ملفات وتقارير

ترامب يستضيف 5 رؤساء أفارقة.. تحول استثنائي تفرضه ظروف أمنية

تعتبر هذه القمة الأولى من نوعها التي يعقدها ترامب في إدارته الجديدة مع قادة أفارقة- جيتي
تعتبر هذه القمة الأولى من نوعها التي يعقدها ترامب في إدارته الجديدة مع قادة أفارقة- جيتي
يستضيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غداً الأربعاء في البيت الأبيض رؤساء 5 دول أفريقية، في تحول وصف بالاستثنائي في سياسة ترامب تجاه أفريقيا، وذلك لأسباب يرجح خبراء الشأن الأفريقي أن تكون "أمنية".

ووجه ترامب دعوة لقادة كل من: موريتانيا، الغابون، غينيا بيساو، ليبيريا، السنغال، لقمة الأربعاء، قال البيت الأبيض إنّ "برنامجها يتضمّن نقاشا حول الفرص التجارية، وغداء جماعيا على شرف قادة هذه الدول".

وتعتبر هذه القمة الأولى من نوعها التي يعقدها ترامب في إدارته الجديدة مع قادة أفارقة، ضمن خطط جديدة لتغيير شكل التعاون المشترك بين الولايات المتحدة وقارة أفريقيا.

وتأتي هذه القمة في وقت تتراجع فيه واشنطن عن دعمها للبرامج التنموية والعسكرية في إفريقيا، حيث ألغت إدارة الرئيس دونالد ترامب عددًا من برامج المساعدات، بما في ذلك تجميد عمل "مؤسسة تحدّي الألفية" وهي مؤسسة أمريكية حكومية كانت تدعم مشاريع استثمارية في الدول النامية بقيمة 17 مليار دولار، غالبيتها في أفريقيا.

اظهار أخبار متعلقة



وعلى مدى الأشهر الأخيرة تناقلت وسائل الإعلام الدولية تصريحات لمسؤولين أمريكيين، عن عزم ترامب خفض عدد قوات بلاده في أفريقيا.

كما تأتي هذه القمة أيضا بعد أيام من توقيع اتفاق سلام في واشنطن بين جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا برعاية أمريكية، يراد منه أن ينهي صراع استمر أكثر من 30 عاما في منطقة البحيرات الكبرى بأفريقيا.

وتأتي القمة المرتقبة أيضا بعد ختام أعمال النسخة 17 من قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية، احتضنتها مؤخراً العاصمة الأنغولية لواندا.

أهداف القمة وسياقها
وعلى الرغم من أن المعلن من جدول أعمال القمة يتعلق في الأساس بقضايا الاقتصاد والتجارة، إلا أن متابعين للشأن الأفريقي يؤكدون أنّ الملفات الأمنية ستغطي بشكل كبير على نقاشات ترامب مع القادة الأفارقة المعنيين.

وفي هذا الإطار، يرى الباحث المختص في الشأن الأفريقي، أحمد محمد المصطفى الندى، أن هذه القمة "تشكل استثناء بالنسبة لسياسات ترامب ذات الموقف السلبي، من أفريقيا، ولكل ما يتعلق بها، وقد صدرت منه خلال مأموريته الأولى قرارات وتصريحات دالة في هذا المجال".

وأشار محمد المصطفى الندى، في تصريح لـ"عربي21" إلى أنه لفهم دعوة ترامب لهذه القمة، يجب فهم السياقات الأمنية والاقتصادية والسياسية بالمنطقة.

السياق الأمني
يؤكد الباحث في الشأن الأفريقي أحمد محمد المصطفى الندى، أن الناظم بين الدول الخمس التي اختارها ترامب لدعوة رؤسائها للاجتماع هي دول – بمعيار ما – ذات حدود مشتركة (المحيط) مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولو بعدت.

