يعود تداول اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني
بلير للتداول بالحديث عن
غزة، ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ذكر أن بلير سيكون مسؤولا ضمن لجنة ثلاثة لإدارة القطاع.
وتحدثت صحيفة "هارتس" العبرية، عن خطة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لإدارة قطاع غزة بعد وقف الإبادة الإسرائيلية، والتي تتضمن تشكيل 3 قوات أمنية، وتقدر ميزانيتها بـ387.5 مليون دولار.
ووفق "هآرتس"، فإن خطة بلير تتضمن هيكلًا هرميًا متعدد الطبقات، حيث يكون دبلوماسيون دوليون كبار ورجال أعمال في القمة، بينما يدير فلسطينيون الأمور على الأرض، ووفقا للخطة، التي تحمل اسم "الهيئة الدولية الانتقالية لقطاع غزة (جيتا)" والمكونة من 21 صفحة، فإن الهيئة ستدار من قبل مجلس دولي.
وأضافت الصحيفة العبرية: "سيكون رئيس الهيئة الدولية أعلى سلطة تنفيذية سياسية في غزة، لكنه سيعمل بالتشاور الوثيق مع السلطة الفلسطينية"، ونقلت عن مصدر لدى حكومة
الاحتلال الإسرائيلي، لم تسمه، قوله: "من المقرر أن يشغل بلير نفسه منصب رئيس الهيئة الدولية الانتقالية لقطاع غزة".
من جانبه قال عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران، إن بلير "شخصية غير مرحب بها في الحالة الفلسطينية"، وأكد أن الحركة لم تتلق أي مقترح عبر الوسطاء بشأن وقف إطلاق النار، واعتبر أن "ارتباط أي خطة بهذا الشخص (بلير) غير المرحب به، يعد نذير شؤم للشعب الفلسطيني، لأنه شخصية سلبية، وربما تستحق أن تكون أمام المحاكم الدولية للجرائم التي ارتكبها، خاصة دوره في الحرب على العراق (2003-2011)"، ووصف القيادي بحماس، بلير، بأنه "شقيق الشيطان"، قائلا إنه "لم يأت بخير للقضية الفلسطينية ولا للعرب ولا للمسلمين، ودوره الإجرامي والتخريبي معروف منذ سنوات".
اظهار أخبار متعلقة
بلير والرباعية الدولية.. ترسيخ الحصار
وشغل بلير منصب المبعوث الخاص للجنة
الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط بين 2007 و2015، التي لم تحقق مهامها في إرساء السلام مع استمرار سياسة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي.
ويعتبر بلير شخصية عبر مرغوبة فلسطينيا إذ اتهم خلال رئاسته للرباعية بالانحياز للاحتلال، إذ قالت السلطة الفلسطينية إنها تنظر بسلبية إلى دور مبعوث الرباعية الدولية توني بلير المنحاز لإسرائيل خاصة محاولاته السلبية في صياغة بيانات اللجنة التي تجحف الحقوق الفلسطينية.
واتخذت اللجنة الرباعية (المكونة من الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والأمم المتحدة) عدة قرارات بعد فوز حركة
حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، أدت إلى فرض حصار سياسي واقتصادي على الحكومة التي شكلتها حماس في غزة.
واشترطت اللجنة لرفع الحصار، تخلي حماس عن المقاومة والاعتراف بإسرائيل كشرط أساسي لقبولها كطرف سياسي شرعي، والالتزام بالاتفاقيات السابقة: بما فيها اتفاقيات أوسلو وخريطة الطريق.
ونتج عن القرار حصار خانق عانى منه القطاع حتى يومنا هذا حيث توقف التمويل بشكل كبير وشدد الاحتلال حصاره البري والبحري فضلا عن التضييق على المعابر بما فيها معبر رفح.
الانحياز للاحتلال
وعين بلير مبعوثا خاصا للجنة الرباعية في حزيران/ يونيو 2007، وأوكلت إليه مهمة تنظيم المساعدة الدولية للفلسطينيين والإشراف على المبادرات الرامية إلى دعم الاقتصاد والمؤسسات الفلسطينية تمهيدا لقيام الدولة الفلسطينية.
ومرارا كرر مسؤولون في السلطة اتهام بلير بالانحياز للاحتلال وخدمة سياساته من خلال عمله كرئيس للجنة الرباعية.
أما حماس فقد دعا رئيس مكتبها السياسي ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق الشهيد إسماعيل هنية عدة مرات اللجنة الرباعية إلى الكف عن سياسة فرض الإملاءات على الشعب الفلسطيني والمساهمة بحصاره.
واعتبر الكثيرون تعيين بلير مبعوث للرباعية كمكافأة من الولايات المتحدة للدور الذي لعبه في غزو العراق لاسيما أنه كان الأكثر قربا لسياسة المحافظين الجدد في واشنطن.
وكان بلير قد أيد القرار الذي قاده البيت الأبيض برئاسة جورج بوش؛ لوقف المساعدات، ووقف العلاقات مع السلطة الفلسطينية، التي قادت حماس حكومتها، ما لم توافق على الاعتراف بإسرائيل، وتنبذ "العنف"، وتلتزم بالاتفاقات السابقة بين "فتح" وإسرائيل.
شبهات فساد
اتهمت وسائل إعلام بريطانية بلير خلال فترة عمله في الرباعية الدولية بالتورط بشبهات فساد أدخلت الملايين لحساباته البنكية عبر استغلال منصبه.
وفي عام 2011 قالت صحيفة ديلي ميل إن وسائل الإعلام البريطانية إن الاتهامات تراكمت حوله بشأن استغلاله منصبه في الرباعية للتوسط في إبرام صفقات كبيرة أدخلت إلى خزانته أموالا طائلة.
