سياسة عربية

جدل في العراق بعد تصريحات الخنجر وعبارة "الغوغائيين".. اتهامات بـ"الطائفية"

العراق: تحرّك لإقصاء الخنجر من الانتخابات بسبب تصريح قديم  -  خميس الخنجر "فيسبوك"
العراق: تحرّك لإقصاء الخنجر من الانتخابات بسبب تصريح قديم - خميس الخنجر "فيسبوك"
تصاعدت في الأوساط السياسية والإعلامية العراقية خلال الأيام الأخيرة أزمة جديدة بسبب زعيم تحالف "السيادة" السني خميس الخنجر، بعد اتهامه باستخدام تعبير "الغوغائيين" في خطاب سابق، وهي مفردة أثارت حساسية عالية داخل الأوساط الشيعية، ودفعت أطرافاً سياسية إلى المطالبة باستبعاده من الانتخابات المقبلة المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

سارع الخنجر الذي اتهم بـ"الإساءة إلى العراقيين" وبخرق القوانين الانتخابية، إلى إصدار توضيحات عبر تحالفه، مؤكداً أن تصريحاته تم اجتزاؤها من سياقها، وأن جهات سياسية وميليشيات وصفها بـ"المشبوهة"، تقف وراء حملة الاستهداف التي يتعرض لها عبر جيوش إلكترونية.

خلفيات الأزمة
وتعود القضية إلى كلمة ألقاها الخنجر في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2023 داخل جامع أبي بكر الصديق في منطقة الغزالية ببغداد، عقب حادثة اقتحام المسجد والاعتداء على المصلين من قبل مجموعة وُصفت بأنها "خارجة عن القانون". 

وبحسب بيان تحالف السيادة، فقد استُخدمت مفردة "الغوغائيين" لوصف تلك المجموعة فقط، وليس الشعب العراقي أو مكوّناً بعينه.

وأوضح البيان أن الهجوم على المسجد تضمن "إساءة إلى رموز أهل السنة وسبّ الصحابة"، وأن الحكومة في حينه فتحت تحقيقاً في الحادثة، مؤكداً أن الخنجر كان يتحدث في هذا السياق، لا في سياق سياسي أو طائفي.

لكنّ خصوم الخنجر لم يقتنعوا بهذه التوضيحات، واعتبروا أن ما صدر عنه يعكس "لغة مستعارة من خطاب حزب البعث"، الذي اعتاد على استخدام هذا المصطلح ضد الانتفاضة الشعبانية الشيعية في مطلع التسعينيات.

شكوى رسمية ودعوات للاستبعاد
رئيس كتلة "حقوق" النيابية، النائب سعود الساعدي، قدّم شكوى رسمية إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ضد الخنجر، متهماً إياه بـ"الإساءة إلى الشعب العراقي" و"استخدام مؤسسة دينية لأغراض انتخابية". 

وأكد الساعدي أن الخطاب الذي تبناه الخنجر "يمس مشاعر أغلبية الشعب العراقي، ولا ينسجم مع التعددية السياسية"، مطالباً باستبعاده من الترشح.

وأضاف الساعدي أن الخنجر استغل منبر جامع أبي بكر الصديق للترويج لنفسه وحزبه، في مخالفة صريحة للقانون، مشيراً إلى أنه "مشمول أصلاً بإجراءات المساءلة والعدالة"، وهو ما يفقده شروط الترشح للبرلمان.

ردود فعل متباينة
لم تتوقف الأزمة عند حدود الساعدي، إذ دخلت أطراف أخرى على خط السجال. فقد دعا الأمين العام لحركة "بابليون" المسيحية، رايان الكلداني، الخنجر إلى تقديم اعتذار أو توضيح مباشر للجهة المقصودة بعبارة "الغوغائيين". وقال الكلداني إن هذه الكلمة "قد تُفهم بأنها موجهة ضد مكوّن بعينه، وهو ما يمثل خطراً على الوحدة الوطنية".

شدد الكلداني على أن "الشعب العراقي تجاوز الخطابات الطائفية ولم يعد يقبل إعادة تدويرها"، لافتاً إلى أن الخنجر كان من المستفيدين من الشراكة السياسية مع الحكومة الحالية، وحصل أنصاره على امتيازات واسعة. وأضاف: "المصلحة الوطنية فوق الحسابات الانتخابية، والعراق أكبر من أي خطاب يقسّم أبناءه".

من جهتها، اعتبرت النائبة عن كتلة "صادقون" ابتسام الهلالي أن تصريحات الخنجر محاولة متعمدة لإثارة الفتنة الطائفية. وقالت إن "الخنجر، الذي قُرّب إلى الدولة بعد هزيمة تنظيم داعش، ما زال يحمل الفكر البعثي الصدامي، ويستغل كل مناسبة لإعادة بث النعرات المرفوضة".

شددت ابتسام على أن العراق اليوم بحاجة إلى خطاب وطني يوحّد العراقيين، لا إلى "خطابات تستحضر الماضي وتعمل وفق أجندات خارجية لزعزعة الاستقرار".

أزمة هوية انتخابية
لا ينفصل توقيت الجدل عن اقتراب موعد الانتخابات، حيث يسعى كل طرف إلى شدّ عصب جمهوره وحصد مكاسب سياسية. ويرى مراقبون أن تصريحات الخنجر، سواء أُسيء فهمها أو استُخدمت ضده، أوقعت تحالفه في أزمة هوية، إذ يحاول الجمع بين دوره كزعيم سني بارز وبين التزامه بخطاب وطني جامع.

لكن الأزمة تكشف في الوقت ذاته هشاشة المشهد السياسي العراقي، إذ لا تزال المفردات الرمزية قادرة على استدعاء ذاكرة الماضي، وإعادة إنتاج الانقسام الطائفي الذي يقول الجميع إنهم يريدون تجاوزه.
التعليقات (0)

خبر عاجل