قضايا وآراء

رحيل الإعلامية عبير الأباصيري يكشف القصور في الرعاية الصحية في مصر

مصطفى جاويش
رحيل الإعلامية عبير الأباصيري على أبواب المستشفى فتح النقاش مجددًا حول القصور الطبي في مصر، وضرورة تفعيل القوانين التي تضمن العدالة الصحية..
رحيل الإعلامية عبير الأباصيري على أبواب المستشفى فتح النقاش مجددًا حول القصور الطبي في مصر، وضرورة تفعيل القوانين التي تضمن العدالة الصحية..
رحيل الإعلامية عبير الأباصيري على أبواب المستشفى فتح النقاش مجددًا حول القصور الطبي في مصر، وضرورة تفعيل القوانين التي تضمن العدالة الصحية، خصوصًا في حالات الطوارئ التي لا تحتمل الانتظار. ويؤكد مراقبون أن الحادثة ستدفع إلى تشديد الرقابة على المستشفيات، وتعزيز الوعي بحقوق المرضى، بما يحفظ حياة المواطنين ويمنع تكرار مثل هذه الأزمات، والتي تحولت بالفعل إلى قضية إنسانية وصحية أثارت الرأي العام. وبين تضارب الروايات حول ما حدث داخل المستشفى، تبقى الرسالة الأهم هي ضرورة التمسك بـ حق المواطن في العلاج المجاني الفوري، وإلزام المستشفيات كافة بتطبيق القانون دون تهاون.

قسم الاستقبال والطوارئ يعتبر الواجهة الصحية المجتمعية لأية منشأة صحية

الحالة الطارئة هي أي حالة طبية أو إصابة تظهر فجأة وبشكل حاد لدرجة أن أي تأخير في تلقي الرعاية قد يؤدي إلى تهديد حياة الشخص أو إلى ضرر دائم لأحد أعضائه أو وظائفه وهي تتطلب خدمات رعاية صحية يمكن الوصول إليها وذات جودة ومراعية لعامل الوقت.

وتعتبر خدمات الاستقبال والطوارئ في المستشفى ذات أهمية خاصة لأنها توجه للإنقاذ السريع للمرضى فى الحالات الحرجة وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين في مختلف الحوادث كخطوه أولى وضرورية للتقليل من خطورة هذه الحالات، وقد أصبح الإنقاذ السريع للمرضى حاجة ملحة وذلك لازدياد المضطرد فى الأمراض التي قد تفاجئ الإنسان في أي وقت كحالات الغيبوبة بجميع أنواعها ـ الذبحة الصدرية والجلطة القلبية ـ حالات التسمم الغذائي وغير الغذائي ـ حوادث السيارات والطرق ـ إصابة العمل والحروق والكوارث الطبيعية.

علاج حالات مرضى الطوارئ ممولة من خلال صندوق قائم في الأساس على الهبات والتبرعات ورسوم على مواد استهلاكية وجزء بسيط جدا من خزانة الدولة، وهذا يعتبر من أهم أسباب انتشار الشكوى من عدم قبول المستشفيات بالعلاج المجاني لمرضى الطوارئ
الواقعة أبرزت وجود التضارب معتاد بين أقوال شهود العيان وبين البيانات الرسمية من وزارة الصحة؛ إحدى زميلاتها بالتلفزيون المصري كتبت تقول: "جالها جلطة في المخ، ومن الواضح أن صحتها لم تسعفها أن تكلم أحدا من أصدقائها فلجأت لجارها الصغير فادي 16 سنة اللي طلب الإسعاف فورا اللي نقلتها بدورها لأقرب مستشفى لمسكنها بفيصل، وهي مستشفى الهرم بالجيزة غرب القاهرة ، ولأن مستشفى الهرم غير تابعة للتليفزيون المصري أو نقابة السينمائيين فرفضوا بكل جحود وانعدام ضمير وقسوة علاجها إلا بعد دفع 1400 جنيه (29 دولار) لإذابة الجلطة وبداية العلاج، ومن الواضح أنها لم يكن معها هذا المبلغ أو حتى مع الطفل".

