قضايا وآراء

صناديق الاقتراع ودهاليز السياسة.. العراقيون بين اليأس والأمل!

جاسم الشمري
"مرحلة تشكيل الحكومة المقبلة ستكون أصعب من مرحلة الانتخابات"- إعلام المجتمع المدني
"مرحلة تشكيل الحكومة المقبلة ستكون أصعب من مرحلة الانتخابات"- إعلام المجتمع المدني
لم يَفتر النقاش بين الأحرار والحكماء وعِلْية القوم ورجال الدول على مرّ العصور حول القضايا الإنسانيّة الكبرى التي لا يُمكن للحياة الكريمة أن تستمرّ بدونها، ومنها الانتخابات وآليّات اختيار الحكومات.

وقبل ثلاثة أيّام انتهت الانتخابات البرلمانيّة العراقيّة، والتي لا ندري كيف سيكون مستقبل العراق بعدها، وشكل التحالفات السياسيّة المستقبليّة بعد الإعلان الأوليّ لنتائج الانتخابات الخميس الماضي!

وتَنافس في الانتخابات البرلمانيّة السادسة وفقا للناطقة باسم مفوّضيّة الانتخابات، جمانة الغلاي، 7744 مرشّحا. وهنا نتساءل: ومع هذا الكم الهائل من المرشّحين: كم نسبة الذين يستحقّون تمثيل الناس تحت قبّة البرلمان بينهم؟ وكم نسبة الصادقين والنزيهين بينهم؟ وكم نسبة الأوفياء والثابتين على مبادئهم بينهم؟ وغيرها من المقاييس الضرورية لرجال البرلمان، ولكن حينما نفكّر بحياديّة ستكون الإجابات الماثلة أمامنا مخيفة ومرهقة!

ويبقى السؤال المحيّر: لو كان في العراق هذا الكم الهائل من المرشّحين المخلصين والأوفياء للمبادئ، والعاملين المحبّين للوطن والناس، فلماذا هذا التردّي والخراب في عموم مفاصل الدولة؟!

مع تراجع التأثير الإيرانيّ والنتائج الانتخابيّة، فإن الكفّة، الشعبيّة والإقليميّة والدوليّة، قد تَميل لصالح السوداني، ولكن أظنّ أنّ حصوله على ولاية ثانية ليس بهذه السهولة، وربّما سيذهب الإطار التنسيقيّ لمرشّح تسوية جديد، تماما كما حصل مع السوداني نفسه بالانتخابات الماضية

وقبل الحديث عن الواقع الانتخابيّ ننقل كلام المتحدّث العسكريّ لكتائب حزب الله، جعفر الحسيني ، قبل ساعات من الصمت الانتخابيّ، في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي: "للشيعة الوصاية الكاملة على العراق، شاء مَنْ شاء، وأبى مَنْ أبى"! وهذا كلام خطير ويسحق عموم التعايش بين العراقيّين!

وفي ذات اليوم، قال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بأنّ "نتيجة الانتخابات إما تجعلنا نتقدّم للأمام 4 سنوات، أو نتأخّر 4 سنوات"! ولاحقا قال مارك سافايا، المبعوث الخاصّ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق: "تقف الولايات المتّحدة إلى جانب العراق في مسيرته نحو المستقبل: "قويّا، مستقلا، وخاليا من المليشيات المدعومة من الخارج"! واليوم فازت الكيانات المليشياوية بأكثر من 60 مقعدا في البرلمان المقبل، كما هو الحال منذ العام 2004!

وهذه الفوضى السياسيّة انعكست داخل الإطار التنسيقيّ الشيعيّ الحاكم، وخصوصا بين السوداني ونوري المالكي؛ لأنّهم يرون أنّ السوداني الذي رُشّح من طرفهم لرئاسة الحكومة صار يتحرّك مستغلا لمنصبه وأموال الدولة وفقا لما يُديم سلطانه ويؤمّن مستقبله السياسيّ. ولهذا قال زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، قبل الصمت الانتخابيّ بساعات: مشكلتنا مع مَن يُشكّل مشروعا سياسيّا، ويستغل موارد الدولة، ويقدّم التنازلات، وينشغل بالانتخابات ويترك مهامه الأساسيّة! وهذا الكلام يقصد به السوداني بلا أدنى شكّ!

