"رايتس ووتش" لـ"عربي21": السعودية تسجل أرقاما قياسية بأحكام الإعدام (فيديو)
لندن- عربي2121-Aug-2501:22 PM
0
شارك
جوي شيا دعت المجتمع الدولي إلى لعب دور ملموس في الحد من الاستخدام غير المسبوق الذي تمارسه السعودية لعقوبة الإعدام- مواقع التواصل
قالت باحثة السعودية والإمارات في منظمة "هيومن رايتس ووتش"،
جوي شيا، إن السلطات السعودية نفذت منذ بداية عام
2025 موجة إعدامات غير مسبوقة، بلغت حتى الآن 241 حالة، بينهم ما لا يقل عن 22 شخصا
خلال الأسبوع قبل الماضي وحده، مؤكدة أن "الإعدام تحوّل إلى سلاح تستخدمه السلطات
لقمع المعارضين وإسكات الأصوات المستقلة".
وأشارت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "جميع من أُعدموا
هذا العام حُرموا من محاكمة عادلة ومن الحق في الإجراءات القانونية الواجبة"،
مؤكدة أن "السعودية استثمرت مليارات الدولارات في فعاليات رياضية وترفيهية كبرى،
في محاولة متعمدة لصرف الانتباه عن سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان".
ودعت شيا المجتمع الدولي إلى القيام بدور ملموس للحد من الاستخدام غير
المسبوق الذي تمارسه الحكومة السعودية لعقوبة الإعدام، مضيفة: "نريد من الحكومات
أن تعارض هذه الإعدامات، وبالأخص الحلفاء الذين تجمعهم بالسعودية علاقات اقتصادية قوية".
وقبل أيام، أصدرت "هيومن رايتس ووتش" و"مركز الديمقراطية
في الشرق الأوسط" بيانا قالا فيه إن "السلطات السعودية تنفذ موجة متصاعدة
وغير مسبوقة من الإعدامات في العام 2025، دون احترام الإجراءات القضائية الواجبة على
ما يبدو"، لافتين إلى أن "إعدام الصحفي تركي الجاسر، في 14 حزيران/ يونيو
الماضي، يثير مخاوف من أن تكون الحكومة السعودية تستخدم عقوبة الإعدام لقمع المعارضة
السلمية".
كان الجاسر، الذي كان في أواخر العقد الرابع من عمره، كاتبا وصحفيا ومدونا
سعوديا بارزا. كتب في صحيفة "التقرير" المستقلة التي دافعت عن الديمقراطية
وحقوق الإنسان، والتي أغلقتها السلطات السعودية في أيلول/ سبتمبر 2015.
وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما دلالة الموجة
غير المسبوقة من الإعدامات التي نفذتها المملكة العربية السعودية خلال عام 2025؟
في عام 2025، نفذت السلطات السعودية موجة إعدامات
غير مسبوقة؛ فحتى الآن من هذا العام، أعدمت السلطات 241 شخصا، من بينهم ما لا يقل عن
22 حالة نُفذت خلال الأسبوع الماضي وحده.
وإذا استمرت السلطات بهذا المعدل، فإنها ستتجاوز
جميع الأرقام القياسية السابقة للإعدامات بحلول نهاية العام. ويبعث هذا الاتجاه على
القلق الشديد، خاصة في ظل استخدام السلطات السعودية لعقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة.
ونبدي قلقا خاصا إزاء أحدث القضايا، وهي قضية الصحفي
السعودي تركي الجاسر، الذي أُعدم في 14 حزيران/ يونيو الماضي، وكانت "جريمته"
الوحيدة هي التعبير السلمي عن حق الحصول على المعلومات، وقد أثار إعدامه صدمة واسعة،
لما يحمله من دلالة على توظيف السلطات السعودية لعقوبة الإعدام كوسيلة انتقام سياسي.
لماذا تبدو
السلطات السعودية متساهلة في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام؟
السلطات السعودية كانت دائما تمتلك معدلات مرتفعة للغاية من الإعدامات
مقارنة بدول العالم. قبل سنوات، وعد ولي العهد محمد بن سلمان بخفض عدد الإعدامات وحصر
تنفيذها في أخطر الجرائم فقط. لكن، للأسف، لم يتم الوفاء بهذا الوعد؛ إذ شهدنا عاما
بعد عام ارتفاعا في أعداد الإعدامات، خاصة في القضايا غير العنيفة المرتبطة بالمخدرات.