وتابعت: "مستشفى الهرم رموها أكثر من ست ساعات في الاستقبال بلا أي علاج، وهذا ما أدى إلى تدهور حالتها ووصولها إلى الغيبوبة، طبعا الأعمار بيد الله والشر بيد البشر"، في حين أصدرت وزارة الصحة بيانا أعلنت فيه أنها تتابع باهتمام بالغ ما تم تداوله مؤخرًا عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن وجود تقصير مزعوم في التعامل مع الحالة الصحية للإعلامية عبير الأباصيري بمستشفى الهرم التخصصي، مع ادعاءات بتأخير تقديم الخدمة الطبية لحين دفع مبلغ مالي، مما أدى إلى وفاتها.

وأضاف بيان وزارة الصحة أنه وبناء على التحقيق في الواقعة، اتضح أن المريضة وصلت إلى قسم والطوارئ بمستشفى الهرم التخصصي في 27 أغسطس 2025، وحول الادعاءات المتعلقة بالمطالبات المالية، تؤكد الوزارة أن جميع الخدمات الطبية المقدمة للمريضة كانت مجانية بالكامل، كونها حالة طارئة، ولم يتم تحصيل أي رسوم مقابل الخدمات الطبية.

جولة مفاجئة لوزير الصحة داخل مستشفى الأهرام الحكومي تؤكد على وجود قصور في الخدمات للمرضى: وكما هو متوقع فقد قام وزير الصحة بزيارة المستشفى محل الواقعة، وخلال الزيارة أصدر الوزير عددا من التوجيهات العاجلة، شملت إعادة تنظيم العمل داخل قسم الطوارئ والاستقبال بصورة عاجلة، وإعادة توزيع المساحات بما يضمن انسيابية الخدمة، إلى جانب توفير أماكن انتظار مناسبة للمرضى وذويهم، وقرر إنهاء التعاقد فورا مع الشركة المسؤولة عن أعمال النظافة، وكذلك مع شركة الأمن المكلفة بتنظيم الدخول "بعد رصد تقصير واضح في أداء مهامها، أدى إلى تكدس المرافقين وعدم انتظام حركة الدخول"، على نسب الإشغال التي بلغت 70% للأقسام الداخلية و100% لأسرّة الرعاية المركزة، وبناءً على ذلك، أصدر توجيهاته بزيادة أعداد الأطباء وتوسيع التخصصات الطبية لتلبية احتياجات المرضى المتزايدة ؛ وفق بيان للوزارة . والخلاصة هي أن زيارة الوزير أكدت على وجود قصور ادارى وفني بالمستشفى إضافة إلى غياب الرقابة والمتابعة الإدارية والفنية وقصور في أعمال الصيانة والتطوير.

علاج مرضى الطوارئ بين القرارات الوزارية المتتالية وتعقيدات إدارية في صرف المستحقات المالية للمستشفيات: قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 إنشاء منظومة العلاج على نفقة الدولة وتشكيل “المجالس الطبية المتخصصة” لبحث الحالات وإصدار التوصيات؛ وهي البنية الإدارية التي جرى البناء عليها لاحقًا لتمويل كثير من حالات الطوارئ غير المؤمن عليها؛ ثم صدرت عدة قرارات بداية من القرار الوزاري رقم 186 لسنة 2001 وفيه تم إلزام  المستشفيات الحكومية والخاصة والاستثمارية بتقديم العلاج الطارئ مجانًا لمدة 24 ساعة، وبعدها صدر القرار الوزاري رقم 608 لسنة 2011 وفيه تعديل بأن وزارة الصحة تتحمل التكلفة كاملة خلال أول 24 ساعة وكانت توجد مشكلة في التمويل، وفى بداية عام 2013  أعلن وزير الصحة أنه تم توفير التمويل وشدد على المحاسبة الفورية لمن يخالف قرار المجانية، وأخيرا جاء  قرار رئيس الوزراء رقم 1063 لسنة 2014: وفيه تم مضاعفة فترة العلاج الطارئ المجاني إلى 48 ساعة، وحدد مصادر التمويل من خلال عدة مسارات تشمل: التأمين الصحي الحكومي ويغطى 58 بالمئة من السكان، ومن خلال الأكواد المعتمدة في  بند العلاج على نفقة الدولة من الخزانة العامة ، وبالنسبة للمستشفيات الخاصة والاستثمارية فإنه يتم العلاج بالمجان، ويتم رفع المطالبات المالية للصرف من وزارة الصحة، وتم التأكيد على أنه لا يجوز احتجاز المريض أو طلب شيكات أو طلب شيكات أمانة.

