نشر المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل مقالا تناول فيه التوتر المتصاعد بين
مصر و"
إسرائيل"، بعد تصريحات لقيادي في حركة حماس، وما تلاها من ردود رسمية مصرية، وصولاً إلى تلويح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو بخيارات قد تمس اتفاقات استراتيجية بين الجانبين.
وبدأ الكاتب برئيل في المقال الذي نشتره صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بنقل تصريحات القيادي البارز لحركة حماس خليل الحية التي قال فيها: "إخوتنا في مصر، أنا أتوجه إليكم نظرا لموقفكم السياسي والاجتماعي في الأمة العربية وفي العالم، ونظرا لأننا نعرف أنكم تشعرون بالألم الذي يعانيه أخوتكم في
غزة. يا سكان مصر وزعماؤها، هل ستسمحون بموت أخوتكم جوعا على حدودكم؟".
وقال إن "هذا ما قاله خليل الحية، رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة في نهاية شهر تموز/ يوليو الماضي. وعندما قال ذلك تم تفسير هذه الأقوال في مصر كتهمة مباشرة موجهة بالأساس للنظام المصري لأنه لا يعمل على رفع الجوع عن سكان غزة".
وأضاف "الرد المصري كان فوري وشديد. والمتحدثون الرسميون باسم مصر اتهموا الحية وحماس بالنفاق ونكران الجميل بشأن المساعدة التي قدمتها مصر للفلسطينيين. وهم حتى قالوا إن هدف هذه التصريحات هو إثارة الفوضى في مصر التي ستؤدي إلى إسقاط النظام".
اظهار أخبار متعلقة
وذكر أن "محللين كبار في مصر قالوا في حينه إن هذه الأقوال تنبع من الضغط الذي تتعرض له حماس بسبب الضربة الشديدة التي تعرضت لها من قبل إسرائيل، وأنها تحاول استغلال الوضع الاقتصادي الصعب في مصر لتحريض الجمهور على الاحتجاج ضد النظام. وبعد أسبوعين، بعد محادثات مصالحة حثيثة، تم استدعاء وفد من حماس برئاسة الحية إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات حول خطة تحرير المخطوفين، لكن الضغينة بقيت على حالها".
وأكد أن "أقوال الحية يبدو أنها مست القلب الرحيم لبنيامين نتنياهو، وهو الذي قال إنه ينوي فحص فتح معبر رفح من الطرف الغزي، الذي يوجد تحت سيطرة إسرائيل، من أجل السماح لسكان غزة بالخروج إلى مصر. وإذا كانت تنقص إسرائيل جبهات فقد اختار نتنياهو الآن تأسيس جبهة جديدة، بالتحديد مع الدولة التي سيمر على اتفاقيات إطار السلام معها، اتفاقات كامب ديفيد التي سيصادف في هذا الشهر مرور 47 سنة على توقيعها".
وأضاف برئيل أن "مصر التي منذ بداية الحرب دخلت إلى حالة استعداد قرب الحدود مع قطاع غزة، لم يكن يتعين عليها تقديم دليل على أن إسرائيل لم تتنازل عن حلم استئصال سكان غزة وإرسالهم إلى شبه جزيرة سيناء. هي تعرف أن هذه الفكرة الغبية التي زرعها الرئيس ترامب (وتراجع عنها الآن) تنبض بقوة في قلب إسرائيل. وزارة الخارجية في مصر أوضحت على الفور بأن خطوة إسرائيلية كهذه هي خط احمر وخرق فظ للقانون الدولي الذي يصل إلى درجة التطهير العرقي".
وأكدت وزارة الخارجية المصرية في إعلانها على أن "مصر لن تكون في أي يوم شريكة في هذا القمع الذي يهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، ولن تصبح بوابة الهجرة".
وذكر الكاتب أن "نتنياهو الذي لم ينجح في التغلب على نزوته أضاف القليل من الزيت الساخن على النار، عندما صاغ لائحة اتهام موجهة ضد وزارة الخارجية المصرية (بدون ذكر اسم عبد الفتاح السيسي بصراحة). حسب أقوال رئيس الحكومة فان وزارة الخارجية "تفضل أن تحبس في غزة السكان الذين يريدون الخروج من منطقة الحرب خلافا لإرادتهم".
وأوضح أنه "إذا كان هذا غير كاف، فإنه في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" من قبل "مصدر سياسي" أن "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الطاقة ايلي كوهين سيفحصان اتفاق الغاز بين شركاء لفيتان ومصر، على خلفية التقارير بشان أن مصر تخرق اتفاق السلام مع إسرائيل".