هذا العام، كان عدد كبير من الإعدامات بحق أفراد متهمين بجرائم غير عنيفة
تتعلق بالمخدرات، رغم أن القانون الدولي ينص على أن عقوبة الإعدام يجب أن تُنفذ فقط
في أخطر الجرائم. وفي هيومن رايتس ووتش، نؤكد أن عقوبة الإعدام يجب ألا تُستخدم تحت
أي ظرف، نظرا لطبيعتها النهائية التي لا رجعة فيها.
ويثير القلق بشكل خاص أن أيّا من هؤلاء الـ241 فردا لم يُمنح محاكمة عادلة
أو الحق في الإجراءات القانونية الواجبة؛ فقد وثقت هيومن رايتس ووتش لسنوات انتهاكات
واسعة وخطيرة في مختلف جوانب نظام العدالة الجنائية في السعودية. ومن المقلق للغاية
أن هؤلاء الأشخاص أُعدموا دون أن تتوفر لهم محاكمة عادلة أو تُحترم حقوقهم الأساسية
في الإجراءات القانونية الواجبة.
ما حجم
الانتهاكات المرتبطة بالإجراءات القانونية الواجبة في قضايا الإعدام بالمملكة؟
وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش على مدار العقود الماضية انتهاكات منهجية
ومنتشرة للإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة في السعودية. هذه الانتهاكات
صارخة إلى حدّ أننا نستطيع القول بثقة إننا نخشى أن أيّا من الـ241 فردا الذين أُعدموا
هذا العام لم يحظ، على الأرجح، بمحاكمة عادلة.
وللتوضيح، يمكن الإشارة إلى قضية واحدة تُجسد بوضوح طبيعة هذه الانتهاكات؛
ففي 14 حزيران/ يونيو، أُعدم الصحفي السعودي المعروف تركي الجاسر. كان قد اعتُقل في
آذار/ مارس 2018 من منزله، وصودرت أجهزته، وظل رهن الاحتجاز حتى إعدامه قبل شهر أو
شهرين. أحاطت السرية التامة بإجراءات محاكمته، ولم تتمكن المنظمة من الحصول على أي
من وثائق المحكمة المتعلقة بالقضية، بل ليس واضحا ما إذا كان الجاسر نفسه قد اطلع عليها.
ليس معروفا إن كانت هناك محاكمة فعلية أو عدد الجلسات التي عُقدت، لكن
المؤكد أنه لم يكن لديه أي تمثيل قانوني طوال العملية، وحتى في حال وُجدت محاكمة، فإن
عائلته لم يُسمح لها بحضورها، والأسوأ أن أسرته زارته قبل نحو أسبوع من تنفيذ الحكم
دون أن تكون على علم بأنه قد صدر بحقه حكم بالإعدام.
وخلال فترة احتجازه، وُجهت اتهامات خطيرة بأنه تعرّض للتعذيب. هذه القضية
تُمثل نموذجا لانتهاك أبسط الحقوق الأساسية المرتبطة بالإجراءات القانونية الواجبة
للمحكوم عليهم بالإعدام. ومن الصادم تماما وغير المقبول أن يُنفذ حكم الإعدام بحق شخص
لم يحظَ بما يشبه المحاكمة، مع غياب أي معلومات حول ما إذا كانت المحاكمة قد حدثت أصلا،
أو حول طبيعة التهم والأدلة المُقدمة.
إن هذه التفاصيل مجهولة حتى بالنسبة لأقرب أفراد عائلته، ورغم ذلك يُنفذ
الإعدام في ظل السرية المطلقة. هذا أمر مرفوض تماما، خصوصا في بلد يسعى لجذب الاستثمارات
الدولية والترويج لنفسه كوجهة سياحية عالمية. هذه الممارسات غير مقبولة على الإطلاق،
وعلى المجتمع الدولي أن يعبّر عن ذلك بوضوح.
كيف تُستخدم تهم "الإرهاب"
في السعودية ضد المعارضين والصحفيين السلميين؟
مرة أخرى، في قضية تركي الجاسر، أصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانا أعلنت
فيه تنفيذ حكم الإعدام بحقه، واتهمته بعدد من الجرائم الإرهابية. وعند صدور البيان،
كان مقتضبا للغاية، ومن الصادم أن التفاصيل كانت قليلة جدا بشأن هذه الجرائم الإرهابية
المزعومة التي أُعدم بسببها.
وكما ذكرت، فإن التفاصيل المتعلقة بهذه التهم والأدلة التي تدعمها كانت
قليلة بشكل صادم، فلا توجد معلومات، ولا توجد تفاصيل، ومع ذلك تم تنفيذ الإعدام.
لذلك، نلاحظ أن تهمة الإرهاب تُستخدم غالبا كأداة لإسكات المعارضة في السعودية،
وللأسف، في قضية تركي الجاسر، استُخدمت هذه التهمة لإسكاته إلى الأبد.
كيف يُستخدم التعذيب لانتزاع الاعترافات
كأداة للإدانة في المحاكم السعودية؟
وثّقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" استخدام الاعترافات المنتزعة
تحت التعذيب كأداة للإدانة في المحاكم. وكما أشرنا في أحدث تقاريرنا، هناك اتهامات
بأن تركي الجاسر نفسه تعرّض للتعذيب.
ونظرا لنقص المعلومات حول محاكمته وإعدامه، فإننا لا نعرف ببساطة الدور
الذي قد يكون لعبه التعذيب في إعدامه، وهو ما يشكل أيضا انتهاكا لأحد الحقوق الأساسية.
ما تأثير هذه الإعدامات على صورة
السعودية في المحافل الدولية؟
استثمرت السعودية مليارات الدولارات في أحداث رياضية وترفيهية عالية المستوى،
في محاولة متعمدة لصرف الانتباه عن سجلها الفظيع في مجال حقوق الإنسان.
وللأسف، سمحت هذه الاستثمارات، بشكل أو بآخر، للسلطات السعودية بتنفيذ
هذا العدد غير المسبوق من الإعدامات، إذ إن الإعلام الغربي والمسؤولين الغربيين، عندما
ينظرون إلى السعودية، يفكرون في هؤلاء المشاهير الذين سافروا إليها وأقاموا حفلات ناجحة.
ويفكرون في المشاريع الضخمة مثل "نيوم"، وفي كأس العالم 2034، وتُصرف أنظارهم
عمدا عن الواقع الذي يواجه المواطنين السعوديين بشكل عام، أي سياسة عدم التسامح مطلقا
مع المعارضة، والحقيقة الواضحة وهي أن العديد من الأفراد يُعدمون دون محاكمة عادلة.
ما الأدوات المتاحة أمام المجتمع
الدولي للضغط على السعودية لوقف الإعدامات ذات الدوافع السياسية؟
المجتمع الدولي له دور بالغ الأهمية في الحد من الاستخدام غير المسبوق
الذي تمارسه الحكومة السعودية لعقوبة الإعدام.
نريد من الحكومات، وخاصة حلفاء المملكة العربية السعودية، أن تعارض هذه
الإعدامات، وبشكل خاص الحلفاء الذين تربطهم علاقات اقتصادية قوية مع السعودية؛ فعلى سبيل المثال، تتفاوض الحكومة البريطانية حاليا على اتفاقية تجارة
حرة مع مجلس التعاون الخليجي، الذي تُعد السعودية جزءا منه، وهذه الاتفاقية لا تتضمن
أي التزامات بحماية حقوق الإنسان.
نريد من الحكومات، مثل الحكومة البريطانية، أن تندد بهذه الانتهاكات وأن
تستخدم علاقاتها الاقتصادية للضغط من أجل تنفيذ إصلاحات جوهرية في مجال حقوق الإنسان.
وأود أن أشير إلى نقطة أخيرة مهمة تتعلق بقضية تركي الجاسر؛ إذ يُعد الجاسر
أول صحفي يُقتل على يد النظام السعودي منذ الاغتيال الوحشي لجمال خاشقجي عام 2018.
في عام 2018، حظي اغتيال خاشقجي باهتمام عالمي واسع وإدانة دولية، أما
في حالة تركي الجاسر فقد بالكاد لاحظ العالم أن هناك عملية إعدام.
وللأسف، نُفذ حكم الإعدام في 14 حزيران/ يونيو، أي في اليوم التالي مباشرة
للهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران، حين كان اهتمام العالم منصبا في اتجاه آخر، ويعتقد العديد من النشطاء أن هذا التوقيت كان متعمدا، بهدف إلهاء العالم
عن حقيقة أنهم أعدموا صحفيا آخر.
إن هذا يعكس بوضوح الواقع العالمي الذي نعيشه اليوم؛ فبعد سنوات قليلة
فقط من مقتل خاشقجي الذي أثار موجة إدانة دولية مستحقة، يُحاكم الجاسر ويُعدم سرا،
من دون أن يلاحظ أحد، ومن دون أن يعلق أي طرف في المجتمع الدولي.
إننا بحاجة إلى مزيد من الاهتمام بهذه القضايا، ونريد من الحكومات الأكثر
تحالفا مع النظام السعودي أن تحاسب محمد بن سلمان وسلطاته.