سياسة دولية

ذا تايمز: مسلسل الوفيات الغامضة لكبار المسؤولين ورجال الأعمال الروس تثير الشكوك

العثور على رئيس تحرير صحيفة برافدا السوفيتية ميتًا في موسكو يزيد من المخاوف بشأن نمط الوفيات المماثلة – جيتي
العثور على رئيس تحرير صحيفة برافدا السوفيتية ميتًا في موسكو يزيد من المخاوف بشأن نمط الوفيات المماثلة – جيتي
شهدت العاصمة الروسية موسكو، حادثة جديدة ضمن سلسلة الوفيات الغامضة التي تطول شخصيات بارزة في روسيا، بعد الإعلان عن وفاة فياتشيسلاف ليونتييف، رئيس دار النشر التابعة لصحيفة "برافدا" السوفياتية العريقة، إثر سقوطه من نافذته في ظروف لاتزال قيد التحقيق.


وقال أندريه مالجين، وهو صحفي معارض منفي كان يعرف ليونتييف، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن فياتشيسلاف ليونتييف كان يعرف الكثير عن أموال الحزب الشيوعي، فيما أشارت صحيفة نيوزويك إلى أن العديد من الوفيات التي قيل إنها ناجمة عن السقوط من النوافذ أو الشرفات، اعتُبرتها السلطات رسميًا بأنها حوادث أو انتحار، إلا أن ظروف بعضهم تشير إلى أنهم ربما قُتلوا بسبب آرائهم السياسية أو علاقاتهم بالفساد أو معرفتهم معلومات مهمة.

اظهار أخبار متعلقة


ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، تصاعدت حوادث الوفاة الغامضة التي شملت رجال أعمال ومسؤولين وشخصيات عامة، كثير منهم توفُّوا بعد "سقوط عرضي" من نوافذ أو شرفات، وفق الروايات الرسمية، وكان آخرهم أندريه بادالوف، نائب رئيس شركة "ترانس ‌نفْت" لأنابيب النفط الذي عُثر قبل شهرين عليه ميتاً أسفل نوافذ منزله.

بدورها، قالت صحيفة ذا تايمز إن نحو 20 حالة وفاة غامضة سُجّلت لمسؤولين وكبار رجال الأعمال الروس منذ أن شن الكرملين الحرب على أوكرانيا، وأضافت الصحيفة البريطانية أن العديد من الضحايا الذين قيل إنهم "انتحروا" هم من منتقدي الرئيس فلاديمير بوتين أو أفراد لديهم معلومات داخلية، وهو ما يثير التكهنات بشأن تورط محتمل للدولة، على الرغم من أن الحكومة في موسكو نفت بشكل روتيني تورطها. 

على مدار عام 2020، لقي ما يقارب عدة شخصيات روسية بارزة حتفهم في ظروف ملتبسة، وبطرق متباينة في جميع قارات العالم تقريبا، وينتمي هؤلاء الرجال جميعا إلى نخبة الأوليغاركيين الروس الذين انتقدوا آثار الحرب التي قادها الرئيس بوتين في أوكرانيا، وهو ما يجعل حوادث وفاتهم المتزامنة والمتقاربة تثير الكثير من الشكوك، في مقالها المنشور بمجلة "الأتلانتيك"، تشير الصحفية "إلان غودفرَي" إلى بصمات واضحة للكرملين في تلك الحوادث الغامضة.

ومعضم تلك الشخصيات ماتت بطرق غامضة، بعضها كان بشعا للغاية. فقد عُثر على جثتَيْ رائدَيْ صناعة الغاز "ليونيد شولمان" و "ألكسندر تيولاكوف" وبقربهما رسائل انتحار في مطلع العام الماضي. وفي غضون شهر واحد، عُثِر على ثلاثة مديرين تنفيذيين روس آخرين، هُم "فاسيلي مِلنيكوف" و"فلاديسلاف أفاييف" و"سيرجي بروتوسينيا"، أمواتا رفقة زوجاتهم وأطفالهم، فيما بدا أنها عمليات قتل وانتحار.

وفي أيار/مايو الماضي من سنة 2023، عثرت السلطات الروسية على جثة "أندريه كروكوفسكي"، مالك منتجع "سوتشي" عند سفح أحد التلال، وبعد أسبوع واحد توفي "ألكسندر سوبوتين"، مدير إحدى شركات الغاز الروسية، في منزل مملوك لأحد رجال النزعات الدينية الروحية (الشامانية) في موسكو، بعد أن زُعِم تسميمه بمُخدّر مُستخلص من الضفادع يُعرف بـ"سُم الضفدع" (Toad Venom)، وهو مُخدِّر ومركب مُهلوِس انتشر تعاطيه بجرعات مُحدَّدة .

والقائمة تطول. ففي تموز/يوليو، وُجِدَت جثة المدير التنفيذي للطاقة "يوري فورونوف" طافية في حوض السباحة الخاص به في إحدى ضواحي مدينة "سان بطرسبرغ" بعد تلقيه رصاصة في الرأس، وفي آب/أغسطس، بدا أن "دان رابوبورت"، أحد نُقاد بوتين، قد سقط من نافذة شقته في العاصمة واشنطن، التي تقع على مسافة ميل واحد من البيت الأبيض، وسرعان ما تلا ذلك مباشرة حادث سقوط "رافيل ماغانوف"، رئيس إحدى شركات النفط الروسية، من نافذة في الطابق السادس بإحدى البنايات في موسكو.

وعلى المنوال نفسه، هَوَى "غريغوري كوتشينوف"، مدير شركة لتكنولوجيا المعلومات، من إحدى الشُّرفات مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي، كما لقي رجل أعمال من كبار عمالقة العقارات الروس مصرعه بعد سقوطه من على السلم في الشهر نفسه، ويأتي هذا الحادث بعد أشهر من وفاة أندريه بادالوف، نائب رئيس شركة "ترانس ‌نفْت" لأنابيب النفط الذي عُثر عليه ميتاً أسفل نوافذ منزله في ضواحي موسكو، في واقعة مشابهة.

اظهار أخبار متعلقة


وفي آب/أغسطس 2020، سُمِّم زعيم المعارضة أليكسي نافالني بغاز أعصاب من نوع نوفيتشوك أثناء وجوده في مطار تومسك، وقبل عامين، تعرض سيرجي سكريبال، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الروسية، للتسمم على نحو مماثل، ونجا كلٌّ من نافالني وسكريبال، ولكن في عام 2006 تعرّض ألكسندر ليتفيننكو، ضابط الأمن الروسي السابق الذي انشقّ إلى المملكة المتحدة، للتسمم بمادة البولونيوم المشعّ في لندن، ممّا أدّى إلى وفاته.

وفتحت الوفيات الغامضة لسبعة أثرياء روس خلال ثلاثة أشهر فقط، في ظل ظروف وصفت بالمروعة، الباب أمام تكهنات واسعة بأن حالات الانتحار ربما تكون ملفقة، بل إن بعضها ذهب إلى حدّ التلميح إلى تورط الكرملين في اغتيالهم.
التعليقات (0)