نشرت صحيفة "
لاكروا" الفرنسية، تقريرا، تحدّثت فيه عن بروز حزب "
الجبهة الوطنية" كأحدث أذرع النظام
المصري في
البرلمان، وذلك في ظل ما يوصف بـ"انحسار فرص المعارضة وتآكل الهامش الديمقراطي".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "مصر تستعد لدخول موسم انتخابي جديد، ستشارك فيه كيانات حزبية موالية للسلطة، من المتوقع أن تُعيد تشكيل قواعد اللعبة البرلمانية بما يعزّز قبضة النظام".
وتضيف
الصحيفة، أنه: "مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشيوخ في مصر، المقرر إجراؤها بين الأول والخامس من آب/ أغسطس، تليها
الانتخابات التشريعية المرتقبة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، يبرز حزب سياسي جديد مدعوم من الحكومة. ويُتوقع أن يعزز من هيمنة السلطة على المشهد البرلماني، الذي يخضع أساسًا لسيطرة شبه كاملة من قبل النظام العسكري".
وفي مشهد بات مألوفاً خلال الأشهر الستة الماضية، غزا شعار حزب "الجبهة الوطنية" الساحة العامة في مصر، مُجسداً برمز ذي طابع فرعوني: يدان مفتوحتان نحو السماء تحتضنان زهرة لوتس، يعلوها هرم يتوَّج بشمس مشرقة. ورغم أن الحزب لم يُعلن عن تأسيسه رسمياً سوى مؤخراً، إلاّ أنه أطلق حملة دعائية ضخمة شملت لوحات إعلانية عملاقة، ومواد ترويجية على شاشات التلفزيون وحملات مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وخلال الصيف الجاري، جابت حافلات ذات طابقين، شوارع المدن الكبرى على متنها عشرات من أنصار الحزب، يرفعون رايته بالألوان الأسود والذهبي. وخلال حفل تدشين الحزب في 30 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صرّح رئيس الحزب عاصم الجزار، وزير الإسكان السابق، قائلاً: "نهدف إلى تحقيق الوحدة".
بعد سبعة أشهر من تأسيسه، يستعد هذا الحزب، الداعم بشكل واضح لرئيس
النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب في 2013، لدخول الساحة السياسية المصرية مع انطلاق دورة انتخابية جديدة، تبدأ بتجديد مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وذلك بعد خمس سنوات من آخر استحقاق انتخابي.
ويقود الحزب شخصيات موالية للسلطة الحالية، بينهم عاصم الجزار، ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، اللذان يسعيان لترسيخ حضورهما في المشهد السياسي الذي تهيمن عليه إلى حد كبير أحزاب مرتبطة بالنظام الحاكم.
اظهار أخبار متعلقة
التعددية الواجهة
ذكرت الصحيفة: "حزب مستقبل وطن يملك الغالبية في المجلسين النيابي والشيوخ". فيما يقول رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، الذي يضم حزبه حاليًا ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ وسبعة نواب في مجلس النواب: "حزب مستقبل وطن، كما هو الحال مع حزب حماة الوطن، هما حزبان يدعمان السلطة القائمة، وهناك العديد من الأحزاب الأخرى التي تقدم نفسها كمساندة فقط، ممّا يترك مساحة ضئيلة لأحزاب المعارضة مثل حزبنا".
ويضيف زهران، الذي كان مرشّحًا معارضًا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة نهاية 2023: "الاختلافات بين هذه الأحزاب غير واضحة أو يساء فهمها بسبب غياب الوضوح في المشهد السياسي. ولكن في النهاية، هي فقط توجهات مختلفة ضمن نفس النخبة الحاكمة".
ويرى كثيرون أنّ بروز حزب "الجبهة الوطنية" يشكل محاولة إضافية لتقليص التعددية الشكلية في البرلمان، على غرار الحزب الوطني الديمقراطي في عهد حسني مبارك، الذي تم حلّه بعد ثورة 2011.
ويشير الاقتصادي والموظف السابق في هيئة تنظيم المالية العامة، أحمد ندا، إلى أن "حزب مستقبل وطن، لم يُحلّ هذه المرة، حيث لا يراهن الرئيس عبد الفتاح السيسي على حزب واحد فقط، بل يفضّل خلق منافسة بين الولاءات المختلفة، للحفاظ على سلطته. وتشكل هذه الانتخابات اختبارًا للجبهة الوطنية، وإذا فشلت، سيظل للرئيس هيكل آخر يعتمد عليه".
مكافأة الولاء
تشير الصحيفة إلى أنّ: "تأسّس حزب مستقبل وطن في سنة 2015 إثر انقسام داخل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. وعلى الرغم من دوره كحلقة وصل لتنفيذ القرارات الصادرة عن الدوائر العليا في دولة تخضع بشكل شبه كامل لهيمنة المؤسسة العسكرية، إلاّ أنه لم ينجح في فرض نفسه كحزب شبه أوحد على غرار الحزب الوطني الديمقراطي".
ونقلت
الصحيفة عن أحمد ندا، قوله، إنّ: "حزب مستقبل وطن يمثل معضلة للسلطة بسبب تركيبة قياداته التي تضم شخصيات قوية وطموحة. في المقابل، يتميز غالبية مؤسسي الجبهة الوطنية بولائهم الشديد للنظام القائم، وهو ما يجعل عملية التحكم فيهم أكثر سهولة".
أيضا، أشارت عدة وسائل إعلام إلى وجود عصام العرجاني، وهو نجل رجل الأعمال ورئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم العرجاني، ضمن قيادات الحزب الجديد. ويُعرف العرجاني الأب بدوره في قيادة مجموعة محلية وبصعود نفوذه في سيناء، مستفيدًا من تداعيات الحرب الهوجاء على كامل قطاع غزة المحاصر.
اظهار أخبار متعلقة
ويرى أحمد ندا، أنّ: "هذه الانتخابات توفّر فرصة لإبراهيم العرجاني للانتقال من العمل في الظل إلى الحضور في المشهد العلني، بعد سنوات من النشاط خلف الكواليس. وبالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يشكل العرجاني تهديدًا، بل يُنظر إليه كأحد رجال الأعمال النافذين الذين يدينون بولاء مطلق للسلطة".
في ختام التقرير، نوّهت الصحيفة، إلى أنه: "تحت غطاء العملية الانتخابية تتّجه الأشهر المقبلة إلى إعادة تشكيل موازين القوى، حول حزب موالٍ جديد يعزّز من قبضة السلطة على المشهد السياسي".