كتاب عربي 21

العلاقة بين إيران وحماس: هل يصلح هذا النموذج لمواجهة الفتنة اليوم؟

قاسم قصير
"هل نستفيد من تجربة العلاقة بين إيران وحركة حماس لتجاوز كل الخلافات ونتفق على رؤية مشتركة اليوم؟"- إرنا
"هل نستفيد من تجربة العلاقة بين إيران وحركة حماس لتجاوز كل الخلافات ونتفق على رؤية مشتركة اليوم؟"- إرنا
صدر قبل فترة كتاب جديد حول العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحركة حماس للباحثة الأردنية الدكتورة فاطمة صمادي بعنوان: "إيران وحماس من مرج الزهور إلى طوفان الأقصى- ما لم يُرو من القصة"، وهو صادر بالتعاون بين مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة والدار العربية للعلوم (ناشرون) في بيروت، وأهمية هذا الكتاب هي في توقيت صدوره في ظل ما تواجهه القضية الفلسطينية والمنطقة العربية والإسلامية اليوم من تحديات كبرى. فالعدوان الإسرائيلي عاد مجددا على قطاع غزة، وهو مستمر على الضفة الغربية ولبنان وسوريا، كما بدأ العدوان الأمريكي على اليمن وقد يتم استهداف إيران بعملية عسكرية كبرى، في حين أن سوريا ولبنان يواجهان تحديات كبرى، وهناك خوف كبير من عودة الفتنة المذهبية والطائفية إلى المنطقة، كما يطل المشروع الأمريكي- الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وفرض التطبيع أو الهيمنة على هذه الدويلات.

فكيف يمكن الاستفادة من تجربة العلاقة بين إيران وحركة حماس لمواجهة كل هذه التحديات؟

وهل يصلح هذا النموذج اليوم من أجل مواجهة العودة إلى الفتنة المذهبية والطائفية في المنطقة؟

بالعودة إلى كتاب الدكتورة فاطمة الصمادي حول إيران وحماس، فهو كتاب تاريخي ووثائقي مهم يشرح في 380 صفحة من الحجم الكبير كيف تطور موقف إيران من القضية الفلسطينية منذ حوالي 150 عاما إلى اليوم، وهو يستعرض تاريخ هذه العلاقة منذ نشوء المشروع الصهيوني ومن ثم قيام هذا الكيان، وقبله صدور وعد بلفور، ويتضمن عرضا تاريخيا مهما وخصوصا حول مواقف السلطات الإيرانية ولا سيما في عهد الشاه رضا البهلوي وأبيه،
نواجه تحديات كبرى جديدة، سواء من خلال عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبدعم أمريكي مطلق وصريح، وكذلك العدوان الأمريكي على اليمن بسبب دعم اليمن وشعبه لفلسطين وشعبها، إضافة إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا، والتهديدات بشن حرب أمريكية وإسرائيلية على إيران، والمشروع الأمريكي- الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني
وكذلك مواقف القيادات الإيرانية الدينية والسياسية والحزبية من أيام آية الله كاشاني ونواب صفوي وصولا للإمام الخميني وآية الله الخامنئي، وطبعا مواقف الثورة الإسلامية في إيران من القضية الفلسطينية، وكيف تطورت العلاقات بين إيران والقوى الفلسطينية سواء حركة فتح أو حركة الجهاد الإسلامي إلى حركة حماس اليوم.

الكتاب مليء بالمعلومات والوثائق المهمة، وهو يشرح بالتفصيل كيف نشأت العلاقة بين إيران وحركة حماس، وأهم المراحل التي مرت بها سواء الخلافية أو الإيجابية، وأين تلتقي إيران وحماس فكريا وسياسيا ودينيا.

ولا يمكن في هذا المقال استعراض كل ما تضمنه الكتاب من معلومات ومعطيات مهمة لأن ذلك يتطلب قراءة مفصلة وكاملة ونقدية، لكن النقطة الأهم التي أود الاستفادة منها اليوم من هذا الكتاب المهم هي حول كيفية تجاوز الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحركة حماس كل الخلافات العقائدية والسياسية والفكرية؛ من أجل التعاون لمواجهة المشروع الصهيوني ودفاعا عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وقد تكون المحطة الأبرز في هذه الخلافات الأزمة السورية وتداعياتها الخطيرة والمستمرة إلى اليوم، وفي الكتاب تفاصيل هذا الخلاف وأسبابه ومن ثم كيفية تجاوزه من أجل التعاون في سبيل قضية أسمى وأكبر، إضافة إلى ما جرى في معركة طوفان الأقصى إلى اليوم من تداعيات ومتغيرات كبرى في كل المنطقة والعالم.

واليوم نواجه تحديات كبرى جديدة، سواء من خلال عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبدعم أمريكي مطلق وصريح، وكذلك العدوان الأمريكي على اليمن بسبب دعم اليمن وشعبه لفلسطين وشعبها، إضافة إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا، والتهديدات بشن حرب أمريكية وإسرائيلية على إيران، والمشروع الأمريكي- الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة في العام 1948، وذلك إلى مصر والأردن وسوريا والعراق والصومال وليبيا، وكل ذلك في ظل تداعيات التطورات في سوريا وما يجري على الحدود اللبنانية- السورية من أحداث مقلقة..

نحتاج اليوم إلى مشروع وحدوي عربي- إسلامي- مسيحي من أجل التعاون لمواجهة كل هذه التحديات وللدفاع عن وجودنا، فليست فلسطين وحدها في خطر، بل كل المنطقة والدول العربية والإسلامية في خطر، ونحن إزاء إما نكبة فلسطينية جديدة كما جرى في العام 1948، أو مشروع أخطر من ذلك يسعى إلى تهجير كل الفلسطينيين وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وفرض الهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية على كل المنطقة

إزاء كل ذلك نحتاج اليوم إلى مشروع وحدوي عربي- إسلامي- مسيحي من أجل التعاون لمواجهة كل هذه التحديات وللدفاع عن وجودنا، فليست فلسطين وحدها في خطر، بل كل المنطقة والدول العربية والإسلامية في خطر، ونحن إزاء إما نكبة فلسطينية جديدة كما جرى في العام 1948، أو مشروع أخطر من ذلك يسعى إلى تهجير كل الفلسطينيين وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وفرض الهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية على كل المنطقة.

على ضوء ذلك نحتاج أن نتجاوز خلافاتنا المذهبية والطائفية والسياسية ونعود إلى القواسم المشتركة بين كل القوى العربية والإسلامية وإلى تعاون عربي- تركي- إيراني، واستنفار كل الأحرار في العالم، وإلا فإن وجودنا في خطر كبير. وحسب أكثر من مصدر قيادي إسلامي في بيروت فإن الاتصالات بين القوى الإسلامية مستمرة، كذلك هناك مساع لتجاوز بعض الخلافات بين إيران وتركيا بسبب الوضع السوري، كما أن القمة العربية الأخيرة التي عقدت في القاهرة وما نتج عنها من مقررات يمكن أن يشكل مدخلا لتعاون عربي إسلامي في المرحلة المقبلة.

فهل نستفيد من تجربة العلاقة بين إيران وحركة حماس لتجاوز كل الخلافات ونتفق على رؤية مشتركة اليوم؟ أم أننا سنغرق في الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية والحدودية ويكون المشروع الإسرائيلي- الأمريكي هو المنتصر؟

إنها مرحلة خطيرة ودقيقة، فهل سنكون بمستوى هذه التحديات؟

x.com/kassirkassem
التعليقات (0)