ملفات وتقارير

انسحاب الاحتلال من غزة يكشف عن جثث عليها آثار إعدام ولعب أطفال مفخخة

دمر جيش الاحتلال 90 بالمئة من البنية التحتية لغزة و500 ألف وحدة سكنية كليا وجزئيا – الدفاع المدني
دمر جيش الاحتلال 90 بالمئة من البنية التحتية لغزة و500 ألف وحدة سكنية كليا وجزئيا – الدفاع المدني
بعد 735 يوما من الحرب المدمرة، يعود مئات آلاف النازحين إلى مدنهم في قطاع غزة ليجدوا 90 بالمئة من البنية التحتية مدمرة. فضلا عن جرائم إعدام ميداني وزرع مواد مفخخة لايقاع أكبر عدد من الضحايا.

 ودمرت قوات الاحتلال 300 ألف وحدة سكنية كليا و200 ألف جزئيا، وأخرجت 25 مستشفى من 38 عن الخدمة، وتضرر 95 بالمئة من المدارس، فيما خرج 85 بالمئة من مرافق المياه عن العمل، ويحتاج القطاع لإزالة 55 مليون طن ركام، وتقدر تكلفة الإعمار بـ53 مليار دولار، بينما تنتظر 170 ألف طن مساعدات للدخول.


ويكشف انسحاب آليات الاحتلال، هول الدمار في غزة وسط تقديرات بسقوط 200 ألف طن من المتفجرات خلال عامين على القطاع، حيث بدت المشاهد أقرب إلى الكارثة، أحياء سكنية كاملة سُوِّيت بالأرض، والبنية التحتية لم يبقَ منها سوى خطوط متقطعة من الإسفلت والحديد،   صور بثّها ناشطون وصحفيون أظهرت حجم الدمار غير المسبوق، بينما ارتفعت في الخلفية أعمدة الدخان كأنها شواهد صامتة على ما خلّفته الحرب.


مسؤول الشؤون الإنسانية في الدفاع المدني في غزة محمد المغير قال إن فرق الدفاع انتشلت جثث نحو 100 شهيد تبدو عليهم آثار الإعدام الميداني في قطاع غزة، والأبشع من ذلك، إعلانه العثور على لعب أطفال ومعلبات طعام مفخخة تعمد الاحتلال زرعها لإسقاط مزيد من الضحايا.

Image1_1020251192419623382843.jpg

المغير حذر من عودة المواطنين في هذا التوقيت لاعتبارات ثلاثة: "الاعتبار الأول يتعلق بالمباني الآيلة للسقوط والتي تعرض حياة المواطنين للخطر، والاعتبار الثاني وهو الأخطر أن بعض البيوت قام الاحتلال بتفخيخها ويفجرها عند أي حركة من المواطنين، وهو ما يتسبب باستشهادهم، والاعتبار الثالث يتمثل في وجود مخلفات لم تنفجر من الاحتلال ومن الممكن أن يتم العبث بها من قبل الأطفال"، فيما ناشد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل المواطنين بالتريث في العودة إلى مناطقهم، وطالبهم بانتظار الإعلان من السلطات المختصة بتوقيت وظروف العودة.

اظهار أخبار متعلقة


جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، سارعت لاطلاق تحذير من مخاطر المخلفات الحربية والأجسام غير المنفجرة في المناطق التي تعرّضت للقصف أو التدمير، داعية السكان بعدم الاقتراب من أي جسم غريب أو معدني مجهول الشكل أو اللون وعدم لمسه أو تحريكه أو العبث به مطلقًا، وشدد على ضرورة منع الأطفال بعدم اللعب في الأماكن المفتوحة أو المدمّرة.


الطبيب حسن الشاعر المدير في مجمع الشفاء بمدينة غزة، أكد أن الطواقم تتعامل مع الكثير من الإصابات نتيجة انفجار المخلفات العسكرية الإسرائيلية، وذكر أن الكثير من المخلفات التي انفجرت بمصابين كانت على أشكال معلبات لحمة أو سردين (سمك صغير)، أو على أشكال ألعاب للأطفال.

وأكد أن غالبية الإصابات الواصلة للمستشفى هي من فئة الأطفال، لافتا إلى أن بعض الإصابات تكون صعبة بسبب قربها المباشر من الأشخاص أثناء الانفجار، وأشار إلى أن جيش الاحتلال يتعمد وضع تلك المخلفات في مناطق يعود إليها نازحون وذلك لإيقاع إصابات مباشرة في صفوف المدنيين خاصة الأطفال.

صاروخ غير منفجر قادر على تدمير مبنى بأكمله
ودعا أعضاء من منظمة "الإنسانية والشمول" (Humanity and Inclusion) الدولية البريطانية سكان القطاع إلى الإبلاغ عن الأسلحة والصواريخ، نظرًا لخطورتها، مشيرين إلى أنّ صاروخًا غير منفجر قادر على تدمير مبنى بأكمله، كما وحذّر بير لودهامار المسؤول الكبير في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، من استحالة تحديد عدد الذخائر التي لم تنفجر بالضبط والتي عُثر عليها في غزة.

ويتداول الكثير من سكان غزة روايات وصورا ومقاطع فيديو لمعلبات سوداء اللون، أكد الجهاز المسؤول عن المتفجرات في القطاع العثور على عدد كبير منها، وأنها متفجرات خطيرة، بينما يظن بعض السكان أنها أغذية معلبة، لكنها في الحقيقة مفخخة، وتنفجر بمجرد فتحها، وقد تؤدي إلى الوفاة، أو الإصابة بعاهات مستديمة كبتر الأطراف. 



