الإعلان
عن مبادرة لتسيير أسطول الصمود
المصري لكسر الحصار عن
غزة سيكون -حال انطلاقه
فعلا- هو الإضافة الأبرز للأسطول العالمي الذي يضم حوالي 50 سفينة من 44 دولة، والذي
انطلق بالفعل من إسبانيا نهاية آب/ أغسطس، ولحقته في البحر المتوسط قوارب من
إيطاليا واليونان، كما تحرك قبل أيام أسطول الصمود المغاربي من تونس بعد تأخر
لأسباب فنية، ولا تزال قوارب أخرى تتحرك من تونس وليبيا.
نحن
أمام مبادرة شبابية ما لبثت أن اجتذبت دعما من قوى سياسية ونقابات مهنية وجمعيات
أهلية، لكنها لا تزال في انتظار الموافقة الرسمية بعد مخاطبة القائمين عليها
للسلطات التي أكدت تسلمها تلك المخاطبات، ووعدت بالبت فيها، لكنها لم تحسم موقفها
حتى كتابة هذه السطور.
لم
تتوقف الترتيبات في انتظار تلك الموافقة، بل تحولت عدة مقرات للأسطول في القاهرة
ومحافظات أخرى إلى خلايا نحل، تستقبل طلبات المشاركة، والتبرعات العينية التي
حددتها إدارة الحملة، وقد امتلأت تلك المقرات بهذه التبرعات حتى أن إدارة الحملة
قررت وقف استلام المزيد منها، فيما تستمر عمليات فرز وتصنيف وتغليف التبرعات التي
وصلت، كما تسابق مئات المواطنين لتقديم طلبات للانضمام إلى الأسطول، وستختار
الحملة من بينهم وفق شروط موضوعية، كما حدث مع الأساطيل الأخرى التي سبقته. وتقدم
للحملة حتى الآن عدد من القباطنة والمهندسين والفنيين والأطباء والمسعفين
والصحفيين، كما تمكن المنظمون من توفير أول سفينة مشاركة وهي السفينة "إبيزا"،
ولا يزال السعي جاريا لتوفير سفن أخرى.
لم تتوقف الترتيبات في انتظار تلك الموافقة، بل تحولت عدة مقرات للأسطول في القاهرة ومحافظات أخرى إلى خلايا نحل، تستقبل طلبات المشاركة، والتبرعات العينية التي حددتها إدارة الحملة، وقد امتلأت تلك المقرات بهذه التبرعات حتى أن إدارة الحملة قررت وقف استلام المزيد منها
هذه
المبادرة مثلت اختبارا لكل الأطراف في مصر، فهي اختبار لقدرة النشطاء المصريين
الداعمين للقضية الفلسطينية على الفعل في ظل أوضاع مغلقة، منعت أي حراك شعبي من
قبل، باستثناء بعض المظاهرات التي رتبتها وأشرفت عليها الأجهزة الأمنية بالتنسيق
مع أحزاب السلطة، وباستثناء مظاهرات محدودة على سلالم نقابة الصحفيين، تعرض عدد من
المشاركين فيها للاعتقال. ولا ننسى الموقف الرسمي المتشدد في مواجهة قافلة الصمود
المغاربية الأولى في حزيران/ يونيو الماضي، والتي تعهد النظام المصري بعدم السماح
بمرورها عبر الأراضي المصرية، بل إنه تصدى بعنف لبعض النشطاء الأجانب الذين تمكنوا
من دخول مصر بطريقة قانونية، وتم التصدي لهم في الإسماعيلية، والاعتداء عليهم
بالضرب والسحل في مشهد هز الضمير العالمي.
وهي
اختبار لقدرة هؤلاء الشباب على الإدارة والتنظيم، وحشد المزيد من المشاركين فيها
من مختلف الأطياف، لتكون تعبيرا حقيقيا عن المجتمع المصري، وكذا القدرة على توفير
المراكب المناسبة لهذه الرحلة، خاصة بعد أن ظهرت مشكلة بعض القوارب في الأسطول
الذي تحرك من تونس، سواء قبل الانطلاق بظهور عيوب فنية في بعض المراكب استوجبت
إصلاحها، أو حتى الاستغناء عنها، أو خلال الرحلة حيث لا تستطيع القوارب الصغيرة
مواجهة الأعاصير الشديدة في عرض البحر، واضطرت للاستراحة في بعض الموانئ حتى تنتهي
تلك الأعاصير.
