يسابق
الاحتلال الإسرائيلي
الزمن لاستكمال عملية "عربات جدعون" بهدف إفراغ شمال قطاع
غزة من
الفلسطينيين وتوسيع المنطقة العازلة، وذلك قبيل التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق
نار مؤقت قد يقيد عملياتها العسكرية المستمرة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 ضمن
حرب
الإبادة الجماعية.
وبحسب وكالة
الاناضول مصدر مقرب من الفصائل الفلسطينية، فضل عدم الكشف عن هويته، إن
"إسرائيل تحاول استغلال الأيام القليلة المتبقية قبل أي تهدئة مرتقبة، لتوسيع
رقعة التدمير وإبادة المدن، خاصة في شمال وشرق محافظة الشمال، وشرق مدينة غزة،
وشرق خان يونس جنوبي القطاع".
وأضاف أن
"إسرائيل تسعى لتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في تلك المناطق، لاستنفاد أي
فرصة لعودة الفلسطينيين إليها كما فعلت في مخيم جباليا"، الذي دمرته بشكل شبه
كامل خلال النصف الثاني من عام 2024.
تغيير التوزيع الديمغرافي
عملية
"عربات جدعون" التي بدأها الجيش منتصف أيار / مايو الماضي، أدت إلى
تغيير جذري في التوزيع الديمغرافي للقطاع، إذ حصرت الكثافة السكانية في ثلاث مناطق
ساحلية ضيقة: غرب مدينة غزة، وغرب المحافظة الوسطى، وغرب مدينة خان يونس.
ومازالت المناطق
الثلاث مفصولة بشكل كبير عن بعضها البعض، حيث يواجه الفلسطينيون أثناء تنقلهم
بينها استهداف الاحتلال الإسرائيلي بالقصف أو إطلاق نار.
اظهار أخبار متعلقة
فغرب مدينة غزة
مطوق بالكامل، إذ يحده من الشمال محافظة الشمال التي أحالتها إسرائيل إلى مدينة
أشباح بعدما دمرتها وهجرت سكانها، ومن الشرق يحدها أحياء الشجاعية والزيتون
والتفاح والدرج والبلدة القديمة التي يكثف الجيش عملياته فيها حاليا.
بينما يفصل
مدينة غزة وغربها عن المناطق الجنوبية للقطاع، محور نتساريم (وسط) الذي يسيطر عليه
الجيش الإسرائيلي من الناحية الشرقية، وغربا بنيران آلياته ومسيراته.
بينما يفصل غرب
المحافظة الوسطى عن مدينة خان يونس، التي تعتبر بداية محافظة الجنوب، ما أطلق عليه
جيش الاحتلال الإسرائيلي اسم محور "كيسوفيم" والذي يخترق مئات الأمتار
من شرق المحافظة.
كما يسيطر جيش
الاحتلال على المناطق الشرقية من خان يونس ويحاول تعزيز وجوده في وسط المدينة
بالتعمق غربا بالقرب من "المواصي" المكتظة بالنازحين.
وأما غرب مدينة
خان يونس فيفصله عن مدينة رفح جنوب القطاع، محور "موراج"، الذي يسيطر
عليه الاحتلال ويطلق نيرانه صوب أي حركة في محيطه.
وبشكل شبه كامل
تخلو مدينة رفح من الفلسطينيين بعدما أفرغها الجيش من سكانها تحت تهديد النيران
والقصف والمجازر.
وتعرف المناطق
الممتدة على طول الساحل الفلسطيني من جنوب مدينة خان يونس (جنوب) وحتى شمال دير
البلح (وسط)، بـ"المواصي" وهي مناطق قاحلة تخلو من أي مقومات للحياة
الحضرية والبنى التحتية.
ويدعي جيش الاحتلالا
أنها "منطقة إنسانية آمنة"، لكنها لم تسلم من الغارات الإسرائيلية التي
تقتل المدنيين وتحصد أرواحهم.
ووفقا لتقديرات
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، لا تتجاوز مساحة المناطق التي يتكدس فيها
النازحون حاليا 15 بالمئة من إجمالي مساحة القطاع.
ووفق هيئة البث
العبرية، فإنه من المرجح أن تستمر "عربات جدعون" لعدة أشهر، تتضمن
"الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة،
إلى مناطق في جنوب القطاع"، حيث "سيبقى الجيش في أي منطقة يحتلها".
**استكمال العملية
خلال الأسبوع
الأخير، صعد الجيش الإسرائيلي من قصفه وعمليات تدمير للمنازل، خاصة المباني متعددة
الطوابق التي توفر رؤية استراتيجية للأحياء المحيطة في شمال وشرق غزة.
واستهدف أيضا
عددا من المدارس التي كانت تؤوي آلاف النازحين شمال وشرق غزة، بعد إنذارها
بالإخلاء، حيث اعتبرها المصدر الفلسطيني ذلك "خطوة تهدف لمنع عودة
الفلسطينيين إليها مستقبلا ضمن مساعي الجيش لتفريغ المنطقة من سكانها".