وهنا كانت المشكلة لأن القرار الوزاري المشار إليه لم ينص على أكواد العلاج على نفقة الدولة المعتمدة لصرف مستحقات المالية للمستشفيات، وبالتالي فقد توقفت أغلب المستشفيات عن تقديم العلاج المجاني دون تحصيل أموال من المرضى مقابل الخدمة الصحية، وهذا الأمر تم نشره بكثرة في صورة شكاوى على السوشيال ميديا خلال الفترة الحالية، كان آخرها ما حدث يوم الجمعة 5 سبتمبر/ أيلول 2025 في مستشفى مبرة مصر القديمة الحكومية وتم تحويل الإدارة للتحقيق.

صندوق مواجهة الطوارئ الطبية يعتبر مسارا غير منتظما لصرف مستحقات علاج الطوارئ المجاني بالمستشفيات:

علاج المواطنين بالمجان بقسم الطوارئ بالمستشفيات لمدة 48 ساعة؛ يتم من خلال إصدار قرارات نفقة الدولة والممولة من صندوق مواجهة الطوارئ الطبية، والذي تم إنشاؤه بناء على القانون الصادر برقم 139 لسنة 2021، ويتبع رئيس مجلس الوزراء، وتتكون موارده من حصيلة المساهمات المالية للعلاج على نفقة الدولة في التدخلات الطبية التى يغطيها الصندوق. ، ونسبة مئوية من سعر بيع مستحضرات التجميل المستوردة، ومن سعر بيع المبيدات الحشرية المعدة للاستخدام في غير الأغراض الزراعية ، ونسبة من حصيلة الحسابات الخاصة بالقطاعات المختلفة بديوان عام وزارة الصحة والسكان ،و المبالغ المالية التى يقدمها البنك المركزي المصري والبنوك واتحاد البنوك المصرية كمساهمات لدعم  الصندوق. والهبات والتبرعات والمنح التى تقدم للصندوق من الأفراد أو الهيئات، ويقبلها مجلس الإدارة وعوائد استثمار أموال الصندوق.

الحالة الطارئة هي أي حالة طبية أو إصابة تظهر فجأة وبشكل حاد لدرجة أن أي تأخير في تلقي الرعاية قد يؤدي إلى تهديد حياة الشخص أو إلى ضرر دائم لأحد أعضائه أو وظائفه وهي تتطلب خدمات رعاية صحية يمكن الوصول إليها وذات جودة ومراعية لعامل الوقت.
وهذا يعنى أن علاج حالات مرضى الطوارئ ممولة من خلال صندوق قائم في الأساس على الهبات والتبرعات ورسوم على مواد استهلاكية وجزء بسيط جدا من خزانة الدولة، وهذا يعتبر من أهم أسباب انتشار الشكوى من عدم قبول المستشفيات بالعلاج المجاني لمرضى الطوارئ؛ حيث أن استرداد تكاليف العلاج غير مضمونة، خاصة وأنه يوجد 40 مليون مواطن خارج مظلة الهيئة العامة للتأمين الصحي، في حين أن التأمين الصحي الشامل الجديد مازال متعثرا في مرحلته الأولى وبنسبة تغطية 6 % فقط، والحل الفوري لمشكلة تمويل علاج حالات الطوارئ بالمستشفيات هو في نقل تمويلها إلى الخزينة العامة للدولة مباشرة، وتسهيل إجراءات الاستعاضة المالية ، وهذا يلزمه بالضرورة أن تلتزم الدولة بما ورد في مادة 18 من دستور 2014 بأن تصل نسبة موازنة الصحة إلى المعدلات المعتبرة حسب توصيات منظمة الصحة العالمية .
التعليقات (0)

خبر عاجل