اقتصاد دولي

تحليل يُفند المزاعم ويكشف الأسباب.. هل يشهد الدولار نهاية عصر هيمنته؟

قد يكون نتيجة تصحيح في أسهم الشركات الأمريكية- الأناضول
قد يكون نتيجة تصحيح في أسهم الشركات الأمريكية- الأناضول
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" تقريرا، ذكرت فيه أنّ: "تراجع الدولار الأمريكي مؤخرًا لا يعكس بالضرورة انهيارا وشيكًا، بل قد يكون نتيجة تصحيح في أسهم الشركات الأمريكية، خصوصًا مجموعة "السبع العظام" في قطاع التكنولوجيا".

 وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه: "عندما كانت سوق الأسهم الأمريكية تسجل ارتفاعات قياسية جديدة السنة الماضية، بقيادة مجموعة شركات التكنولوجيا السبع الرائدة، كانت وسائل الإعلام المالية والعديد من المستثمرين يشيدون بـ"الاستثنائية الأمريكية". أما الآن، فلم يعد الأمر كذلك".

وأوضحت الصحيفة أن: "القلق السائد هو أن الولايات المتحدة في تراجع كأكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم. وفي هذا السيناريو، تم تغذية هذه الاستثنائية الأمريكية بالعجز الكبير للحكومة الفيدرالية، الذي أسفر عن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 120 بالمائة".

"بزيادة أربعة أضعاف منذ سنة 1980. ويتابع النفقات الصافية على جميع هذا الدين بمعدل سنوي قدره تريليون دولار" استرسل التقرير نفسه، مشيرا إلى أنّ: "أمريكا تعتمد بشكل متزايد على المستثمرين الأجانب والبنوك المركزية لتمويل عجز الحكومة وإعادة تمويل ديونها المستحقة". 

وتابعت: "مع ذلك، في أول 100 يوم من ولايته الثانية، تحول ترامب نحو سياسات حمائية وانعزالية، مما دفع المستثمرين الأجانب إلى إعادة النظر في التزامهم بأسواق رأس المال الأمريكية، والتساؤل عن فقدان سوق سندات الخزانة والدولار مكانتهما كملاذات آمنة".

وأفادت الصحيفة أنه: "تم اعتبار انخفاض الدولار هذه السنة تأكيدًا على أن "الفوضى العالمية الجديدة" التي ينادي بها ترامب ستضر بقدرة أمريكا على الحفاظ على هيمنتها. كما قد يكون هذا بمثابة نذير لأزمة ديون أمريكية إذا فقد الأجانب ثقتهم في البلاد".

اظهار أخبار متعلقة


واعتبرت أنّ: "هذه رواية محبطة وقد تمثل رد فعل مبالغا فيه على التصحيح الأخير لمؤشر إس أند بي 500. ومن المؤكد أن عمليات البيع كانت مرتبطة بتقلبات رسوم ترامب الجمركية، ولكن بعد مرور الوقت، اتفق الجميع على أن تقييمات الأسهم كانت مبالغًا فيها في بداية السنة، خاصة بالنسبة للسبعة الكبار". 

وأضافت: "بعبارة أخرى، كان السوق يتجه نحو تصحيح كبير بسبب شكوك المستثمرين في نفقات عمالقة التكنولوجيا على الذكاء الاصطناعي"، مبرزة أنّ: "القلق تزايد بسرعة عندما ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لعشر سنوات من 4.00 إلى 4.50 بالمائة في غضون أيام قليلة في أوائل نيسان/ أبريل، بعد أن قدم ترامب نظامه الخاص بالتعريفات الجمركية في يوم التحرير". 

ومضى التقرير بالقول: "أدّت زيادة العوائد إلى قلق إدارة ترامب، مما دفع الرئيس إلى تأجيل زيادة التعريفات الجمركية"، متابعا: "في الوقت نفسه الذي انخفضت فيه أسعار الأسهم والسندات، هبط مؤشر الدولار الأمريكي بشكل سريع بنحو 10 بالمائة. ولم تعد أمريكا استثنائية، وفقًا لما يقوله المتشائمون. ومع ذلك، يمكن للأسواق المالية أن تكون متقلبة دون التأكيد على أن نهاية الاستثنائية الأمريكية باتت وشيكة". 

واسترسل: "يمكن تفسير الأحداث الأخيرة ببساطة دون الإشارة إلى أي عواقب وخيمة، وهو ما يتضح في التالي: منذ بداية السنة الماضية، كان مؤشر الدولار الأمريكي مرتبطًا بشكل كبير بأسعار صندوق الاستثمارات المتداولة "السبعة الرائعين" من راوندهيل".

وأكد: "أظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن المستثمرين الأجانب اشتروا الأسهم الأمريكية بسرعة قياسية السنة الماضية. ومع إطلاق "ديب سيك آر1" في كانون الثاني/ يناير، فقد المستثمرون ثقتهم في الشركات التي كانت تنفق كثيرًا على الذكاء الاصطناعي".

"ما أدى إلى انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي مع بيع المستثمرين للأسهم الأمريكية وتحويل استثماراتهم نحو الأسهم الصينية والأوروبية" تابعت الصحيفة، مبرزة: "مؤشر الدولار الأمريكي هو مؤشر غريب، فهو ليس مؤشر دولار مُوزَّن تجاريًا كما يُفترض على نطاق واسع".

اظهار أخبار متعلقة


وأوضحت: "بل هو يعتمد على سلة من ست عملات أجنبية رئيسية، لكن أوزانها لا تتغير. ويتأثر بشكل رئيسي باليورو، الذي يشكل وزنه 57.6 بالمائة"، مشيرة إلى أنّ: "مجلس الاحتياطي الفيدرالي يصدر أسبوعيًا قياسات يومية لمؤشر الدولار المُوزَّن تجاريًا بشكل واسع، وعادة ما يتطابق مع مؤشر الدولار بالنسبة للاقتصادات المتقدمة. لكن منذ بداية السنة، انخفض مؤشر الدولار بنسبة 8.3 بالمائة بينما انخفض مؤشر الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 4.8 بالمائة".

وأبرزت: "تشير جميع هذه المعطيات إلى أن ما يحدث هو جزئيًا على الأقل قصة مرتبطة بالدولار واليورو، حيث يتم بيع الأسهم الأمريكية لشراء الأسهم الأوروبية".

واختتمت الصحيفة، تقريرها، مبينة أنّ: "الحكومة الأمريكية أصدرت مبلغًا قياسيًا من الديون، مما يجعل سوق السندات هو الأكبر والأكثر أمانًا عالميًا، ويعزز مكانة الدولار كعملة احتياطية. وقد تعود الاستثمارات في "السبعة الكبار" بعد نتائج قوية لـ"ألفابت" و"ميتا" و"مايكروسوفت"، مما سيعزز الدولار الأمريكي".
التعليقات (0)