قالت صحيفة
واشنطن بوست، إن الضغوط الممارسة
على
الاحتلال حاليا لم تؤد إلى نتيجة، وتغير من سياسات حكومة نتنياهو المتطرفة،
لأنها لم تكن مؤلمة له.
وأشارت الصحيفة، إلى أن علاقات الاحتلال مع
حلفائه التقليديين تشهد توترا ملحوظا، فيما تواجه شركاته مقاطعة متزايدة، وتلقى
دعوات إقصائه من الفعاليات الثقافية والرياضية دعما واسعا.
لكن، رغم الاعتراضات، واصلت قواته التوغل في
غزة، كما استهدفت هذا الشهر قيادة حماس في قطر، الحليف الوثيق لواشنطن.
ونقلت عن المفاوض الأمريكي السابق والخبير في
شؤون الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، قوله إن الضغط الدبلوماسي وحده غير كاف
لإحداث تغيير، ما لم ترافقه "تكاليف باهظة أو عواقب خطيرة على إسرائيل".
وأضاف أن موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية
تعكس الغضب من الأوضاع الإنسانية وارتفاع الضحايا المدنيين، لكنها لا تؤثر في خطط
إسرائيل العسكرية.
وبينت الصحيفة أن العزلة الأعمق ستتمثل في
إجراءات أشد، مثل تقليص التجارة، ومنع التعاون البحثي، وتقييد السفر، وإقصاء
الرياضيين الإسرائيليين من الأولمبياد، وهو ما لم يحدث حتى الآن، رغم ازدياد
استعداد الأوروبيين لاتخاذ خطوات أكثر صرامة.
فبريطانيا جمدت محادثات تجارية جديدة،
والاتحاد الأوروبي وعد بمراجعة سياساته، فيما دعت أورسولا فون دير لاين إلى تعليق
اتفاق التجارة الحرة، لكن التوافق لم يُحسم بعد.
وأشارت إلى أن صادرات السلاح الإسرائيلية لا
تزال عند مستويات قياسية بلغت 14.8 مليار دولار عام 2024، أكثر من نصفها لدول
أوروبية، حيث لم توقف سوى دول قليلة بعض الصفقات. ألمانيا منعت مبيعات يمكن
استخدامها في غزة لكنها واصلت صفقات أخرى، بينما ألغت إسبانيا طلبات محددة.
اظهار أخبار متعلقة
وفي الشق السياسي، لفتت الصحيفة إلى اعتراف
بريطانيا وفرنسا وكندا هذا الأسبوع بدولة فلسطين، لينضموا إلى أكثر من ثلاثة أرباع
أعضاء الأمم المتحدة وأكثر من نصف الاتحاد الأوروبي. غير أن هذا الاعتراف لم يغير
وضع فلسطين في المنظمة الدولية، إذ يبقى أي تعديل بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن،
حيث تملك الولايات المتحدة حق النقض.
ورغم الطابع الرمزي لهذه الخطوات، إلا أن
ميلر رأى أن الإسرائيليين "أكثر توترا مما يظهرون". أما نتنياهو فقد أقر
بتزايد عزلة بلاده، لكنه وصفها بنتيجة طبيعية لسياساته الأمنية، داعيا
الإسرائيليين إلى الاعتماد على أنفسهم وبناء مجتمع "إسبارطي" أكثر صلابة
وانضباطا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أوروبيين أن حرب
غزة تجعل الاحتلال والمنطقة والعالم أقل أمنا. مسؤول في الرئاسة الفرنسية قال إن
ما يجري "لا يخدم المجتمع الإسرائيلي ولا المنطقة بأسرها"، محذرا من
تصعيد يقود إلى حرب طويلة الأمد.
وأوضحت أن حرب غزة، أصبحت الأعنف والأكثر
تدميرا في تاريخ الاحتلال، حيث تجاوز عدد الضحايا في القطاع 65 ألفا بينهم 18.5
ألف طفل، وفق وزارة الصحة في غزة، بينما سويت أحياء كاملة بالأرض وانتشرت المجاعة.
ولفت إلى أن هذا الوضع أشعل احتجاجات شعبية
في أوروبا، دفعت آلاف العمال والطلاب في إيطاليا مثلا إلى إضراب وطني شمل الموانئ
ووسائل النقل، ما عزز الضغوط على الحكومات للتحرك.
وأكدت الصحيفة أن الفيتو الأمريكي المتكرر في
مجلس الأمن حال دون فرض وقف لإطلاق النار أو عقوبات. ففي كل مرة صوت المجلس لصالح
وقف الحرب، استخدمت واشنطن النقض.
لكن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على
وزراء بحكومة الاحتلال ومستوطني الضفة، تشمل تجميد أصول ومنع سفر، وهو ما اعتبره
محللون خطوة قد تشكل ضغطا فعليا إذا أُقرت.
وإلى جانب السياسة، تزايدت المقاطعة الثقافية
والرياضية، إذ هددت إسبانيا وإيرلندا وهولندا بمقاطعة مسابقة يوروفيجن 2026 في حال
مشاركة الاحتلال، بينما دعا رئيس الوزراء الإسباني إلى استبعادها من الرياضة
العالمية أسوة بروسيا. وفي الولايات المتحدة، وقع آلاف الفنانين، بينهم نجوم كبار،
على تعهد بمقاطعة بعض المؤسسات السينمائية الإسرائيلية.
واعتبر محللون أن الرأي العام الغاضب قد يرغم
الحكومات على خطوات أشد، حتى لو لم يظهر أثرها فوريا. ويرى الخبراء أن المدى
الطويل، وليس القصير، هو ما يشكل التهديد الحقيقي للاحتلال إذا استمر في نهجه.