قضايا وآراء

خيارات المعادلة الصعبة للمقاومة وتحركها في المساحات الضيقة!

طه الشريف
"التحدي الحقيقي في ذلك المحتل الذي كشف اللثام عن مخططاته الإجرامية وشرع في تنفيذ بعضها بمباركة أمريكية معلنة أو سرية، لا فرق فالنتيجة واحدة"- إكس
"التحدي الحقيقي في ذلك المحتل الذي كشف اللثام عن مخططاته الإجرامية وشرع في تنفيذ بعضها بمباركة أمريكية معلنة أو سرية، لا فرق فالنتيجة واحدة"- إكس
لم يحدث في التاريخ أن بذلت أمة من الأمم أو حركة من حركات النضال الشعبي ممثلة لأمتها -عمقها الروحي- كما بذلت المقاومة الفلسطينية؛ في حربها الضروس مع العالم كله تحت راية إسرائيل! وقد وصلت التضحيات من بذل الأنفس والمُهَج من الموت جوعا وعطشا وفتكا بالصواريخ والمدفعية تحت أزيز الطائرات الذي لا ينقطع صباحا ومساء..

والحركة وشعبها المحاصر يواجهان عدوا سيكوباتيا خبيثا! ممن لا تلين عريكته في القتل والحرق والخسف والتدمير، عدوا مهووسا بإراقة المزيد من دماء ضحاياه لا سيما النساء والأطفال دون أن ترف له عين! عدوا يرقص جنوده مع بدء العد التنازلي قبل الضغط بأصابعهم على زر إطلاق الصواريخ والقاذفات لإحالة ليل القطاع إلى نهار! وكأنهم في إحدى الحفلات الصاخبة، أو في مباراة "بلاي ستيشن" كتلك التي يمارسها الصبية في نوادي الألعاب الإلكترونية.

حقيقة لم تعرف البشرية أصنافا من البشر يحسبون أنفسهم شعبا مختارا من الأمم، ويتقربون للإله المزعوم الذي يحرضهم بل ويكافئهم على القتل والحرق (سفر يشوع)! وهم يترنمون بأورادهم التلمودية رقصا وتشنجا لا علاقة له بمقامات العبودية، مما يسمعونه يتلى عليهم من بعض الحاخامات المهووسين بمملكة الرب المتعطش لدماء أبناء إسماعيل الأميين من البشر!

ولكم أن تتخيلوا أن المقاومة تواجه أمثال هؤلاء المرضى! وليسوا وحدهم بل يقف خلفهم الداعمون لهم من العالم الغربي المسيحي البروتستانتي المتعصب من حكام أمريكا وبريطانيا ممن تلاعب الصهاينة بعقيدتهم منذ الاتفاق الذي أبرموه مع القس والناشط "مارتن لوثر كينج" للمساعدة في تسكين اليهود بأرض فلسطين من أجل التسريع بمجيء المسيح المخلص-الدجال- في حقيقة الأمر، وهكذا ولدت المسيحية الصهيونية التي حوَّل زعماء الصهيونية دفتها للخدمة في بلاط الصهيونية العالمية التي تمهد الأرض من أجل المسيخ الدجال!

المقاومة في مواجهة أمريكا الراعي والحامي والمنافح والمدلل للاحتلال، ولم يكن يليق أن تتصدر دولة كهذه للمفاوضات لكنه الخلل الفاجر في موازين القوى الذي مكَّن الأمريكان من الإمساك بتلابيب الأمر حصرا، مع عدم السماح لأي قوى دولية أو إقليمية بالقيام بأي دور خارج خطتهم، ولولا ضعف العرب والمسلمين وتشرذمهم الذي لا يحتاج إلى كثير من البيان لما انفرد البيت الأبيض بإذلال الفلسطينيين كما يحدث الآن بعد توقيع الاتفاق الأخير!

من المسئول عن الخيارات الصعبة للمقاومة تاريخيا وواقعيا؟!

كل من امتلك أدوات القوة الاقتصادية والعسكرية والجيوسياسية ولم يستخدمها لنصرة القدس ولرفع الظلم عن غزة؛ من الحكومات التي انشغلت بمصالحها وفرّطت في تلك الأدوات عمدا لمراعاة الكرسي ولرضى السيد الأبيض الراعي للاحتلال، وإشباعا للكراهية المركوزة في أعماق النفوس التي تربت في محاضن الماسونية والصهيونية العالمية، والتي وصفها الزعيم التركي الراحل "نجم الدين أربكان" قائلا: الصهيونية تمساح.. فكه العلوي أمريكا، وفكه السفلي أوروبا، وعقله إسرائيل، وجسده هم العملاء الذين يعيشون بيننا!

محطات التفريط كثيرة، لا تحتاج لكثير من البحث، من الخليج العربي إلى الشمال الأفريقي، إلى السودان وسوريا من قبل، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك هو تضييع الأمن القومي العربي، طاعة لحكام العالم من أساتذة الماسونية، وخدمة للصهيونية التي يدينون لها بالولاء التام دون شعوبهم وأوطانهم وعروبتهم بل ودينهم!

هل تذكرون ما فعلوه مع اليمن، حينما تركوه فريسة لذراع الدولة الإيرانية في جنوب الجزيرة خلافا لذراعها القوية في الشام؛ نكاية في "حزب الإصلاح" اليمني ذو المرجعية الإسلامية؟!.. وجريمتهم في ليبيا بدعمهم لأحد أشهر المرتزقة الحامل للجنسية الأمريكية، في مواجهة الحكومة المنتخبة من الشعب الليبي، ذلك المرتزق الذي كبّد الجيش الليبي أشهر خسائره في المعارك مع تشاد أيام الطاغية المهووس "معمر القذافي"؟!..

وقد فعلوا ذلك مرارا وتكرارا في دعم بعض الشخصيات التي قلبت الأمور رأسا على عقب بالخسة والغدر؛ طمعا في منصب لا يستحقوه، وتزلفا لبعض القوى الغربية الكارهة لحرية الشعوب العربية..

وانظروا إلى حال السودان وإلى حال أهله ممن يجري تجويعهم، وقد كان السودان سلة غذاء العالم العربي والإسلامي لولا شياطين العرب، ممن تواطئوا على تقطيع أوصاله وسلموه لتاجر الجِمال المجرم ليصول ويجول ويحيل حياة الناس إلى جحيم بفعل الطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة التي سلموها له!

عودة متأخرة عَلّها تجبر أخطاء الماضي!

لا شك أن حسابات بعض الدول كانت رائعة في دعم الثورة السورية، وكانت قراءتهم للمشهد صحيحة بأن الفرصة مواتية للخلاص من مليشيات الحرس الثوري الإيراني واللبناني، لتعود سوريا إلى محيطها العربي والسني وغض الطرف عن أيديولوجية الحكام الجدد لدمشق!..

ولا شك أن التحديات التي ظهرت نتيجة العربدة الإسرائيلية في الاعتداء على قطر، حملت الحكومات على التقارب لمواجهة التحديات المشتركة، تلك التي كانت خلاصتها: أن العدو الحقيقي ليس في حكم حماس أو أحد الفصائل الوطنية التي تدين بالمرجعية الإسلامية، إنما التحدي الحقيقي في ذلك المحتل الذي كشف اللثام عن مخططاته الإجرامية وشرع في تنفيذ بعضها بمباركة أمريكية معلنة أو سرية، لا فرق فالنتيجة واحدة!
التعليقات (0)

خبر عاجل