ومع دخول سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن تداعيات حرب وصفت بالوحشية، ستبقى آثارها لعقود في ظل عشرات آلاف من الشهداء والجرحى والأيتام والأرامل فضلا عن جيش من المعاقين، حيث تفيد منظمة الصحة العالمية بأن نحو 42,000 شخص في قطاع غزة يعانون من إصابات غيّرت مجرى حياتهم بسبب الحرب، ربع هذه الإصابات حدثت بين الأطفال، وفقا لتقرير حديث نشرته المنظمة التابعة للأمم المتحدة.

أثناء زيارته لمستشفى الأمل في خانيونس، أشار الدكتور ريك بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى أن عدد المصابين في قطاع غزة يزيد عن 169,000 شخص وأن ربعهم بحاجة إلى المعدات والتكنولوجيا المساعدة مدى الحياة بسبب إصاباتهم، من بينهم أكثر من 10,000 طفل.



"طفل جريح بلا عائلة"
أكثر شرائح المجتمع التي دفعت ثمناً باهظاً في غزة هم الأطفال، تقرير لـ "الغارديان" أشار إلى أن الأطفال في غزة عاشوا وسط أصوات القصف طوال عامَين، وأن فرق الإغاثة تواجه تحديات هائلة في توفير الحماية لهم.

وقالت صحيفة "الغارديان" إنه، وفي غضون أشهر قليلة من اندلاع الحرب في قطاع غزة، أُضيف إلى مفردات المساعدة الطبية الطارئة مصطلحٌ جديد وصفه العاملون في المجال الإنساني بأنه "الأكثر إيلامًا في العالم": WCNSF، اختصارًا لعبارة "طفل جريح، بلا عائلة ناجية" (Wounded Child, No Surviving Family)..

وأشار التقرير الخاص الذي نشرته الصحيفة إلى أن المشكلة تفاقمت خلال أكثر من عامَين من القصف والمجاعة، رغم الصعوبات البالغة في تتبع الأطفال المنفصلين عن ذويهم وسط الفوضى المستمرة الناجمة عن الغارات الإسرائيلية وأوامر الإخلاء التي تُفكّك المجتمعات وتشتّت السكان في جميع أنحاء قطاع غزة.

اظهار أخبار متعلقة


أعلى معدل لبتر أطراف الأطفال
ونقلت "الغارديان" عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أنها استندت إلى إحصاءات صادرة عن وزارة الصحة في غزة في أوائل أيلول/سبتمبر، سجّلت فقدان 2,596 طفلًا لكلا والديهم، إضافةً إلى 53,724 طفلًا آخرين فقدوا أحد والديهم — منهم 47,804 فقدوا آباءهم، و5,920 فقدوا أمهاتهم.
ولفت التقرير إلى غياب بيانات دقيقة عن عدد الأطفال اليتامى الذين أُصيبوا أيضًا بجروح. ومع ذلك، وحتى في اليوم الذي تم فيه الاتفاق على المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار، ظلّ قطاع غزة يسجّل أعلى معدل لبتر أطراف الأطفال في أي نزاع حديث.

وأضاف التقرير الغارديان، أن الهجوم الإسرائيلي على غزة خلّف آلاف الأطفال الوحيدين، وغالبًا ما يعانون من إصابات حرجة، وبحسب الصحيفة، فإن عدد هؤلاء الأطفال كبيرٌ لدرجة أن الجرّاحين المنهكين في أقسام الطوارئ باتوا يكتبون اختصار WCNSF مباشرةً على ملفات المرضى. 


ونقلت الصحيفة عن كيران كينغ، رئيس الشؤون الإنسانية في منظمة "وار تشيلد" (War Child) الخيرية البريطانية، قوله: "هذه هي المرة الأولى في تاريخ النزاعات التي يُحتاج فيها إلى مصطلح كهذا. لقد نشأ من فِرق الطوارئ الطبية — أشخاص عملوا في كل النزاعات منذ عقود — وابتكروا WCNSF لأنهم لم يواجهوا من قبل تحدّي حماية الأطفال بهذا الحجم".

"لا مكانٌ آمن في غزة"
جاكوب غرانغر، منسّق الطوارئ في منظمة "أطباء بلا حدود" في دير البلح جنوبي غزة قال: "نجلب إلينا باستمرار أطفالًا جرحى دون أي مرافق من عائلاتهم. نعالج جروحهم، لكن بعد ذلك لا يوجد أي استقرار"، وأوضح غرانغر أن "النسيج الاجتماعي والمؤسسات الداعمة غير موجودة فعليًّا"، مضيفًا: "هناك بعض الآليات المجتمعية، أو محاولات من وكالات لإيجاد أقارب أو مؤسسات لإيواء الأيتام، لكن كل ذلك لا يُجدي أمام حجم الكارثة". 

 
وخلص تقرير "الغارديان" إلى أن المعاناة تكون أشدّ قسوة على الأطفال الذين فقدوا كل دعم عائلي، ونقل عن غرانغر قوله: "تخيّل الأثر النفسي على طفل، كلما حاول أن يقف أو يمشي يتذكّر اللحظة التي فقد فيها ساقيه وعائلته، وسيظلّ هذا يلازمه طوال حياته، مع علمه أن الشروط الأساسية للتغلب على الصدمة مستحيلة هنا. فليس هناك مكانٌ آمن في غزة".
التعليقات (0)

خبر عاجل