وهي
اختبار للقوى السياسية والنخب المصرية، صحيح أن العديد من الأحزاب والقوى أعلنت
دعمها للأسطول ومشاركتها فيه، لكن غابت الرموز الكبيرة من الساسة والفنانين
والأدباء وغيرهم عن المشهد حتى الآن، بخلاف ما حدث في الأسطول العالمي الذي تسابق
عدد من الشخصيات العالمية المؤثرة، ومنهم الممثلة الأمريكية سوزان سارندون، والنجم
مارك روفالو، وغريتا ثونبيرغ، والمغنية الإيطالية فيوريلا مانوا، والممثل الأيرلندي
ليام كاننغهام، والمؤرخ الإيطالي اليساندرو باربيرو، والناشط البرازيلي ثياغو
أفيلا، والنائب الإسباني خوان بورديرا . ربما يتشجع البعض حال صدور موافقة رسمية،
لكن المبادرة بالتسجيل في الأسطول قبل صدور هذه الموافقة ستسجل لأصحابها في كتب
التاريخ، حتى لو لم تتم الرحلة.
وهي
اختبار لحالة
الدعم الشعبي، وقد ظهر النجاح سريعا في هذه الحالة عبر تدفق التبرعات
على مقرات الأسطول التي وفرتها بعض الأحزاب والشخصيات العامة والجمعيات، وعبر
تسابق المئات للتسجيل في المشاركة. الشعب المصري هو أكثر الشعوب دعما للأشقاء في
غزة على مدار عامين، وقد احتشدت مئات الشاحنات التي تحمل هذا الدعم (أغلبها مصري
وبعضها من خارج مصر) أمام معبر رفح انتظارا لفتحه، وحين تم فتح المعبر دخلت مئات
الشاحنات بالفعل. المواطن المصري البسيط مستعد للتقشف في مأكله وملبسه ليتمكن من
المساهمة في دعم الأشقاء، فهو يرى أن هذا هو أضعف الإيمان، ويسارع للتبرع عند ظهور
أي مبادرة جديدة، وهو ما فعله مع أسطول الصمود المصري.
وهي
اختبار لعقلانية السلطة الحاكمة، فرأس هذه السلطة وصف الكيان الصهيوني بالعدو لأول
مرة في خطابه أمام القمة العربية، والنظام أعلن مبكرا رفضه لتهجير أهل غزة، وهو
موقف تتوافق عليه كل القوى السياسية المصرية بما فيها الأشد مناهضة للنظام، لكن
النظام نفسه هو الذي منع الحراك الشعبي الرافض للعدوان والداعم لغزة، وهو أمام
اختبار جديد، خصوصا في ظل حالة الشحن الإعلامي الجاري في مصر استعدادا لحرب محتملة
مع العدو، وموافقة السلطات على هذه المبادرة لا تمثل عبئا كبيرا عليها كونها جزءا
من حراك عالمي سلمي، وكونها جزءا من حالة التعبئة العامة لو كانت النوايا صحيحة.
اختبار لطريقة تعامل الكيان الصهيوني مع أسطول مصري -حال سمحت السلطات المصرية له بالتحرك- فهل سيتعامل معه بخشونة، معرضا علاقته مع مصر لمزيد من التوتر؟
أخيرا،
هي اختبار لطريقة تعامل الكيان الصهيوني مع أسطول مصري -حال سمحت السلطات المصرية
له بالتحرك- فهل سيتعامل معه بخشونة، معرضا علاقته مع مصر لمزيد من التوتر؟ أم
سيتعامل معه بنعومة، حتى لو قبض على المشاركين فيه، تجنبا لغضب مصر، واسترضاء لها؟
حتى الآن تصريحات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي تتوعد باعتقال كل المشاركين في القوارب
أيا كانت جنسياتهم، مع احتجازهم في مقار مخصصة للمعتقلين الأمنيين، وبالتالي
حرمانهم من حقوق المحتجزين العاديين، وهي تهديدات تهدف لزرع الخوف في نفوس المشاركين
في الأساطيل العربية والعالمية، لكن فات بن غفير ونتنياهو أن المشاركين يضعون
أرواحهم على أكفهم، ومستعدون للشهادة/الموت قبل تحركهم من موانئ بلدانهم، هم
يعرفون أنهم ليسوا في نزهة بحرية، ولكنهم في مواجهة سلمية مع عدو فاجر غاشم، فلا
يلقون وزنا لتهديدات بن غفير.
في
مواجهة التهديدات الإسرائيلية لأساطيل كسر الحصار، والتي ظهرت بوادرها في المسيّرات
النارية على إحدى السفن في تونس، فقد حذرت حكومات أوروبية و16 وزير خارجية من
المساس بالمشاركين في هذه الأساطيل، فنحن أمام حالة تضامن دولية واسعة ومتصاعدة ضد
العدوان، ومع حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، وغدا سنكون أمام مظاهرة عالمية
في الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى لو كان اعترافا
رمزيا، لكنه سيمثل ضغطا جديدا على الكيان الغاصب..
x.com/kotbelaraby