وبين أن "الحديث يدور عن اتفاق تم التوقيع عليه في الشهر الماضي بين الشركاء في حقل لفيتان، ريتشو ونيومنت انرجي (التي تسيطر عليها مجموعة ديلك)، وشركة بلو أوشن إنرجي، التي تشتري الغاز لصالح مصر. حسب هذا الاتفاق مصر ستشتري 130 مليار متر متر مكعب من الغاز بمبلغ 35 مليار دولار، ومن أجل تنفيذ هذا الاتفاق ستبني الشركات الإسرائيلية ومصر أنبوب ضخ آخر بتكلفة مشتركة تقدر بـ 400 مليون دولار، وإقامة الأنبوب ستنتهي في 2028".
وقال الكاتب إنه "من مشكوك فيه أن يقوم نتنياهو وبحق إعاقة المصادقة على صفقة الغاز الأكبر، التي يتوقع أن تكون لها مكاسب كبيرة لإسرائيل، والأكثر أهمية هو وضع أسس اقتصادية قوية للعلاقات السياسية الباردة بين الدولتين. لكن يصعب الآن معرفة ما الذي دفعه لأن يلوح بالتحديد بهذا الاتفاق المهم من أجل تهديد مصر. المبرر الذي تمسك به أن مصر تخرق اتفاق كامب ديفيد عندما تقوم بحشد قوات مدرعات وقوات برية في شبه جزيرة سيناء، هو مبرر ضعيف جدا".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أنه "في العام 2014 سمحت إسرائيل لمصر بزيادة حجم قواتها في سيناء، حتى في المناطق التي كان يجب أن تكون منزوعة السلاح أو تتواجد فيها قوات قليلة حسب اتفاق كامب ديفيد. في 2015 أقيم جهاز تنسيق عسكري بين إسرائيل ومصر، الذي في إطاره تم تنسيق "خروقات متفق عليها"، تسمح بدخول القوات المصرية إلى شبه جزيرة سيناء، وفي إطار هذا التنسيق سمحت إسرائيل لمصر باستخدام سلاح الجو في هذه المنطقة، وحسب تقارير في وسائل اعلام عربية (التي نفتها مصر) فان سلاح الجو الإسرائيلي ساعد في هذه المعركة. في شباط/ فبراير الماضي نشرت تقارير تقول إن الجيش المصري يقوم بتدريبات ومناورات، ظهرت فيها عشرات الدبابات والجنود وهم ينفذون مناورات دخول وخروج من الأنفاق".
وذكر أن "الجيش الإسرائيلي الذي يتابع عن كثب سلوك الجيش المصري، أوضح بأنه لم يحدث أي تغيير في انتشار القوات المصرية، بالتحديد عندما توصف مصر في إسرائيل كتهديد محتمل، فإن القاهرة تقرر التوقيع على اتفاق بعيد المدى مع إسرائيل بمبلغ ضخم. صحيح أن أي اتفاقات سياسية أو اقتصادية ليست أشياء محفورة في الصخر، مثلما أيضا إسرائيل أثبتت ذلك. ولكن اتفاق الغاز يستند إلى قرار استراتيجي لمصر لتوثيق العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل رغم الدمار والقتل الذي تقوم به في غزة، ورغم انتقاد الجمهور في مصر وعلى خلفية ذكرى اتفاق بيع الغاز الذي وقع عليه الرئيس السابق حسني مبارك مع إسرائيل، وكان ذريعة لثورة الربيع العربي التي أدت في نهاية المطاف إلى عزله في 2011".
واعتبر برئيل أن "مصر تنسق لتهدئة الانتقاد العام ضد اتفاق الغاز، هي تصفه بـ "توسيع للاتفاق الذي وقع في 2019 وليس كعملية استراتيجية جديدة". هي أيضا تقول إنه في حالة نزاع سياسي مع إسرائيل يوجد لها بدائل، وفعليا هي وقعت مع قطر ودول أخرى على اتفاقات للتنقيب عن الغاز واستخراجه. أيضا مصر وقعت مع تركيا على اتفاق هو الأول من نوعه، الذي بحسبه ترسي تركيا قرب الشواطيء المصرية سفن لتجميع الغاز السائل، الذي سينقل إلى مصر لاستخدامه في ذروة موسم الاستهلاك. إلا أن هذه الحلول أغلى بكثير من شراء الغاز الإسرائيلي مباشرة من حقول الإنتاج".