تكثف الولايات المتحدة تحركاتها السياسية في
سوريا الهادفة إلى تطبيق تفاهم 10 آذار/ مارس الذي وقع عليه الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية (
قسد)، والمدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وعلى مدار اليومين الماضيين، اجتمع المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك بالرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد "قسد"
مظلوم عبدي، في لقاءات أكد أن الهدف منها المضي في تطبيق الاتفاق، الذي يحول دون مواجهة عسكرية لا تبدو سهلة على الجابين السوري و"قسد".
اتفاق آذار
وينص اتفاق آذار على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، وعلى أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
وكذلك، وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، مع ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.
اظهار أخبار متعلقة
كما يرفض الاتفاق دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري، على أن يتم تطبيقع بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي (2025).
خلافات كبيرة
وتتهم حكومة دمشق "قسد" بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق، في حين تتحدث "قسد" عن عدم تقديم تنازلات من قبل الدولة السورية.
وبين ذلك، تحاول واشنطن تذليل العقبات أمام تنفيذ الاتفاق، الذي يعني فشلة مواجهة كبيرة قد تخوضها الدولة السورية مدعومة من تركيا، مقابل "قسد" التي لا زالت تستقوي بالتحالف الدولي.
وعن حظوظ نجاح المسعى الأمريكي، يقول المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا إن الأمور لا زالت غير واضحة، فرغم الضغط الأمريكي أجد أن رغبة واشنطن بالتوصل إلى اتفاق شامل من شأنها عرقلة المضي في الاتفاق.
ويوضح لـ"عربي21" أن الأفضل هو العمل على الوصول إلى اتفاقات مرحلية وجزئية للبدء ببعض الخلافات الكبيرة بين الجانبين.
وتابع بأن على الولايات المتحدة فصل الملفات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، لأن التوصل إلى اتفاق في ملف النفط واندماج "قسد" بالجيش السوري وغيرها من التفاصيل، تجعل المهمة مستحيلة.
وبحسب الغبرا فإن من الأجدى التركيز على حل المشاكل العالقة بدلا من الإصرار على التوصل إلى تفاهم شامل، وخاصة أن الحكومة السورية هي انتقالية، وجيشها لا زال ناشئاً.
مهمة مستحيلة
بدوره، يرى السياسي السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور أن حظوظ تطبيق اتفاق آذار تبدو معدومة، نظراً للخلافات الكبيرة.
بجانب ذلك، أشار في حديثه لـ"عربي21" إلى عدم وجود ضغط أمريكي بالقدر الكافي، وقال: "لا تبدو الضغوط الأمريكية كافية لتجاوز الملفات الخلافية".
أما السياسي والكاتب الكردي، علي تمي، فأشار إلى جهات تريد عرقلة تطبيق الاتفاق، وفي مقدمتها حزب "العمال" الكردستاني.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف لـ"عربي21" أن اتفاق 10 آذار ولد ميتاً والسبب لأن قيادات قسد غير قادرين على الالتزام بتعهداتهم ولأن كوادر حزب "العمال" الكردستاني هو المتحكم بالوضع في شرق نهر الفرات.
وبحسب تمي، تريد "قسد" أن تكون لها حصة من النفط ويكون لها تشكيل شبه مستقل عن الجيش، ولهذا اعتقد أن الاتفاق لن ينفذ والأرجح نحن ذاهبون إلى حرب لا مفر منها، بعد انتهاء مدة تطبيق الاتفاق، أي بعد دخول العام الجديد.
استفزاز دمشق
ووفق العديد من القراءات تحاول "قسد" جر الحكومة السورية إلى مواجهة عسكرية للانقلاب على الاتفاق، وذلك من خلال استفزاز الحكومة السورية في أحياء حلب (الأشرفية، الشيخ مقصود" التي تخضع لسيطرتها، وفي الجبهات الشرقية لحلب.
وتطالب "قسد" بحكم "لا مركزي" وإجراء تعديلات على الإعلان الدستوري، في حين تؤكد دمشق أنها منفتحة على أي نقاش يضمن حقوق الأكراد السوريين السياسية والثقافية، لكن دون مطلب الفيدرالية أو اللامركزية.