوط نظام الأسد، ومع بداية هذا السقوط أعلنت حكومة الاحتلال في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 إلغاء الاتفاقية بدعوى انسحاب الجيش السوري.

"حماية الدروز".. مسوغ سياسي وعسكري
ركز الاحتلال إعلاميا على حماية الأقلية الدرزية كجزء من تبرير تدخلها العسكري، إذ تضم داخل حدودها نحو 120 ألف درزي يخدم العديد منهم في جيش الاحتلال، ولها امتدادات عائلية ودينية مع دروز السويداء، وكرر نتنياهو تعهداته "بحماية أبناء الطائفة الدرزية" في سوريا، مؤكدا أن إسرائيل "لن تتسامح مع أي تهديد" يطال قرى الدروز جنوب البلاد.

وخلف هذا العنوان نفذت دولة الاحتلال ضربات جوية واحتلت أراضي سورية قالت إنها لمنع اعتداءات تستهدف الدروز، كما طالبت خلال المفاوضات بفتح ممر إنساني إلى السويداء لإيصال المساعدات، وهو مطلب اعتبرته دمشق ذريعة لخرق السيادة، ويشير طرحه إلى سعي الاحتلال لإضفاء بعد طائفي على تحركاتها العسكرية إلى جانب البعد الأمني.
التعليقات (0)