وأضاف أنّ هذه الدول الأفريقية الخمسة تلتقي في نقطة مشتركة هي أنها دول ساحلية، مطلة على المحيط، وعلى جانبه الآخر الولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر للشاطئ الآخر كجزء من أمنها، وأي خطر فيه ستتعامل معه كخطر يهددها بشكل مباشر.

وأضح أنه "وفي سياق البعد الأمني دائما، وإن تداخل مع السياسي، فهذه الدول تتداخل حدودها مع دول أفريقية أخرى متحالفة مع روسيا، وهي معرضة لخطر التمدد الروسي، والتمدد الروسي يعني تهديد المصالح الغربية عموما، ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا".

اظهار أخبار متعلقة



وكان قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال مايكل لانغلي، حذر قبل أسابيع من أن تصاعد نفوذ الجماعات التي وصفها بـ"الإرهابية" في منطقة الساحل الإفريقي قد يفضي قريبًا إلى تنفيذ هجمات داخل الأراضي الأمريكية.

وفي تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر رؤساء أركان الدفاع الأفارقة في العاصمة الكينية نيروبي، قال لانغلي إن منطقة الساحل، أصبحت "بؤرة صراع مزمن وحالة متنامية من عدم الاستقرار" مشيرًا إلى أنها تمثّل حاليًا "المركز العالمي للإرهاب".

وأضاف: "تزداد طموحات الجماعات المتطرفة اتساعًا، ومع هذا التوسع يظهر التهديد المحتمل لأمننا الداخلي".

وأكد لانغلي أن انسحاب القوات الغربية أضعف قدرة واشنطن على مراقبة نشاطات الجماعات "الإرهابية" مضيفا: "لقد فقدنا القدرة على متابعة هذه الجماعات عن كثب".

السياق الاقتصادي
وأكد محمد المصطفى الندى، أن سياق البعد الاقتصادي مهم جدا لفهم دوافع ترامب للدعوة لهذه القمة، مشيرا إلى أن الدول الأفريقية الخمسة المعنية بهذه القمة لها حضورها في المجال الاقتصادي، وثرواتها المتعددة، وخصوصا على مستوى الغاز، والمعادن المتنوعة.

ولفت إلى اثنتين من هذه الدول هما موريتانيا والسنغال، دخلتا مؤخرا نادي الدول المصدرة للغاز، بعد تصدير أولى شحنات الغاز من حقل "السلحفاة/آحميم" المشترك بينهما، الذي يُعد من أكبر حقول الغاز في القارة الإفريقية.

وتقدر شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية، التي اكتشفت الحقل، إلى جانب شريكتها الأمريكية "كوسموس"، احتياطاته بنحو 25 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

ويبعد الحقل 115 كيلومترا عن السواحل الموريتانية السنغالية، وعلى عمق مائي يصل 2850 مترا، وهو واحد من أكبر حقول الغاز على المستوى الإفريقي، وتم اكتشافه في أبريل 2015.

وتعتبر هذه المعادن أحد عناوين التنافس والسباق وحتى الصراع بين القوى الاقتصادية، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية والصين وحتى روسيا وتركيا.

السياق السياسي
يرى أحمد محمد المصطفى الندى أن الدول الأفريقية الخمسة المدعوة لهذه القمة يجمعها مستوى من الاستقرار السياسي، وإنْ بتفاوت.

وأشار إلى أن أنظمة هذه الدول مصنفة كأنظمة انتخابية ديمقراطية، بغض النظر عن الملاحظات على ذلك، وآخر دولة الغابون العائدة إلى الانتخابات بعد الانقلاب الذي أنهى دكتاتورية آل بونغو التي حكمت البلاد أكثر من نصف قرن.

وخلص إلى القول: "هذه الدعوة والاجتماع تتساوق فيه الأبعاد الأمنية، والاقتصادية، والسياسية، والبحث عن المصالح الأمريكية ورعايتها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي".
التعليقات (0)