سياسة دولية

هل تتحرك واشنطن لإسقاط مادورو؟.. أسئلة حول استراتيجية ترامب المتصاعدة في فنزويلا

مناورات في الكاريبي أم تهديد حقيقي؟.. قراءة في الحشود العسكرية الأمريكية - وكالة الأنباء الفنزويلية
يستمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إرسال إشارات متناقضة بشأن فنزويلا، في ظلّ تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس، بعد مصادرة ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية الأربعاء، في خطوة اعتبرت تصعيدا جديدا يثير تساؤلات حول طبيعة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

ويثير هذا التحرك جدلا واسعا بين المراقبين حول ما إذا كانت واشنطن تسعى فعلا إلى محاربة تهريب المخدرات، أم تمهد لعملية تستهدف تغيير النظام في كراكاس، خاصة مع الانتشار العسكري الواسع للولايات المتحدة في البحر الكاريبي، وتكرار الضربات ضد قوارب تتهمها واشنطن بالتورّط في الاتجار بالمخدرات.

إشارات متضاربة من ترامب
في مقابلة مع موقع بوليتيكو الثلاثاء الماضي، قال ترامب إن "أيامه باتت معدودة" في إشارة إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، من دون الكشف عن الآليات التي يعول عليها لتحقيق ذلك.

وعندما سئل عن استبعاد إرسال قوات برية إلى فنزويلا، تهرب ترامب من إجابة واضحة، مدركا أن عملية عسكرية واسعة لا تحظى بأي دعم سياسي داخل الولايات المتحدة. 

لكنه في المقابل أشار إلى أنه منح الضوء الأخضر لعمليات سرية داخل فنزويلا، ملمحا قبل أسابيع إلى احتمال تنفيذ عمليات برية "قريبا جدا".

ويرى ويل فريمان، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، أن التعزيزات العسكرية الأمريكية في المنطقة أقرب إلى "عملية نفسية تهدف إلى التخويف"، أكثر من كونها تمهيدا لعمل عسكري شامل.


بين مكافحة المخدرات وتغيير النظام
يشير فيل غونسون، الخبير في الشؤون الفنزويلية لدى مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن واشنطن قد تجد نفسها محرجة إذا أمرت أسطولها بالمغادرة من دون القيام بأي تحرك ملموس، خاصة بعد نشر قوة بحرية ضخمة تضم 11 سفينة، بينها حاملة الطائرات العملاقة "جيرالد فورد".

ويرجح فريمان أن تشهد المنطقة نوعا من التدخل العسكري البري، "ربما في فنزويلا أو كولومبيا"، لكنه يستبعد أن يكون هذا كافيا لإسقاط مادورو. ومن السيناريوهات المطروحة استهداف منشآت عسكرية تزعم واشنطن ضلوعها في تهريب المخدرات، أو ضرب معسكرات "جيش التحرير الوطني" قرب الحدود الكولومبية.

كما قد تستهدف الولايات المتحدة مختبرات تصنيع المخدرات داخل فنزويلا، رغم محدوديتها، بحسب غونسون.

وتشير التقديرات إلى أن الفنتانيل — المتهم الرئيسي في أزمة الجرعات المميتة داخل الولايات المتحدة — يأتي بالأساس من المكسيك، إلا أن واشنطن صنفت عددا من كارتيلات المخدرات في أمريكا اللاتينية كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، بما فيها "كارتيل دي لوس سوليس" الفنزويلي، وهو ما قد يستخدم كغطاء قانوني لأي هجوم.


ما الهدف النهائي لترامب؟
عندما سئل ترامب عن الهدف النهائي من التحركات العسكرية، أجاب بأنه يريد "أن يعامل شعب فنزويلا بشكل جيد". وخلال ولايته الأولى، دفع بسياسة "الضغوط القصوى" ضد كاراكاس، من دون تحقيق نتائج ملموسة.

ورغم أن ترامب لا يعرف بتفضيله لسياسات تغيير الأنظمة، ويميل لمحاولة عقد "صفقات" مع الخصوم — كما حاول سابقا مع مادورو عبر مبعوثه ريتشارد غرينيل — إلا أن وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو دفع بقوة نحو نهج أكثر تشددا مع النظام الفنزويلي.

ويعتقد فريمان أن مادورو سيظل في السلطة، لكنه لا يستبعد احتمال التوصل إلى اتفاق ما بين واشنطن وكراكاس، يمكن لترامب تقديمه كـ"إنجاز"، مثل اتفاق حول الهجرة أو مكافحة المخدرات.

أما غونسون، فيرى أنه في حال نجحت أمريكا في إسقاط مادورو، فسيكون هناك "استنكار عالمي لاستخدام القوة"، لكن "كثيرين سيتنفسون الصعداء في الخفاء".

بين تهديدات أمريكية وحشد فنزويلي
تصاعدت التوترات خلال الأشهر الأخيرة، إذ أصدر ترامب أمرا تنفيذيا في آب/أغسطس الماضي يسمح بزيادة استخدام الجيش تحت ذريعة "مكافحة عصابات المخدرات" في أمريكا اللاتينية. وفي هذا الإطار، أعلنت واشنطن إرسال سفن حربية وغواصة إلى السواحل الفنزويلية.

بدوره، قال وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث إن الجيش "جاهز لتنفيذ عمليات، بما فيها تغيير النظام في فنزويلا".

ورد مادورو بإعلان تعبئة 4.5 ملايين فرد من القوات المدنية والعسكرية، مؤكداً استعداد بلاده "لصد أي هجوم محتمل".

اتهامات بالقانون الدولي
أثارت الضربات الأمريكية ضد قوارب في البحر الكاريبي والمحيط الهادي — بزعم تورطها في تهريب المخدرات — جدلا واسعا حول شرعية ما وصف بأنه "قتل خارج نطاق القانون"، إذ استهدفت الضربات أشخاصا على متن تلك القوارب بشكل مباشر.

وتتواصل التساؤلات حول ما إذا كانت التحركات الأمريكية تمهيدا لعملية عسكرية أو جزءا من سياسة ضغط نفسي وسياسي على كراكاس، في ظل غياب وضوح حقيقي في استراتيجية إدارة ترامب.