وفي 30 حزيران /
يونيو الماضي، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على 4 مدارس تؤوي نازحين بعد
إنذارات بإخلائها، 3 منها متجاورة في حي الزيتون والرابعة في حي التفاح، فيما
استهدف في 3 تموز / يوليو الجاري مدرسة "مصطفى حافظ" دون سابق إنذار، ما
أسفر عن مقتل 17 مدنيا بينهم أطفال ونساء، وكذلك قصف مدرسة "الشافعي"
بحي الزيتون فجر السبت ما أسفر عن مقتل 7 فلسطينيين من عائلة واحدة.
وأدى الاستهداف
المتكرر لمراكز الإيواء إلى تقليص المساحات القابلة للسكن، ما دفع الفلسطينيين إلى
نصب الخيام على الشريط الساحلي، وهو ما يتقاطع مع خطط إسرائيل لإجبارهم على
التمركز في مناطق مكشوفة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب وكالة
"أونروا"، نقلا عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن 85
بالمئة من مساحة القطاع تقع ضمن مناطق عسكرية إسرائيلية أو خاضعة لأوامر بالإخلاء
أو كلا الأمرين.
تدمير في المناطق الحمراء
وفي السياق، قال
المصدر الفلسطيني إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس عمليات تدمير كبيرة وممنهجة في
المناطق المصنفة "حمراء" على خرائط الإخلاء التي ينشرها، وهي مناطق يصعب
الوصول إليها من الفلسطينيين لتقدير حجم الدمار.
وأوضح أن سكان
المنطقة يسمعون يوميا ما بين 20-30 انفجارا شديدا، ناجمة عن نسف المنازل في تلك
المناطق خاصة شمال وشرق غزة، فيما يدوي صداها وسط القطاع.
وأشار إلى مقطع
فيديو نشره أحد المقاولين الذين يتعامل معهم الاحتلال الإسرائيلي لتدمير المباني
في شمال غزة، حيث أظهر دمارا هائلا بحي تل الزعتر ومدينة الشيخ زايد شمال القطاع،
"ما يؤكد حجم العمليات المنظمة لإبادة المدن في القطاع".
تحقيق مكاسب
يرى المصدر
المقرب من الفصائل الفلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي تريد من خلال تكثيف عملها
العسكري بغزة تحقيق مكاسب جديدة سواء ميدانيا عبر تعزيز السيطرة على المناطقة
العازلة التي تنوي فرضها، والتوغل في مناطق جديدة من القطاع.
وعلى الصعيد
التفاوضي، عبر الضغط العسكري لتعزيز موقفها إزاء مقترح وقف إطلاق النار، وكذلك على
المستوى الاستراتيجي فيما يتعلق بتهجير السكان وتغيير الواقع الديمغرافي وترتيبات
بعيدة لما بعد الحرب على غزة، بحسب المصدر.
والأربعاء، نقلت
صحيفة "معاريف" العبرية عن مصادر أمنية أن الجيش "جاد في
نواياه لزيادة نشاطه بغزة، وأنه يدفع بكامل القوات من أجل تحقيق نصر حاسم على حماس
في غضون أيام أو أسابيع"، في إشارة لتحقيق مكاسب جديدة ميدانيا.
والخميس، قالت
القناة "12" الإسرائيلية، إن الجيش يستعد لاستكمال السيطرة على القطاع
من خلال الفرق الخمس التي تناور في الميدان"، ما اعتبرته "أمرا ضخما لم
يُشهد مثله منذ أكثر من عام".
وتابعت:
"ضمن تلك الفرق، يعمل في منطقة رفح جنود من الفرقة 143، كما تعمل الفرقة 36
في خان يونس، وتعمل الفرقة 99 في مناطق جباليا وبيت لاهيا (شمال) ونتساريم (وسط)".
و"يتركز
القتال حاليا في حي الشجاعية (شرق مدينة غزة)، حيث وسّع الجيش الإسرائيلي نطاق
عملياته خلال الأسبوع الماضي"، وفق القناة.
وأفادت بأن
"الجيش يستعد لتطويق مدينة غزة والمخيمات الوسطى ومنطقة المواصي، وهي المنطقة
التي نزح إليها معظم الفلسطينيين".
يأتي ذلك في ظل
تقارير تفيد بحدوث تقدم في مفاوضات التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى
بغزة.
ومن المقرر أن
يغادر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب، حسب هيئة البث، حيث من المتوقع أن يعلن ترامب عن وقف إطلاق النار
بغزة الاثنين المقبل، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.
وتقدر تل أبيب
وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف
و400 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب
تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومنذ 7 تشرين
الأول / أكتوبر 2023، ترتكب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة،
خلفت نحو 193 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10
آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات
الأطفال.