في الوقت
الذي تملك فيه الدول العربية مقدرات لا حصر لها، تُجوّع وتٌعطّش وتُباد
غزة، وفي الوقت
ينتفض العالم بأسره لإنقاذ حمير وكلاب غزة، يصمت على قتل بشر غزة.
سيحتفل
دعاة الديمقراطية مع طغاة العصر وعبيدهم قريبا بدخول عدوان العدو على غزة عامه الثالث
والعالم يتفرج، وكأن الذين يُقتلون ويُجوّعون ليسوا بشرا.
لقد منع
الاحتلال إدخال الطعام، ومما منعه أمورا أساسية جدا مثل حليب الأطفال والأدوية والسكر
والدقيق واللحوم والدجاج والبقوليات والفاكهة والحمضيات والخضار، وكل شيء، فغزة ليست
دولة صناعية أو زراعية أو لها حدود مع دول متعاطفة معها، بل حتى الجغرافيا متآمرة على
غزة.
منع الطعام
يعني حرمان الجسم من عناصره وفوائده، ومع الوقت يتآكل الجسم ويذبل، ولا تستغرب لو أخبرتك
بأن كثيرين سقطوا في الشارع نتيجة الجوع، شاهدت عددا منهم.
المجاعة
أقسى من العدوان لدرجة أن البعض يقول: "يا عمي هات أكل وخلي الحرب شغالة"؛
لأن الجوع يقض مضاجع الإنسان، وكأنه قنبلة داخل البطن، فلا ينام الجائع، ولا يهدأ.
كان من
نتائج المجاعة:
* ظهور آثار الهزال على أجساد الناس.
*لا
تجد الحامل ما تأكله لضمان استمرار سلامة الحمل والحفاظ على الجنين، فكثير من الحوامل
أجهضن لعدم توفر الغذاء المناسب.
ما يحدث في غزة من تجويع هو عملية إجرامية وفق كل القوانين السماوية والأرضية، وهو وصمة عار على كل مسلم مهما كان مكانه ومكانته
* لا تجد المرضعة ما تأكله لضمان توفير
الحليب في ثدييها، فكثير من الرضّع توفوا نتيجة انعدام حليب الأطفال.
* كبار السن ومن أصحاب الأمراض المزمنة
ازدادت صحتهم سوءا، لغياب الغذاء والدواء، وكثيرون ماتوا.
* أصحاب مرض السكر لا يجدون السكر لضمان المحافظة على مستوى السكر، فيتساقطون ويتشنجون.
* أصحاب
مرض الضغط لا يجدون الأطعمة اللازمة للمحافظة على مستوى الضغط، فيحدث هبوط أو ارتفاع
مفاجئ بالضغط مما يعرضهم لجلطات دماغية ثم الموت.
* لا يجد
الطفل خبزا يأكله أو بسكويتا أو أي شي من حاجيات الاطفال.
* حتى
الموظفون في المؤسسات الصحية والصحفيين قد أنهك الجوع أجسادهم، وهذا يؤثر على علاج
الناس ونشر جرائم الاحتلال.
إن حرب
المجاعة وصلت لبطون الجميع بلا استثناء، حتى الحيوانات جاعت، ويبقى الفارق في القدرة
على التحمل، فالشباب والرجال أكثر صبرا من الأطفال والنساء وكبار السن.
إن ما
يحدث في غزة من تجويع هو عملية إجرامية وفق كل القوانين السماوية والأرضية، وهو وصمة
عار على كل مسلم مهما كان مكانه ومكانته، ففي الوقت الذي لا يجد أهل غزة ما يسدون رمق
جوع أطفالهم يموت أثرياء مسلمون وعرب من التخمة، وبعضهم ينفقون أموالهم على مسابقات
ملك جمال الحمير والدجاج والجِمال. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، ونقول لكل مسلم تجاهل
معاناة غزة: "أنتم خصومنا أمام الله".
(كاتب
ومدون من غزة)