صادف أمس الجمعة، الموافق 21 آذار/ مارس الجاري، الذكرى الـ57 لمعركة الكرامة، التي شكّلت محطة فارقة في تاريخ الصراع مع
الاحتلال الإسرائيلي.
فقد سعى الاحتلال من خلال هذه المعركة إلى إبعاد قواعد الفدائيين الفلسطينيين عن حدود فلسطين، إلا أن النتيجة كانت عكسية، حيث ازدادت المقاومة قوةً وقرباً، واستشهد عشرات المقاتلين في القدس وجنين وغزة ورام الله ونابلس وطولكرم، وعلى كل أرض فلسطين.
فجر يوم الخميس، 21 آذار/ مارس 1968، وفي الساعة الخامسة والنصف صباحاً، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً واسعاً في محاولة لاحتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن.
وبدأ الهجوم بقصف مدفعي مكثف استهدف مواقع قوات الإنذار والحماية الأمامية للجيش الأردني، المعروفة عسكرياً باسم "قوات الحجاب"، ثم تلا ذلك هجوم رئيسي على الجسور الثلاثة:
جسر الملك حسين، وجسر دامية، وجسر الملك عبد الله.
واجهت قوات الإنذار الأمامية الهجوم بعنف، بينما ركزت المدفعية الأردنية قذائفها على مناطق عبور القوات الإسرائيلية، ما أدى إلى تدمير الجسور الثلاثة وإعاقة تقدم القوات المعتدية. وهكذا اندلعت
معركة الكرامة، التي سُجلت كأول انتصار عربي فلسطيني على الاحتلال الإسرائيلي بعد هزيمة حزيران/يونيو 1967.
اظهار أخبار متعلقة
في قرية الكرامة، اشتبك الجيش الأردني مع المقاومين الفلسطينيين وأهالي القرية في مواجهة شرسة استمرت لأكثر من 16 ساعة، أجبرت جيش الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب الكامل من أرض المعركة.
وفشل جيش الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه العسكرية أو الاستراتيجية، وخسر معنوياً ومادياً، حيث طلب لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وقف إطلاق النار في الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة.
العدة والعتاد
وفقاً لمعطيات مديرية التوجيه المعنوي الأردنية، كانت القوات المشاركة في المعركة على النحو الآتي:
- القوات الإسرائيلية: لواء مدرع (اللواء 7)، لواء دبابات (اللواء 60)، لواء مشاة (اللواء 80)، لواء مظليين (اللواء 35)، بالإضافة إلى 5 كتائب مدفعية ميدان وثقيلة، و4 أسراب طائرات مقاتلة من نوع ميراج ومستير، ومروحيات قادرة على نقل كتيبتين.
- القوات الأردنية: فرقة المشاة الأولى، المكونة من لواء حطين، ولواء عالية، ولواء القادسية، بدعم من اللواء المدرع 60. وقد شاركت في الميدان كتيبة و3 سرايا دبابات، و3 كتائب مدفعية، وكتيبة هندسة.
تداعيات المعركة
شكلت معركة الكرامة نقطة تحول كبيرة للمقاومة الفلسطينية بشكل عام، حيث تدفقت طلبات التطوع في صفوف المقاومة، خاصة من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية.
وشهدت المدن العربية تظاهرات حاشدة لتوديع الشهداء، وازداد الاهتمام الإعلامي الدولي بالمقاومة الفلسطينية، ما دفع بعض الشباب الأجانب إلى التطوع في صفوفها.
وعلى الصعيد العربي، أعادت المعركة جزءاً من الكرامة المفقودة بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، حيث فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية، ما زاد من عزلة وخوف المجتمع الإسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
خسائر العدوبحسب مديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الأردنية فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي تكبد 250 قتيلاً و450 جريحاً، وتم تدمير 88 آلية مختلفة شملت 47 دبابة و18 ناقلة و24 سيارة مسلحة و19 سيارة شحن وإسقاط 7 طائرات مقاتلة.
وقد عرض الأردن معظم هذه الخسائر الإسرائيلية أمام الملأ في الساحة الهاشمية وسط العاصمة عمان.
فيما استشهد من القوات الأردنية 86 جندياً و أصيب 108 بجروح، بالإضافة إلى تدمير 13 دبابة و39 آلية مختلفة.
واستشهد حوالي 100 من المقاتلين الفلسطينيين، وأصيب عدد مماثل تقريبا.
من جانبه، خسر جيش الاحتلال الإسرائيلي 250 جندياً وأصيب أكثر من 450 بجروح، بالإضافة إلى تدمير 45 دبابة و25 عربة مجنزرة و27 آلية مختلفة و5 طائرات.
ردود الفعل
وبعد انتهاء المعركة، عبّر الرئيس الراحل ياسر عرفات عن أهمية المعركة بقوله: "معركة الكرامة شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي". وأكد أن انتهاكات حقوق الإنسان لا يجب أن تُقابل بالصمت أو التجاهل.