وبحسب الصحيفة فإن بلير الذي عين مبعوثا للرباعية قبل أربع سنوات لم يحقق أي إنجاز على الصعيد السياسي، لكنه راكم ثروات كبيرة.
وأضافت أن بلير شارك بلير في سلسلة صفقات تضع علامة استفهام حول صلاحيته لتنفيذ مهام منصبه من دون تضارب في المصالح.
كما كشف تحقيق شامل في القناة الرابعة البريطانية سلسلة من تضارب المصالح على نحو ظاهر، مشيرا إلى مبادرات اقتصادية دفعها بلير في مناطق السلطة الفلسطينية وفي قطاع غزة أفادت شركات تعتبر من زبائنه، مثل بنك الاستثمارات "جي بي مورغن".
ويضاف لذلك تحقيق لصحيفة نشر عام 2014 "صاندي تلغراف" البريطانية، كشف عن تفاصيل الطريقة التي يقوم من خلالها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بمراكمة ثروته التي تعد بالملايين، مشيرة إلى انه استغل منصبه لإقامة علاقات جيدة مع أمراء أبو ظبي حيث وقع عقد للمناجم في كولومبيا.
وتحدثت الصحيفة عن تساؤلات تثار حول تعارض مصالح بلير التجارية ودوره كونه مبعوثا خاصا للرباعية، حيث استخدم منصبه لبناء علاقات قوية مع حكام أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، الذين يمولون عمل شركته الاستشارية الآن في كولومبيا ودول أخرى.
وفي منتصف 2015 استقال توني بلير من منصبه مبعوثا خاصا للجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط، ولم تعين اللجنة مبعوثا عقب استقالة بلير.
يشار إلى أن آخر جولة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية كانت منتصف 2013 برعاية أمريكية في واشنطن، وبعدها تم تجميد هذه المفاوضات بسبب إصرار نتنياهو على الاستيطان، ورفضه الإفراج عن الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى الفلسطينيين.
وتتألف اللجنة الرباعية التي أنشئت عام 2002، من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، مهمتها المساعدة في التوسط في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، ودعم التنمية الاقتصادية الفلسطينية، وبناء المؤسسات استعدادا لإقامة الدولة في نهاية المطاف.
السلام الاقتصادي
في عام 2008 طرح توني بلير خطة لإحلال السلام تقوم على تطوير الاقتصاد الفلسطيني وربطه بمصالح الغرب وإسرائيل، في إطار ما عُرف لاحقًا بـ"الإسلام الاقتصادي"، بهدف تفريغ القضية الفلسطينية من بعدها الاستعماري والاحتلالي والسياسي والتاريخي.
وعرف المشروع بتكاليفه الباهظة حيث شهد فندق "ذي أميركن كولوني" اجتماعات متكررة على مدى أربع سنوات، جرى خلالها حجز 15 غرفة بشكل دائم، مع تكاليف مرتفعة للحراسة من الأمن البريطاني، إضافة إلى أكثر من مائة زيارة للمنطقة وتعيين عشرات الخبراء والمستشارين على نفقة الأمم المتحدة. وبعد نحو ثماني سنوات، كانت النتيجة النهائية هي الفشل.
ويقوم المشروع على عدة نقاط أهمها بناء مدن صناعية مشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والجانب الأردني؛ من أجل إيجاد فرص عمل لآلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
كما يتضمن فتح المجال أمام الفلسطينيين للعمل في إسرائيل من خلال مكاتب عمل، مقابل الاستغناء عن العمالة الوافدة إلى إسرائيل من دول غربية عديدة، وتشكيل مظلة دولية من الدول الغربية لدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمليار دولار سنويا. إلا أن الأزمة المالية العالمية حالت دون هذا الدعم وإعادة صياغة البيئة الاقتصادية الفلسطينية من خلال إعطاء صلاحيات للسلطة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بتسهيل التواصل على الحدود الأردنية والفلسطينية.
وسبب فشل المشروع وفق صحيفة "هآرتس" كانت ثلاث نقاط لم تتوفر لحكومة نتنياهو حينها وهي "إقناع الفلسطينيين بأن الاقتصاد لديهم أهم من الدولة، والتعاطي مع معضلة سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على قطاع غزة لا سيما وأن الحركة تميل إلى بناء قاعدة عمل مسلح ضد إسرائيل، إضافة إلى إقناع المجتمع الدولي بمشروع السلام الاقتصادي".
وعن خطط بلير ومساراته قال السفير البريطاني السابق في ليبيا، أوليفر مايكل في تصريحات لوسائل إعلام بريطانية حينها، إن حديث بلير المتكرر عن وضع خطط لتطوير الاقتصاد الفلسطيني "لم يكن سوى غطاء لتجنب القضايا الحقيقية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال".
اظهار أخبار متعلقة
موقف متجذر ضد فلسطين
وقف توني بلير ضد مساعي انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة، واعتبرها خطوة "تثير صدامات عميقة"، كما دفع الحكومة البريطانية المحافظة برئاسة ديفيد كاميرون، المعروفة بقربها من إسرائيل، إلى عدم تأييد هذا المسعى الفلسطيني، وربط الموقف البريطاني بجملة من التعهدات والضمانات الدولية والفلسطينية لصالح إسرائيل.
الاعتراف المتأخر
في عام 2017 قال توني بلير، للمرة الأولى، إنه وغيره من زعماء العالم أخطأوا برضوخهم للضغوط الإسرائيلية بفرض مقاطعة فورية لحركة حماس بعد فوزها بالانتخابات الفلسطينية في عام 2006.
وقال بلير، إن المجتمع الدولي يجب أن يحاول "جر حماس إلى حوار وهذا قد يحدث في وقت لاحق".