نشرت
صحيفة هآرتس العبرية، مقالا لحوار أجرته مع المؤرخ اليهودي البريطاني المعروف
آفي شلايم، حمل عنوان "سئم المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم من الصهيونية، والآن ينحاز إلى حماس".
وذكّرت الصحيفة بتصرحات سابقة لشلايم بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، حين قال، إن حماس هي "الجماعة
الفلسطينية الوحيدة التي تقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وأنه بشنّها الهجوم على إسرائيل، وجّهت حماس رسالةً قويةً
مفادها أن الفلسطينيين لن يُهمّشوا، وأن المقاومة الفلسطينية لم تنتهِ، ورغم تعاون
السلطة الفلسطينية مع إسرائيل في الضفة الغربية، ستواصل حماس قيادة النضال من أجل
الحرية والاستقلال الفلسطيني".
وفي أبرز فقرات الحوار ، قال شلايم:" منذ بداية الحرب، أصبحتُ مشهورا، يتعرف عليّ الناس في الشارع ويصافحونني، إنها تجربة جديدة بالنسبة لي"، وحين سألته الصحيفة:
ماذا عن الجانب الآخر؟، أجاب قائلا:" أتلقّى أيضا رسائل بريد إلكتروني عدائية وتهديدات بالقتل، لكن مقابل كل واحدة منها، هناك عشرة رسائل إيجابية"، مضيفا: "لا تزال وسائل الإعلام الغربية تميل لصالح إسرائيل ولا تتناول رواية حماس، لكن الشباب لم يعودوا يستمعون إلى BBC
أو يقرأون الصحف، بل يحصلون على آخر المستجدات من وسائل التواصل الاجتماعي، هكذا أفسّر الدعم المتزايد الذي أتلقاه".
كما سُئل: ما هي "رواية" حماس في هذه الحالة؟، فأجاب: "يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال، لهم الحق في المقاومة، بما في ذلك المقاومة المسلحة، تلقّى مقاتلو حماس تعليمات صريحة بالهجوم، وكانت هناك أهداف عسكرية محدّدة، في البداية، ضربت حماس قواعد عسكرية وقتلت جنودا وشرطة وقوات أمن، هذه ليست جريمة حرب، لكن الأمور خرجت عن السيطرة بعد ذلك".
وأضاف: "هجوم
حماس على إسرائيل لم يحدث
من فراغ، بل كان نتاج عقود من الاحتلال العسكري، هو الأطول والأكثر وحشية في العصر
الحديث، في المقابل كان رد إسرائيل مجنونًا وغير منطقي تمامًا، حتى لو كان لإسرائيل (الحق في
الدفاع عن النفس) -على حد تعبيره - فإن الرد يجب أن يكون في حدود القانون الدولي".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد المؤرخ أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، تبسط الأمور حين تصف حماس بأنها "مجرد منظمة إرهابية"، مشددًا على أن الحركة جزء من المجتمع العربي، وأن أي حل للقضية الفلسطينية–الإسرائيلية لا يمكن أن يستثنيها.
وأضاف شلايم أنه كان يدرك دائمًا أن "إسرائيل كيان استعماري يمارس الفصل العنصري، وأن حكومتها الحالية هي الأكثر يمينية وعنصرية في تاريخها، وأن هناك مخططات واضحة للتطهير العرقي والضم الرسمي، لكنه أشار إلى أن ما دفعه لمراجعة مواقفه بشكل جذري هو "الإبادة الجماعية الجديدة" في غزة".
واتهم شلايم الحكومة الإسرائيلية باستخدام التجويع كسلاح حرب ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، قائلاً: "إن لم يكن هذا إبادةً جماعية، فلا أدري ما هو. لم أعد أتردد في استخدام هذا المصطلح بعد ما رأيته من أفعال ممنهجة في غزة.".
وبشأن تعامل العرب مع اليهود، قال آفي شلايم: "لقد جرّبنا التعايش مع العرب، لم يكن حُلما بعيدا كما هو الحال اليوم، بل كان واقعا يوميا قبل صعود الصهيونية وقيام دولة إسرائيل"، ويضيف: "الحقيقة البسيطة هي أن إسرائيل بدأت كحركة استعمارية استيطانية، لم يكن عاما ١٩٤٨ و١٩٦٧ سوى محطتين فارقتين في عملية استيلاء ممنهجة ومتواصلة على كامل فلسطين، وكانت المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية بعد عام ١٩٦٧ امتدادا للمشروع الاستعماري الصهيوني خارج الخط الأخضر".
وقال أيضا:" ما قرأته (في الأرشيف الإسرائيلي) لم يكن مطابقا لما تعلمته في المدرسة، بأن اليهود كانوا دائما ضحايا، وأن إسرائيل كانت دائما الضحية، وأن عام ١٩٤٨ كان إبادة جماعية هدفها رمي اليهود في البحر، وأننا كنا قلة في مواجهة كثيرين، وأن العالم العربي كان متحدا ضدنا، وأن قادة إسرائيل حاولوا صنع السلام لكن لم يكن لديهم شريك من الجانب العربي، صدقت كل ذلك، لكنني وجدت في الأرشيف حقيقة مختلفة".
اظهار أخبار متعلقة
وكشف بالقول:" الصورة التي ظهرت كانت متناقضة تماًما مع التاريخ الرسمي، الوثائق التي اكتشفتها كانت صادمة ومفاجئة ومثيرة للتفكير"، في الحرب العالمية الثانية، كان اليهود ضحايا عُزّل لألمانيا النازية. واليوم، أصبح الفلسطينيون ضحايا عُزّلا لإسرائيل"، كما لفت إلى نقطة مهمة، قائلا: "نتنياهو انتُخب رئيسا للوزراء، لذا، يتحمّل المجتمع الإسرائيلي بأكمله مسؤولية جرائم الحرب".
وأكد المؤرخ أن وعد بلفور كان وثيقة استعمارية كلاسيكية، تجاهل حقوق وتطلعات
90 بالمئة من السكان، وهم فلسطينيون، حتى من منظور المصلحة الوطنية البريطانية، كان ذلك
خطأً استراتيجيًا فادحًا، تحالف لويد جورج في السياسة الخارجية البريطانية مع
مجموعة صغيرة من الصهاينة المحيطين بحاييم وايزمان (زعيم صهيوني شغل منصب أول رئيس
لإسرائيل)، على عكس رغبات الجالية اليهودية السائدة في بريطانيا والعديد من
اليهود الأصليين في فلسطين آنذاك.