سياسة عربية

مجزرة في شمال كردفان.. أكثر من 40 قتيلا في هجوم على مجلس عزاء

🔸الأبيض تحت النار.. تصاعد الهجمات واتساع النزوح يفاقمان الكارثة الإنسانية في السودان - الأناضول
قتل أكثر من 40 شخصا وأصيب آخرون في هجوم استهدف تجمعا للعزاء بمدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان في السودان، وفق ما أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) الأربعاء، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق واسعة من كردفان ودارفور.

ولم يحدد المكتب الأممي الجهة المسؤولة عن الهجوم، مشيرا إلى أن الأُبيض تشهد توترا ميدانيا متصاعدا بين الجيش الذي يسيطر على المدينة وقوات الدعم السريع التي تحاول إحراز تقدم فيها. وتكتسب الأُبيض أهمية استراتيجية كونها عقدة مواصلات رئيسة تربط الخرطوم بإقليم دارفور، وتضم مطارا ومركزا لوجستيا للجيش السوداني.

نزوح واسع وتحذيرات أممية
أعلنت جمعية الهلال الأحمر السوداني أن مخيمها في مدينة الدّبّة بالولاية الشمالية استقبل نحو 7 آلاف و500 نازح من ولايتي شمال كردفان وشمال دارفور خلال الأيام الأخيرة، نتيجة هجمات قوات الدعم السريع.

وقالت الأمين العام للجمعية، عايدة السيد عبد الله، في تصريحات لوكالة "الأناضول"، إن فرق الهلال الأحمر تعمل على تقديم المساعدات الغذائية والإيوائية للنازحين، لكنها حذرت من نقص حاد في الموارد وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة.

وجاءت هذه التطورات بعد إعلان قوات الدعم السريع أواخر الشهر الماضي السيطرة على مدينة بارا الواقعة شمال الأُبيض، ووصفتها بأنها "خطوة حاسمة نحو السيطرة على كامل إقليم كردفان".
وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن الوضع الأمني في كردفان يزداد تدهورا، في ظل استمرار القتال وتوسع نطاق العمليات العسكرية.


مواجهات ميدانية وتوتر متصاعد
قال سليمان بابكر، أحد سكان أم صميمة غرب الأُبيض، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، إن عدد مركبات الدعم السريع ازداد بشكل كبير بعد سيطرتها على الفاشر، مؤكدا أن السكان توقفوا عن الذهاب إلى مزارعهم خشية اندلاع مواجهات جديدة.

وأشار أحد السكان، فضل عدم الكشف عن هويته، إلى تعزيز الجيش لمواقعه شرق وجنوب الأُبيض خلال الأسبوعين الماضيين، في ما يبدو استعدادا لهجوم مرتقب من قوات الدعم السريع.

وفي هذا السياق، قالت مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا، إن المنظمة وثقت "فظائع واسعة النطاق" ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدينة بارا، بما في ذلك "أعمال انتقامية ضد مدنيين متهمين بالتعاون مع الجيش، كثير منها بدوافع عرقية".


نزوح جماعي ومجاعة وشيكة
ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 36 ألف مدني فروا من مناطق شمال كردفان مع تصاعد القتال، بينما نزح نحو 71 ألف شخص من مدينة الفاشر في شمال دارفور منذ سيطرة الدعم السريع عليها الأسبوع الماضي.

وفي الوقت ذاته، أكد تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، المدعوم من الأمم المتحدة، تفشي المجاعة في مدينة كادوغلي بجنوب كردفان، محذرا من أن 20 مدينة أخرى في دارفور وكردفان مهددة بالمجاعة، نتيجة الحصار ونقص الإمدادات.

وأوضح التقرير أن أكثر من 21 مليون سوداني واجهوا انعداما حادا في الأمن الغذائي خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، متوقعا استمرار الأزمة حتى أيار/مايو 2026 على الأقل.

وتحدث شهود من مدينة الفاشر عن حصار قاس دام 18 شهرا فرضته قوات الدعم السريع، وعن انعدام شبه تام للغذاء، مما دفع السكان إلى تناول علف الحيوانات وجلودها للبقاء على قيد الحياة، فيما أغلقت معظم المطابخ الخيرية أبوابها بسبب نفاد الموارد.


 انقسام جغرافي وجرائم ضد المدنيين
يرى محللون أن اتساع سيطرة قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان يهدد بتقسيم السودان فعليا إلى محورين شرقي وغربي، إذ يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.

وتتهم الأمم المتحدة قوات الدعم السريع، المنبثقة من ميليشيات الجنجويد، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور قبل عقدين، فيما تواجه اتهامات متجددة بارتكاب إعدامات ميدانية وعنف جنسي ونهب وخطف خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

وفي المقابل، تتهم القوات المسلحة السودانية أيضا بقصف مناطق مدنية وتدمير بنى تحتية في مناطق سيطرة الدعم السريع.

وبحسب الأمم المتحدة، أسفر النزاع الدامي المستمر منذ نيسان/أبريل 2023 عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 13 مليون شخص، في ما اعتبرته المنظمة أكبر أزمتَي نزوح وجوع في العالم حاليا.