مدونات

أهمية التربية الإسلامية لمستقبل أبنائنا..

فراس السقال
"المدرسة يجب أن تكون مصنعا لشخصية متكاملة تجمع بين العلم والأخلاق، وتؤهل أبناءنا لمواجهة تحديات الحياة بقيم راسخة ونفع عملي حقيقي"- الأناضول
"المدرسة يجب أن تكون مصنعا لشخصية متكاملة تجمع بين العلم والأخلاق، وتؤهل أبناءنا لمواجهة تحديات الحياة بقيم راسخة ونفع عملي حقيقي"- الأناضول
لا أخفيكم أنني شعرت بالدهشة والاستياء حين طالعت قرار وزارة التربية الأخير، والذي يقضي بتقليص حصص مادة التربية الإسلامية في المناهج التعليمية السورية، بالتزامن مع إعادة مادة الموسيقى للواجهة. فبعد كلّ سنوات الثورة والتضحيات، كان أمل الشعب السوري (وأنا منهم) أن نشهد انطلاقة جديدة للتربية والتعليم، قائمة على قيم مجتمعنا وتطلعاتنا نحو جيل أخلاقي قادر على بناء المستقبل. لكن يبدو أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن..

هذا القرار أثار في داخلي العديد من التساؤلات: هل هذا هو الطريق الذي ترغب الوزارة أن يسلكه أولادنا حقا؟ أليس من المجحف أن تُهمل مادة أساسية في بناء الأخلاق والهوية، مقابل مادة لا أرى في عودتها فائدة حقيقية على شخصية الطالب والمجتمع؟!
هل هذا هو الطريق الذي ترغب الوزارة أن يسلكه أولادنا حقا؟ أليس من المجحف أن تُهمل مادة أساسية في بناء الأخلاق والهوية، مقابل مادة لا أرى في عودتها فائدة حقيقية على شخصية الطالب والمجتمع؟!

وخلال سنوات الثورة وقبل التحرير، عمل الشمال السوري المحرر على دعم وزيادة دروس التربية الإسلامية خلال جميع المراحل الدراسية، وكان لذلك نتائج رائعة وملموسة ساهمت في التقدم والإصلاح والتربية ونشر الفضيلة والقيم والأخلاق الحسنة، ودفع الرذيلة والفساد والسوء وفي كافة المجالات والصعد..

الواقع أنّ المؤسسات الإسلاميّة والتربوية بحجمها وثقلها في سوريا عبّرت جهارا عن غضبها من الأمر، وأنا أضم صوتي لصوتها، وكذلك كثير من أبناء الشعب السوري يعتبرون التربية الإسلامية ركيزة أساسية لتنشئة الجيل الجديد، وليست مجرد مادة ثانوية يمكن تقليصها متى شاء المسؤولون.

يبقى السؤال المطروح والمنطقي: ما الغاية من هذا التقليص وإعادة درس الموسيقى؟ هل هو اجتهاد خاطئ من الوزارة فحسب، أم أنّ هناك محاولة لمجاراة نهج الغرب وبعض التيارات العلمانية، على حساب هوية المجتمع وقيمه؟

ولا يخفى على أحد حجم الضرر الذي خلّفته سياسات النظام السوري طوال عقود في ضرب قيم المجتمع، وتمكين ظواهر مثل الرذيلة، وانتشار المخدرات، ودعم سلوكيات منحرفة، حتى أصبحت التربية الأخلاقية ضرورة مُلحة اليوم أكثر من أي وقت مضى. فبصراحة، من الخطأ العظيم إهمال التربية الإسلامية في هذه المرحلة، فنحن بحاجة إلى ما يعزز القيم الصحيحة في نفوس شبابنا، ويعيد بناء شخصية الأجيال القادمة على أساس راسخ من الدين والأخلاق والسلوك الصحيح.

ومن تجربتي وما أراه حولي، فإن مادة التربية الإسلامية ليست مجرد درس يُمرّر في جدول الأسبوع المدرسي، بل هي جزء لا يتجزأ من بناء شخصية الطالب، وغرس مبادئ مثل الصدق، والأمانة، وحب الخير، واحترام الكبير، والاعتدال.

أمّا الموسيقى، فأنا لا أنكر أنها فن وتنمية للذوق تهتم بها وتنتهجها بعض المجتمعات، ولكن عمليا لم ألمس أثرها في تعزيز الأخلاق أو بناء الشخصية، خصوصا في مجتمع مسلم له خصوصيته وتطلعاته وثقافته. فالأجدر لو استبدلت الموسيقى بمادة نافعة كتربية أسرية أو مهارات حياتية أو حتى ثقافة صحية..

بكلمات بسيطة وصريحة، رؤيتي التربوية أن المدرسة يجب أن تكون مصنعا لشخصية متكاملة تجمع بين العلم والأخلاق، وتؤهل أبناءنا لمواجهة تحديات الحياة بقيم راسخة ونفع عملي حقيقي..

لذا أخاطب وزارة التربية اليوم من باب الحرص، وأطلب منها أن تعيد النظر بهذا القرار، وأن تستمع لصوت المؤسسات التربوية والدينية وللأغلبية الصامتة من الأهالي. لنُعد لمادة التربية الإسلامية مكانتها، ونُخرج جيلا مؤمنا واعيا ينهض بسوريا نحو مستقبل أكثر إشراقا.
التعليقات (0)

خبر عاجل