وقد وصل للإعلام يوم الصمت الانتخابيّ تسريب صوتيّ خطير للسوداني يدعو لاستبعاد المالكي من العمليّة السياسيّة، وربّما هذه من أكبر المناوشات بين الرجلين!

التنافس والتناحر، الحاليّ والمرتقب، سيظهر بوضوح وعلانية، وخصوصا بعد النتائج الأوّليّة للانتخابات وحصول السوداني على أكبر قدر من المقاعد البرلمانيّة، في مرحلة تشكيل الحكومة القادمة التي يرى السوداني نفسه من المؤهّلين بقوّة لرئاستها!

العراق مُقبل على مرحلة جديدة لا يُعرف شَكْلها ونوعها لأنّ التحالفات المرتقبة غير واضحة المعالم، وقد نشهد مرحلة مليئة بالتشهير والتسقيط والمفاجئات الساحقة بين الفرقاء السياسيّين وخصوصا داخل الملعب السياسيّ الشّيعيّ

واقعيا، ومع تراجع التأثير الإيرانيّ والنتائج الانتخابيّة، فإن الكفّة، الشعبيّة والإقليميّة والدوليّة، قد تَميل لصالح السوداني، ولكن أظنّ أنّ حصوله على ولاية ثانية ليس بهذه السهولة، وربّما سيذهب الإطار التنسيقيّ لمرشّح تسوية جديد، تماما كما حصل مع السوداني نفسه بالانتخابات الماضية.

عموما، يمكن تسجيل بعض الملاحظات بخصوص المرحلة السابقة للانتخابات، والتي ستستمرّ للمرحلة المقبلة، ومنها:

- بروز غالبيّة التهديدات والخلافات السياسيّة القاصمة للظهر إلى السطح، ولدرجة أنّ السوداني أبلغ، السبت الماضي، مقرّبين من مقتدى الصدر بوجود مخطّط لاغتياله! وهنالك كلام مُسرّب بأنّ المخطّط أفشلته مخابرات دولة عربيّة رصينة!

- ظهور المشاحنات الحزبيّة والعشائريّة والمناطقيّة التي تسبّبت بسقوط "شخصيات ثقيلة" وفقا للنتائج الأوّليّة، بعيدا عن مفهوم الديمقراطيّة والتعايش السلميّ!

- عدم اشراك أكثر من خمسة ملايين مُهجّر عراقيّ في عموم دول العالم.

- فوضى الخطابات الطائفيّة المقيتة، ومنها خطاب المتحدّث باسم حزب الله العراقيّ آنف الذكر.

- تنامي سياسات هدر المال العامّ فيي الدعايات الانتخابيّة، وتشويه الشوارع، والغلوّ الفاحش بالنفقات الانتخابيّة، وتنامي ظواهر رشوة الجماهير لشراء البطاقات الانتخابيّة.

- رصد شبكات المراقبة لمئات الخروقات الكبيرة والمحدودة خلال التصويت، والبعيدة عن روح الديمقراطيّة.

وهكذا فإنّ مرحلة تشكيل الحكومة المقبلة ستكون أصعب من مرحلة الانتخابات! فالعراق مُقبل على مرحلة جديدة لا يُعرف شَكْلها ونوعها لأنّ التحالفات المرتقبة غير واضحة المعالم، وقد نشهد مرحلة مليئة بالتشهير والتسقيط والمفاجئات الساحقة بين الفرقاء السياسيّين وخصوصا داخل الملعب السياسيّ الشّيعيّ!

x.com/dr_jasemj67
التعليقات (0)