توفي نائب الرئيس الأمريكي الأسبق
ديك تشيني
عن عمر ناهز 84 عاماً، بعد
مسيرة سياسية امتدت لأكثر من أربعة عقود، ترك خلالها
بصمات عميقة ومثيرة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة والعالم، خاصة في مرحلة ما
بعد هجمات 11 سبتمبر وغزو العراق عام 2003.
من وايومنغ إلى البيت الأبيض.. رحلة رجل ظلّ
وُلد ريتشارد بروس تشيني عام 1941 في ولاية
نبراسكا الأمريكية، ونشأ في بيئة محافظة في وايومنغ. بدأ حياته السياسية في
السبعينيات داخل أروقة الحزب الجمهوري، قبل أن يتدرج في المناصب وصولاً إلى أن
أصبح أحد أبرز رموز التيار المحافظ الجديد في أمريكا.
تقلّد عدة مناصب بارزة: كبير موظفي البيت الأبيض
في عهد الرئيس جيرالد فورد (1975 ـ 1977)، عضو مجلس النواب عن ولاية وايومنغ(1979
ـ 1989)، وزير الدفاع في إدارة جورج بوش الأب (1989 ـ 1993)، حيث أشرف على حرب
الخليج الأولى. وأخيراً نائب الرئيس الأمريكي السادس والأربعين في إدارة جورج بوش
الابن (2001 ـ 2009)، المنصب الذي جعله أحد أكثر الرجال نفوذاً في العالم.
الرجل الذي حكم من الظل
عُرف تشيني بلقب “الرجل القوي في الظل”، إذ
كان يتمتع بنفوذ غير مسبوق داخل الإدارة الأمريكية، إلى درجة أن بعض المحللين
وصفوه بأنه “الرئيس الفعلي” خلال سنوات بوش الأولى.
قاد سياساتٍ داخلية وخارجية صاغت ملامح ما
يُعرف بـ"الحرب على الإرهاب"، ووسّع صلاحيات الأجهزة الأمنية
والاستخباراتية، ودافع عن استخدام أساليب الاستجواب القاسية في المعتقلات
الأمريكية، ما اعتبره منتقدوه “تشريعاً للتعذيب”.
العراق.. جرح لم يلتئم
يبقى غزو العراق عام 2003 أبرز إرث تشيني
وأكثره جدلاً. كان من أبرز مهندسي الحرب،
ومعه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، حيث قدّما ملفاً زعم امتلاك نظام صدام حسين
أسلحة دمار شامل ـ تبيّن لاحقاً أنه خالٍ من الأدلة الحقيقية.
ورغم انكشاف الأكاذيب لاحقاً، ظلّ تشيني
مدافعاً عن القرار، معتبراً أن "العالم أصبح أكثر أماناً بعد إزالة صدام".
لكن ما خلّفته الحرب من دمار شامل، وانهيار مؤسسات الدولة العراقية، وصعود التطرف
الطائفي، جعل كثيرين يرون أن تشيني ترك وراءه واحداً من أكثر القرارات كارثية في
التاريخ الحديث.
وفاته.. وإرث منقسم
أعلنت عائلة تشيني وفاته مساء أمس الأحد (3
نوفمبر 2025) بسبب مضاعفات في القلب والالتهاب الرئوي.
وفي بيان مقتضب، وصفت العائلة الفقيد بأنه "رجل
دولة عاش بشجاعة، وخدم وطنه بإخلاص حتى آخر يوم".
لكن في المقابل، امتلأت وسائل التواصل
الاجتماعي بموجات من التعليقات الغاضبة، خصوصاً من العالم العربي، حيث رأى كثيرون
أن الرجل لم يحاسب يوماً على دوره في إشعال حرب أودت بحياة مئات الآلاف من
المدنيين العراقيين.
اظهار أخبار متعلقة