سلطت الاشتباكات الطاحنة التي اندلعت في محافظة
السويداء، جنوب
سوريا، الضوء على المنطقة المتنوعة بتركيبتها المذهبية والدينية، فضلا
عن موقعها وتضاريسها القاسية.
وتقع المحافظة في الجزء الجنوبي من سوريا،
وتحدها محافظة ريف دمشق من الشمال، والأردن من الجنوب، ومن الغرب محافظة درعا، أما
الناحية الشرقية فتتصل ببادية الشام، وتشكل الحجارة البركانية التضاريس القاسية للمحافظة بالمجمل.
اظهار أخبار متعلقة
وتبلغ مساحتها أكثر من 5 آلاف كم مربع، وتشكل
قرابة 3 بالمئة من إجمالي الأراضي السورية، وهي ثاني أصغر محافظة من حيث عدد
السكان، ويقطنها أكثر من 700 ألف نسمة، بحسب مكتب الإحصاء المركزي السوري.
ومن الناحية الإدارية، تقسم إلى 3 مناطق، هي
شهبا وصلخد، إضافة إلى منطقة المركز بمدينة السويداء.
تركيبة متنوعة
تعرف السويداء بأنها مركز الطائفة الدرزية في
سوريا، على الرغم من تواجدهم في العديد من المحافظات السورية، لكن على شكل عائلات
هاجرت من الريف الأصلي إلى المدن، بحثا عن فرص العمل غير المتوفرة في مناطقهم.
ووفقا لآخر الإحصائيات المتوفرة، والتي تعود
إلى عام واحد قبل اندلاع الثورة في سوريا، وتحديدا في 2010، كانت نسبة
الدروز 90 بالمئة
من السكان، فيما يتواجد بها طائفة مسيحية، بنسبة 7 بالمئة، أما السوريون من عشائر
البادية فيسكنون بعض القرى على أطراف المدينة، ونسبتهم 3 بالمئة.
ووقعت العديد من التغيرات على هذه النسب، خاصة
نسبة العشائر، مع سنوات الثورة، وما رافقها من عمليات قمع واسعة نفذها النظام السوري،
أدت إلى تهجير ملايين السكان شملت كافة المحافظات باسثناء الساحل الذي كان معقلا
للنظام.
ويتركز تواجد الدروز في السويداء، وقرى شهبا وصلخد وولغا وقنوات
وغيرها من قرى جبل العرب.
أما المسيحيون فيتواجدون في عدة قرى أبرزها الكفر
وعتيل، كما تتوزع العشائر على قرى أخرى خاصة تلك القريبة امتداد المحافظة مع بادية
الشام.
العلاقة مع النظام المخلوع
تميزت العلاقة بين السويداء والنظام المخلوع، بالهدوء على مدى عقود،
وانخرط كثير من أبناء السويداء، في مفاصل الدولة السورية، ورغم أن بعض الأصوات
تعالت خلال فترة الثورة، في رفض النظام، إلا أن المنطقة بقيت محسوبة على النظام
وتحت السيطرة الرسمية، حتى اللحظة الأخيرة قبل فرار بشار الأسد.
ووجهت اتهامات لعدد من أبناء المحافظة، خاصة القيادات العسكرية
الكبيرة، بالمشاركة في قمع الثورة السورية، مثل العميد في الحرس الجمهوري، التابع
للنظام، عصام زهر الدين، والمجموعات المسلحة التي كانت تعمل تحت إمرته من أبناء
المحافظة.
المشيخة الروحية:
يشكل المجلس المذهبي للطائفة الدرزية، دور المرجعية العليا للطائفة، وتنقسم
فيه الولاءات تباع لشيوخ العقل في مناطق معينة لكل منهم في السويداء.
ففي عام 2012، نشأ صراع على قيادة الطائفة بين شيوخ العقل حكمت
الهجري، ويوسف جربوع، ما أدى إلى نشوء، هيئتين الأولى في دار قنوات برئاسة الهجري،
والثانية في عين الزمان بقيادة جربوع وحمود الحناوي.
وينتمي يوسف جربوع إلى عائلة جربوع التي أدارت
مشيخة العقل في جبل
العرب لقرون، واتخذ بعد سقوط النظام مواقف تؤكد على تفعيل مؤسسات الدولة السورية
في السويداء.
أما حكمت الهجري، الذي خلف شقيقه في المشيخة الدرزية، فاتخذ مواقف
ذهبت نحو إقامة حكم لا مركزي في سوريا، واقترب بصورة كبيرة من الاحتلال
الإسرائيلي، لدرجة تقديم الدعم العسكري له بمواجهة الحكم الجديد في سوريا.
أما شيخ العقل الثالث، فهو حمود الحناوي، والذي دعا مع جربوع، إلى
الحوار مع الدولة السورية، وضبط السلاح وتفعيل مؤسساتها ورفض أي تدخل أجنبي في
البلاد.
فصائل عسكرية
وتشهد السويداء، وجودا عسكري، على شكل فصائل، تتبع المرجعيات الدينية
للدروز، وفق مجموعتين رئيسيتين.
تضم المجموعة الأولى، مجموعات مسلحة مثل رجال الكرامة، ولواء الجبل،
وأحرار الجبل، ومضافة الكرامة، وكتيبة سلطان الأطرش، وهي مرتبطة بالمرجعيات
التقليدية من العائلات الكبيرة للدروز في المحافظة، مثل عاطف هنيدي والأمير حسن
الأطرش وشيخ العقل حمود الحناوي وشيخ العقل يوسف جربوع.
اظهار أخبار متعلقة
أما المجموعة الثانية، خاصة ما أطلق على نفسه المجلس العسكري، والذي
صدرت عنه تصريحات تتحدث عن دعم الاحتلال الإسرائيلي، وطلب الحكم الذاتي، فتدعم
صراحة شيخ العقل حكمت الهجري، مثل قوات العليا وسرايا الجبل، وقوات شيخ الكرامة
وفزعة شباب الجبل ودرع الجبل وجيش التوحيد.
وترفض هذه الفصائل العسكرية الحكم الجديد في سوريا، وتطالب بنظام فيدرالي،
وترفض نزع السلاح لصالح الاندماج في مؤسسات الدولة.