لا زال
الاحتلال مصابا بـ"فوبيا"
هجوم الطوفان الذي انطلق من
غزة، ويخشى تكراره من جبهات عربية مجاورة، خاصة الخاصرة
الضعيفة لحدوده الشرقية، مما دفعه لتشكيل فرقة غلعاد (96) لتأمين المنطقة، وإنشاء
عازل أمني لمستوطني غور الأردن، ووسط فلسطين المحتلة.
إليشع بن كيمون المراسل العسكري لصحيفة
يديعوت
أحرونوت، كشف أنه "تم تجنيد 12 ألف جندي احتياطي، وبناء خطوط دفاع على الحدود
الأردنية، في إطار استخلاص الدروس بعد هجوم السابع من أكتوبر، حيث قرر الجيش تسريع
إنشاء فرقة جلعاد (96) التابعة للقيادة الشرقية، المكلفة بتأمين الحدود مع الأردن،
وتوفّر ردا سريعا في حال وقوع غارة مسلحة، لاسيما وأن الحدود مع الأردن هي الأطول
مع الاحتلال، وتمتد لأكثر من 500 كيلومتر من خليج إيلات، مرورا بالضفة الغربية،
وصولا لمنطقة حمات غدير في الجولان".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن
"جزء من هذه الحدود مفتوح على مصراعيه، وجزء آخر مغلق بالأسوار، وقد أنجزت
أعمال تحضيرية لتعزيزها بالمواقع العسكرية والموارد، لكن سيستغرق نظام الأمن سنوات
حتى يصبح السياج بأكمله مستقرا، وقد أنشأ الجيش بالفعل بنية تحتية لجمع المعلومات
الاستخبارية على طول أجزاء من الحدود، لكن من الصعب، إن وجد، إغلاقها، لأن مهرّبي
الأسلحة يدرسون إغلاقات الجيش، ويحسّنون محاولات التهريب، كما يظهر في المعلومات
الاستخبارية، حيث يغيّرون تكتيكاتهم باستمرار".
وأشار أن "البقاء على الحدود الشرقية يمثل
تحديا كبيرا لجنود الاحتلال، فالحرارة شديدة، وتصعّب البقاء في المواقع لفترات
طويلة، والمنطقة واسعة وكبيرة، مما يصعّب البقاء في حالة تأهب ويقظة على مر الزمن،
مع أن مصدر القلق في الجيش الذي أدى لإنشاء الفرقة الشرقية، ليس قرار الجيش
الأردني، بعد إعادة الخدمة الإلزامية بعد 34 عاما من إلغائها، لاسيما وأن لديهما
مصالح مشتركة في إبعاد العناصر المعادية، والسيناريو المرجعي الذي ناقشته هيئة
الأركان العامة هو خرق الحدود الشرقية، من خلال غزو جماعي من مليشيات عراقية
وفلسطينيين وخلايا حوثية".
وأوضح أن "السيناريو المرجّح أن عشرات
المسلحين سيحاولون اختراق الحدود، ويضربون في قلب دولة الاحتلال في وقت قصير، خاصة
إذا لم تكن هناك معلومات استخباراتية مسبقة، كما حدث في السابع من أكتوبر، ويقدر
الجيش أن تعزيز القوات على طول الحدود الشرقية سيساعد على الأقل في تقليل حجم
الحدث، حتى لو لم يمنعه تماما في سيناريو الغارة دون معلومات مسبقة، كما يفترض
بالجيش الأردني أن يساعد في إحباط ومنع وقوع أي أحداث، بمجرد ملاحظة أي حدث مرتقب".
وأشار إلى أن "الفرقة الشرقية بدأت العمل
فعليا مع اندلاع الحرب مع إيران، لكن الجيش لم يدخِلها رسميا إلا الآن، وفي إطار
هذا التدشين، عرض المتحدث باسمه، إيفي ديفرين، التغييرات التي طرأت على الحدود،
واستثمرت فيها موارد كثيرة للتعبير عن التغيير في التصور الأمني للجيش، في إطار
دروس الطوفان، وفي إطار إنشاء الفرقة، بنيت عدة خطوط دفاع على الحدود الشرقية،
ومنها مواقع خط المياه، والسياج العازل الذي لم يكتمل بناؤه بالكامل، ولم تبن
أجزاء كثيرة منه بعد، وأول خط استيطاني في وادي الأردن لتعزيز الأمن".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "الكتيبة الأولى في الفرقة بدأت
مؤخرا بالعمل الميداني، ويتوقع الانتهاء من تدريبها بحلول 2027، وتم مؤخرا استكمال
تدريب المجندات اللواتي سيعملن على مركبات عسكرية، معدّة خصيصا لتحدّيات منطقة
الغور الطبوغرافية، حيث ستستجيب القوة للأحداث المتفجرة، كما قام الجيش بربط أجزاء
كبيرة من الحدود بكاميرات ووسائل مراقبة وتحديد الهوية، وأعاد استخدام المراكز
الحدودية القديمة، ورغم السيناريوهات الموصوفة، فإن العمل الرئيسي سيكون إحباط
التهريب، ومنع تسلل الأسلحة الهامة عبر الحدود للضفة الغربية، بما فيها العبوات
الناسفة والصواريخ المضادة للدبابات والمتفجرات والمسلحين ذوي المعرفة الواسعة
بإنشاء البنى التحتية".
وكشف أنه "منذ بداية العام تم إحباط 120
محاولة تسلل عبر هذه الحدود، واعتقال 11 مشتبها بهم أثناء التسلل والتهريب
والتخطيط لأعمال معادية، بعد أن أصبحت الحدود مع الأردن على مر السنين مركزا معروفا
لتهريب الأسلحة في محاولة لإنشاء بنى تحتية، وإشعال النار في الضفة الغربية،
وتهديد قلب دولة الاحتلال، كما وقعت في السنوات الأخيرة هجمات إطلاق نار كثيفة في
المنطقة وعند معبر اللنبي، مما أجبر القيادة الوسطى للجيش على تغيير مفهومها
الدفاعي".
يمكن القول إن هذا التطور يأتي انطلاقا من
قناعة جيش الاحتلال بأنه رغم انخفاض وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية، لكن
هذا "هدوء زائف"، حيث يحاول المقاومون تحت السطح إشعالها، مما يدفع
الاحتلال لتغيير مفهوم الأمن لديه، وقد تجلّى منذ فشله في السابع من أكتوبر، الأمر
الذي جعله يدركن ولو متأخرا، مدى الحاجة لتعزيز الحدود الشرقية مع الأردن، وتحسين
نظام جمع المعلومات والرصد والعوائق والقدرة على التنقل والقيادة والسيطرة.