كشفت صحيفة هآرتس العبرية أن رئيس وزراء
الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو أبلغ وزراء حكومته المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية (
الكابينت) بأن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب يدعم العملية العسكرية في قطاع
غزة، شرط أن تُنفّذ بسرعة.
وبحسب ما نقلته القناة الإسرائيلية "12"، الأحد، فإن ضغوطاً مباشرة من ترامب تقف وراء إصرار نتنياهو على المضي قدماً في خيار احتلال مدينة غزة، رغم الخلافات داخل المؤسستين العسكرية والأمنية الإسرائيلية حول جدوى هذه الخطوة.
عقد الكابينت اجتماعا مساء الأحد لبحث آخر التطورات في القطاع. وتقدّر تل أبيب أن في غزة 49 أسيراً إسرائيلياً، بينهم 20 على قيد الحياة، فيما يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف و800 أسير فلسطيني يتعرضون لتعذيب وإهمال طبي ممنهج، قتل العديد منهم خلال السنوات الماضية، وفق تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.
ترامب يضغط ويفقد صبره
أكدت مصادر إسرائيلية مطلعة للقناة أن ضغوط ترامب على نتنياهو تزايدت في الأسابيع الأخيرة، وأن الرئيس الأمريكي شدد على ضرورة "هزيمة حماس" في غزة. ونقلت المصادر أن ترامب شعر بخيبة أمل بعدما أبدت قطر تفاؤلاً بقرب التوصل إلى اتفاق تهدئة، لكن التعنت الإسرائيلي وحملة التجويع في القطاع دفعت حماس إلى تشديد موقفها التفاوضي.
وبحسب القناة، فقد "فقد ترامب صبره"، وأبدى استغرابه من عجز الاحتلال الإسرائيلي عن تحقيق نصر سريع على المقاومة الفلسطينية رغم الدعم العسكري والسياسي الهائل المقدم لها.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً وصفتها منظمات حقوقية دولية بالإبادة الجماعية، خلّفت حتى الآن أكثر من 63 ألف شهيد و 160 ألف مصاب، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود، في حين يعاني مئات الآلاف من نزوح قسري ومجاعة أودت بحياة 339 فلسطينياً، بينهم 124 طفلاً.
ورغم حجم المجازر، تؤكد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يومياً تنفيذ عمليات نوعية تستهدف الجنود الإسرائيليين وتدمّر آليات عسكرية، في مشهد يعكس استمرار قدرة المقاومة على استنزاف الجيش الإسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
صفقات جزئية واتهامات للتهرب
كانت حماس قد وافقت منتصف آب/أغسطس الجاري على مقترح جزئي قدّمه الوسطاء بشأن تبادل الأسرى، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يعلن موقفاً واضحاً منه، رغم أنه يكاد يتطابق مع ما سبق أن وافقت عليه.
وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بالتهرب من صفقة شاملة تفضي إلى إنهاء الحرب، معتبرين أنه يفضّل اتفاقات جزئية تسمح بإطالة أمد المعركة حفاظاً على بقائه السياسي.
ويرى مراقبون أن نتنياهو يخشى انهيار حكومته في حال قبول اتفاق شامل، خاصة في ظل تهديدات شركائه من اليمين المتطرف بالانسحاب من الائتلاف إذا أُوقفت الحرب.
اعتبارات دولية ومحاكمات معلقة
يواجه نتنياهو محاكمات داخلية بتهم فساد قد تفضي إلى سجنه٬ كما تطلب المحكمة الجنائية الدولية اعتقاله بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، أشارت القناة إلى أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قدّر أن العملية العسكرية الهادفة لاحتلال مدينة غزة قد تُختتم مع نهاية كانون الأول/ديسمبر المقبل، لكن مؤسسات الأمن الإسرائيلية تخشى أن يتراجع ترامب عن دعمه إذا تصاعدت صور المجازر وباتت ضاغطة على الإدارة الأمريكية.
اظهار أخبار متعلقة
حسابات معقدة للمؤسسة الأمنية
وفق تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية٬ فلا تعتقد أن استسلام حماس بعد دخول الجيش إلى غزة أمر وارد، كما ترى أن احتمالات قبول الحركة بصفقة شاملة وفق شروط الكابينت منخفضة للغاية.
وكان نتنياهو قد أعلن مؤخراً خمسة شروط للتوصل إلى اتفاق، أبرزها نزع سلاح حماس، وتجريد القطاع من أي قوة عسكرية، وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة عليه، إلى جانب إقامة إدارة مدنية لا تضم حماس ولا السلطة الفلسطينية.
وهذه الشروط، تعني عملياً فرض وصاية إسرائيلية طويلة الأمد على القطاع، ما يفتح الباب أمام حرب استنزاف لا نهاية واضحة لها، في وقت يتزايد فيه الضغط الدولي لوقف المجازر، وسط عجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية.