قضايا وآراء

حصار السفارات.. مقاومة إبادة غزة واحتلال مصر العسكري

أدهم حسانين
انطلقت الاحتجاجات العالمية أمام السفارات المصرية بعد بدايات الحرب على غزة وبلغت ذروتها في يوليو 2025.. فيسبوك
انطلقت الاحتجاجات العالمية أمام السفارات المصرية بعد بدايات الحرب على غزة وبلغت ذروتها في يوليو 2025.. فيسبوك
في قلب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة، حيث يموت الأطفال والنساء جوعاً وعطشاً تحت قصف إسرائيلي لا يتوقف، يبرز النظام العسكري المصري كشريك أساسي في هذه الجريمة الإنسانية.
هذا النظام المحتل، الذي اغتصب السلطة بانقلاب عسكري في 2013، يمارس قمعاً ممنهجاً ضد شعب مصر، فيشمل القتل الجماعي كما في مذبحة رابعة، والتعذيب في السجون، والاعتقالات السياسية الواسعة النطاق.

تطبق نفس المنهجية القمعية الآن على غزة عبر إغلاق معبر رفح، محولاً الحدود إلى جدار موت فيمنع المساعدات ويعزز التجويع الإسرائيلي لأهل غزة.

هذا التواطؤ ليس مجرد سياسة خارجية؛ إنه امتداد لحكم الاحتلال العسكري الداخلي الذي يسحق إرادة الشعب المصري ليضمن بقاءه، مدعوماً بمساعدات أمريكية وإسرائيلية.

انطلقت الاحتجاجات العالمية أمام السفارات المصرية بعد بدايات الحرب على غزة وبلغت ذروتها في يوليو 2025، متكشفة لهذا الربط العميق: بين القمع في مصر والإبادة في غزة فهما وجهان لعملة واحدة، حيث يُسكت الصوت المصري الداعم لغزة بالسجون والتعذيب، بينما يُجوع أهل غزة لإرضاء الاحتلال الإسرائيلي.

في هذا المقال، نغوص معا في أعماق هذه الأزمة، نربط بين الإبادة الجماعية في غزة والقمع العسكري في مصر، مع التركيز على الحراك الاحتجاجي، الاعتقالات السياسية، والإضرابات في سجن بدر 3، مستعرضين كيف يعكس هذا التوازي جريمة مشتركة ضد الإنسانية.

الحراك الاحتجاجي أمام السفارات المصرية.. صرخة عالمية ضد التواطؤ العسكري

بدأت موجة الاحتجاجات أمام السفارات المصرية كرد فعل مباشر على قمع النظام العسكري لـ"المسيرة العالمية إلى غزة" في يونيو 2025، وهي حملة سلمية جمعت آلاف النشطاء من 80 دولة لكسر الحصار الإسرائيلي-المصري على القطاع.

يسيطر على الجيش عبد الفتاح السيسي زعيم الانقلاب العسكري منذ يوليو 2013، فأتبع سياسة قمعية وحشية: فقام باعتقال وطرد عشرات النشطاء، ومنع الوصول إلى رفح، محولاً القاهرة إلى حاجز يوقف أي أمل في إنقاذ غزة.

بدأت موجة الاحتجاجات أمام السفارات المصرية كرد فعل مباشر على قمع النظام العسكري لـ"المسيرة العالمية إلى غزة" في يونيو 2025، وهي حملة سلمية جمعت آلاف النشطاء من 80 دولة لكسر الحصار الإسرائيلي-المصري على القطاع
هذا القمع ليس جديداً؛ إنه امتداد لمذبحة رابعة في أغسطس 2013، وما قبلها وما بعدها حيث قتل الجيش آلاف المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، ويظهر الآن في تواطؤه مع الإبادة في غزة، حيث يغلق رفح لمنع تدفق الغذاء والدواء، مساهماً في تجويع أكثر مليوني فلسطيني.

انطلقت شرارة حصار_السفارات بعدما قام الناشط السياسي أنس حبيب بغلق ابواب السفارة المصرية في لاهاي وقال جملته الشهيرة ( مقفولة من عندهم مش من عندنا ) ردا على تواطؤ نظام عسكري محتل لمصر ومقدراتها تجمع في لندن مئات المتظاهرين أمام السفارة المصرية في 26 يوليو 2025، مرددين شعارات مثل "افتحوا رفح.. أوقفوا الإبادة"، وربطوا بين مذبحة رابعة والمجاعة في غزة، معتبرين السيسي ديكتاتوراً عسكرياً يقمع شعبه ويتواطأ مع الاحتلال الإسرائيلي. أغلق المتظاهرون أبواب السفارة بالسلاسل، محولينها إلى رمز لحصار غزة، مشددين على أن النظام الذي يقتل مصريين في السجون هو نفسه الذي يجوع فلسطينيين عبر إغلاق الحدود.

رش نشطاء في كوبنهاغن، رش نشطاء جدران السفارة المصرية بكتابات حمراء تقول "السيسي شريك في الإبادة"، احتجاجاً على إغلاق رفح الذي يمنع دخول الأدوية، مما يربط بين حرمان المعتقلين المصريين من الرعاية الصحية والتجويع المنهجي في غزة. هذه الاحتجاجات، التي نظمتها حركات شبابية فلسطينية وعالمية، كشفت أن الجيش المصري، الذي يسيطر على الاقتصاد والسياسة، يستخدم نفس أدوات القمع الداخلي لدعم الإبادة الخارجية.

الحراك امتد إلى عواصم عالمية: في لاهاي، أغلق نشطاء هولنديون بوابة السفارة في 24 يوليو، صارخين "مصر تغلق الحدود.. غزة تموت جوعاً"، مشيرين إلى أن السيسي، الذي يحكم مصر كدولة عسكرية، يضحي بغزة للحفاظ على سلطته عبر التواطؤ مع إسرائيل.

اقتحم ناشط في فيينا السفارة مطالبًا بإنهاء الشراكة في الجريمة، بينما في بروكسل ومدريد، رفع المتظاهرون لافتات تتهم النظام بجرائم حرب، رابطين بين اعتقال الداعمين لغزة داخل مصر وإغلاق الحدود الذي يقتل الفلسطينيين.

في طرابلس الليبية، رفع شاب علم فلسطين فوق السفارة، وفي طوكيو وفنلندا، أغلقت الأبواب رمزياً لساعات. في جنوب أفريقيا، هاجم ملثمون السفارة في بريتوريا في أغسطس 2025، وكتبوا على جدران السفارة "السيسي خائن"، مستذكرين دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل التي انضمت إليها مصر شكلياً دون تغيير سياستها العملية.

تكمن الجرأة في هذه الاحتجاجات في كشف الرابط العميق: النظام العسكري الذي سحق الثورة المصرية في 2013 يرى في دعم غزة تهديداً داخلياً، لذا يغلق رفح لإرضاء إسرائيل، محولاً الإبادة إلى أداة لتثبيت سلطته.

هذا التواطؤ امتداد لسياسة كامب ديفيد، حيث أصبح الجيش المصري حارساً للحدود الإسرائيلية مقابل مساعدات أمريكية، تُستخدم لقمع الشعب المصري.

أثارت الاحتياجات غضباً داخلياً، كما في اقتحام مركز شرطة في مصر في يوليو 2025 احتجاجاً على الحصار، مما يربط الغضب الشعبي المصري بالإبادة في غزة، ويكشف أن النظام يخشى توحيد هذين النضالين.

تأثير الحراك على قضية غزة.. فضح الربط بين القمع الداخلي والإبادة الخارجية

يؤثر الحراك الاحتجاجي مباشرة على قضية غزة من خلال كشف دور النظام العسكري المصري كشريك في الإبادة الجماعية. معبر رفح، الشريان الوحيد للغذاء والدواء إلى غزة، مغلق من الجانب المصري منذ أشهر، رغم تقارير عن مجاعة قتلت آلافاً، خاصة الأطفال والنساء.

يبرر النظام الإغلاق بأسباب أمنية وفى نفس الوقت يوقع على اتفاقية شراء غاز من الحقول المصرية المتنازل عنها للاحتلال بقيمة 35 مليار دولار ، وقد تضاعفت الصادرات المصرية الى دولة الاحتلال 3 اضعاف بقيمة تزيد عن 330 مليون دولار ، وفى الواقع يخضع لكل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، مستخدماً نفس أساليب القمع الداخلي – كحرمان المعتقلين من الطعام والرعاية ـ لتجويع غزة، مما يجعله شريكاً في الإبادة المنهجية التي وثقتها منظمات حقوقية دولية.

يؤثر الحراك الاحتجاجي مباشرة على قضية غزة من خلال كشف دور النظام العسكري المصري كشريك في الإبادة الجماعية. معبر رفح، الشريان الوحيد للغذاء والدواء إلى غزة، مغلق من الجانب المصري منذ أشهر، رغم تقارير عن مجاعة قتلت آلافاً، خاصة الأطفال والنساء.
إن هذا الربط ليس صدفة: النظام الذي قتل آلافاً في رابعة يرى أن تجويع غزة وسيلة للحفاظ على سلطته، حيث يضمن دعماً غربياً مقابل الحفاظ على "السلام" مع إسرائيل، الذي يعني فعلياً دعماً للاحتلال.

التأثير الأول لهذا الحراك هو زيادة الوعي الدولي. في أغسطس 2025، زار أعضاء من "الأكابر" معبر رفح، وأصدروا بياناً يطالب بإجراءات عاجلة لوقف الإبادة والمجاعة، مشددين على أن "لا أحد آمن في غزة". هذه الزيارة جاءت كرد فعل على الاحتجاجات، التي دفعت مصر إلى الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة. لكن هذا الانضمام شكلي لتجميل وجه نظام الاحتلال العسكري: فالسيسي يدين الإبادة علناً في أغسطس 2025، لكنه يرفض فتح الحدود بالكامل، مستخدماً غزة كورقة سياسية لتعزيز دعمه الغربي، الذي يموله لقمع شعبه.

هذا التناقض يعكس عمق الربط: النظام العسكري يضحي بحياة الفلسطينيين كما يضحي بحقوق المصريين، محولاً القمع الداخلي إلى أداة لدعم الإبادة الخارجية.

يكمن عمق التأثير في كشف أن النظام العسكري، الذي أدت الحرب في غزة إلى إضعاف آمال الإصلاح السياسي في مصر، يستخدم التواطؤ مع إسرائيل لتعزيز سيطرته الاقتصادية والأمنية.

قتلت إسرائيل أكثر من 1000 فلسطيني في شمال غزة في أسابيع قليلة، لكن إغلاق رفح يمنع إجلاء الجرحى أو إدخال المساعدات، مما يجعل مصر مسؤولة جزئياً عن هذه الوفيات، كما أنها مسؤولة عن وفيات المعتقلين في سجونها بسبب الإهمال والتعذيب.

دفع الحراك إلى فتح جزئي لرفح في يوليو 2025، حيث دخلت بعض الشاحنات وخاصة بعد غلق السفارة المصرية فى لاهاي على يد انس حبيب ولكن هذا لا يمحو عار التواطؤ.

قد تؤدى الاحتجاجات إلى ضغط دولي أكبر، كمقاطعة دبلوماسية أو اقتصادية، لكن نجاحها يعتمد على توحيد النضال ضد الاحتلالين: العسكري في مصر والإسرائيلي في فلسطين.

