نشر موقع "كونفيرزيشن" مقالا لأستاذ علم الأعصاب المعدية، جامعة ليفربول، بنديكت مايكل، شرح فيه كيفية تطور التهاب الدماغ الشامل المصلب تحت الحاد SSPE، وحذر فيه من إهمال تلقيح الأطفال في سن مبكرة ضد مرض الحصبة وغيره من الأمراض.
وتوفي طفل في سن المدرسة بسبب مضاعفات دماغية خطيرة ناجمة عن الحصبة في لوس أنجلوس، مما يُبرز العواقب الوخيمة لانخفاض معدلات التطعيم.
وأُصيب الطفل، الذي كان صغيرا جدا لتلقي لقاح الحصبة، بالتهاب الدماغ (SSPE)، وهي مرض دماغي متدرج وقاتل في أغلب الأحيان، تصيب الدماغ بعد سنوات من الإصابة الأولية بالحصبة.
ويُصيب التهاب الدماغ الشامل المصلب تحت الحاد حوالي واحد من كل 10 آلاف شخص يُصاب بالحصبة، لكن الخطر يرتفع إلى واحد من كل 600 لدى الرضع المصابين قبل بلوغهم عامهم الأول، تُسبب هذه الحالة ندبات والتهابا دماغيا متدرجا، وعادة ما تظهر بعد ست إلى ثماني سنوات من الإصابة الأصلية بالحصبة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الموقع إلى أنه قد تُخطئ الأعراض المبكرة في تشخيصها على أنها صعوبات في التعلم أو مشاكل في التركيز، لكن على مدار أشهر، يُصاب المرضى بتدهور سريع في الخرف، وحركات ارتعاشية لا يمكن السيطرة عليها، ونوبات صرع، وعلى الرغم من محاولات العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات والمضادة للالتهابات، يموت جميع المرضى تقريبا في غضون خمس سنوات.
وتثير هذه المأساة المخاوف المتزايدة بشأن تفشي الحصبة في البلدان التي كانت تغطيتها التطعيمية عالية سابقا، وقد أبلغت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة عن ما يقرب من 1500 حالة إصابة بالحصبة حتى الآن هذا العام وحده.
إرث مُعارضي اللقاحات
ويعود انخفاض معدلات التطعيم جزئيا إلى أبحاث مُضللة تحاول ربط لقاح MMR بالتوحد، وهي ادعاءات أطلقها طبيب فقد مصداقيته الآن، وقد تم دحضها تماما، وقد فاقمت المعلومات المُضللة على وسائل التواصل الاجتماعي هذه المخاوف، والتي قد تتفاقم بسبب التشكيك في اللقاحات بسبب جائحة كوفيد.
وشهدت المملكة المتحدة، قبل بدء التطعيم ضد الحصبة في ستينيات القرن الماضي، ما بين 100,000 و800,000 حالة إصابة سنويا.
ولفت الموقع إلى الصعيد العالمي، إلى أن المرض كان يقتل ما بين 2 و3 ملايين شخص سنويا، لا تزال الحصبة من أكثر الفيروسات المعروفة عدوى، حيث تصيب تسعة من كل عشرة أشخاص غير مُلقحين معرضين لها.
ويُعد لقاح الحصبة فعالا بنسبة 97 بالمئة، وقد منع أكثر من 60 مليون حالة وفاة حول العالم بين عامي 2000 و2023، والأهم من ذلك، أن معدلات التطعيم المرتفعة تُنشئ "مناعة جماعية" تحمي الرضع الصغار جدا على التطعيم مثل الطفل الذي توفي في لوس أنجلوس.
اظهار أخبار متعلقة
ويمكن للخبراء الطبيين تشخيص SSPE من خلال فحوصات الدماغ واختبارات النشاط الكهربائي وتحليل السائل النخاعي للكشف عن الأجسام المضادة ضد فيروس الحصبة المُتكاثر. ومع ذلك، لا تزال خيارات العلاج محدودة للغاية نظرا لندرة هذه الحالة، مما يمنع إجراء تجارب سريرية واسعة النطاق.
وعلل الموقع ذلك لأن فيروس الحصبة يمكن أن يظل كامنا في الجسم بعد الإصابة، ثم يتحور لاحقا ويهاجم الدماغ، يُسبب هذا المرض موتا والتهابا واسع النطاق لا رجعة فيه لخلايا الدماغ، وهو ما يُطلق عليه اسم "التهاب الدماغ الشامل (SSPE)".
في حين كان مرض SSPE شائعا في البلدان النامية، إلا أنه أصبح نادرا في الدول التي لديها برامج تطعيم قوية للأطفال. ومع ذلك، فإن انخفاض معدلات التطعيم يهدد الآن بعودة ظهور هذا المرض وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
اظهار أخبار متعلقة
ونظرا للتأخير الطويل بين الإصابة بالحصبة وتطور مرض SSPE، يُحذر مسؤولو
الصحة من أن المزيد من الحالات المأساوية قد تتبع تفشي المرض الحالي. وبحلول الوقت الذي تصبح فيه حالات SSPE شائعة، سيكون قد فات الأوان لمنع المزيد منها من خلال التطعيم.
وتُمثل الوفاة في لوس أنجلوس تذكيرا مهما بأن الحصبة ليست مرضا حميدا يصيب الأطفال. يمكن أن تُسبب مضاعفات خطيرة، بما في ذلك الالتهاب الرئوي، وكما تُظهر هذه الحالة، تلفا دماغيا متأخرا ولكنه مميت بعد سنوات.