زيادة الاعتقالات السياسية في مصر.. قمع التضامن كامتداد للإبادة

مع كل تصاعد فى الحراك الخارجي، يرد النظام العسكري بقمع داخلي شرس، حيث اعتقل أكثر من 123 شخصاً منذ أكتوبر 2023 بتهم "الإرهاب" أو "نشر أخبار كاذبة"، فقط لأنهم عبروا عن دعمهم لغزة عبر احتجاجات أو منشورات على الإنترنت. في يونيو 2025، طردت السلطات عشرات النشطاء الأجانب من المسيرة العالمية إلى غزة، واعتقلت مصريين لمجرد دعواتهم للاحتجاج، رابطة بين التضامن مع غزة والتهديد الداخلي. الأرقام مرعبة: ما بين 65 و70 ألف معتقل سياسي في مصر، مع تجديد الحبس الاحتياطي لآلاف دون محاكمة، خاصة في يوليو 2025 قبل مراجعة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مصر.

إن هذا القمع يعزز الإبادة في غزة بشكل غير مباشر، حيث يمنع تنظيم مسيرات داخل مصر للضغط على فتح رفح، ويربط بين مذبحة رابعة والتجويع في غزة: النظام العسكري المحتل الذي قتل آلاف المصريين في 2013 هو نفسه الذي يغلق الحدود ليتواطأ مع الاحتلال الإسرائيلي.

يخشي النظام أن يتحول التضامن مع غزة إلى ثورة داخلية، كما حدث في 2011، لذا يستهدف الشباب والناشطين الذين يرون في معاناة غزة مرآة لقمعهم.

هذا الربط عميق : القمع الداخلي يمنع الصوت المصري من دعم غزة، مما يطيل أمد الإبادة، بينما يعزز التواطؤ مع إسرائيل سلطة الجيش على حساب الشعبين.

الإضراب في سجن بدر 3.. رمز التنكيل العسكري واليأس المشترك

افتتح سجن بدر 3، الذي كـ"مركز إصلاح"، تحول إلى رمز للاحتلال العسكري الداخلي بعدما نقلهم من مقبرة العقرب الى مقبرة جديدة ، حيث يعاني المعتقلون من تعذيب ممنهج وإهمال طبي، كما يعاني أهل غزة من التجويع والقصف. في يوليو 2025، شهد السجن إضرابات جوع جماعية و15 محاولة انتحار في أسبوعين، بسبب العزل الانفرادي، حرمان الزيارات، والإهمال الطبي. هذه الإضرابات امتدت إلى أغسطس، مع إعلان قيادات الاخوان ، كمحمد البلتاجي، إضراباً مفتوحاً في ذكرى رابعة، احتجاجاً على سنوات من التنكيل. تقارير وثقت وفاة ثلاثة معتقلين في أغسطس بسبب الإهمال، بينما يواجه المضربون تهديدات بالقتل المباشر.

يعكس هذا السجن الربط بين القمع في مصر والإبادة في غزة: النظام الذي يحرم السجناء من الطعام والدواء هو نفسه الذي يغلق رفح ليمنع المساعدات، محولاً السجون إلى نموذج مصغر لحصار غزة. التعذيب في بدر 3 امتداد لمذبحة رابعة، حيث يهدف النظام إلى كسر إرادة المعارضة، كما يساهم في كسر إرادة أهل غزة عبر التجويع. هذا اليأس المشترك ـ بين المعتقلين المصريين والمحاصرين في غزة ـ يكشف أن النظام العسكري يستخدم نفس أدوات الإبادة المنهجية داخلياً وخارجياً.

ختاما.. نحو نضال موحد ضد الاحتلالين

يكشف الحراك الاحتجاجي، مع الاعتقالات وإضرابات بدر 3، أن الإبادة في غزة والقمع في مصر مترابطان: النظام العسكري المصري يضحي بغزة لقمع شعبه، مدعوماً بالغرب وإسرائيل. التركيز يجب أن يكون على فتح رفح فوراً، والإفراج عن المعتقلين، وتوحيد نضال الشعبين ضد الاحتلال العسكري في مصر والإسرائيلي في فلسطين. بدون هذا التوحيد، سيستمر النظام في استخدام القمع الداخلي لدعم الإبادة الخارجية، محكوماً على الشعبين بالموت البطيء. الحراك هو بداية، لكن الثورة المشتركة هي الحل.
التعليقات (0)

خبر عاجل