قال البروفيسور جيفري
ساكس من جامعة كولومبيا، ومستشارته لشؤون الشرق الأوسط سيبيل فارس، إن الرئيس الأمريكي
دونالد
ترامب يقدم نفسه كصانع للسلام، مؤكّدًا دوره في إنهاء الحروب في
غزة وأوكرانيا،
لكن الواقع يشير إلى أن جهوده لا تتجاوز المظاهر، إذ تفتقر إلى الحلول الجوهرية للنزاعات.
وأشار الكاتبان في
مقال نشرته شبكة الـ "
سي إن إن" إلى أن المشكلة لا تكمن في نقص الجهد، بل
في غياب المفاهيم الصحيحة، فترامب، بحسب تحليلهما، يخلط بين السلام الحقيقي ووقف إطلاق
النار المؤقت، الذي لا يدوم عادة ويعود سريعًا إلى الحرب.
وأكدا أن أي جهود أمريكية
سابقة، منذ حقبة ليندون جونسون، كانت خاضعة لما يسمّى المجمع الصناعي العسكري، المستفيد
الأكبر من النزاعات المستمرة، وهو ما يعكس عدم رغبة الإدارة الأمريكية في حل جذري للنزاعات
في غزة وأوكرانيا.
تطرق الكاتبان إلى
خطة ترامب للسلام في غزة، واعتبراها غير كافية لأنها لم تعالج القضية الأساسية المتمثلة
في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وأوضحا أن خطة سلام حقيقية ينبغي أن تشمل أربعة عناصر
أساسية: إنهاء الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، نزع سلاح حماس، حصول فلسطين
على عضوية الأمم المتحدة، وتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وفلسطين.
وأكد الكاتبان أن خطة
ترامب لم تحظَ بدعم دولي فعلي، بل اقتصرت على إعلانات رمزية من بعض الدول، في حين استخدمت
واشنطن هذه الخطة لصرف الانتباه عن الزخم العالمي لإقامة دولة فلسطينية، مما سمح لإسرائيل
بمواصلة سيطرتها على الضفة الغربية وقصف غزة، وفقًا لما أشار إليه بيان رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة.
في الملف الأوكراني،
لفت الكاتبان إلى أن ترامب وعد بإنهاء الحرب سريعًا، لكنه قدم حلولًا تقتصر على وقف
إطلاق النار، دون معالجة الأسباب السياسية الجذرية.
وأكدا أن الحرب بدأت
نتيجة توسع حلف شمال الأطلسي ودعم انقلاب عام 2014 في كييف، وأن سلام أوكرانيا المستدام
يعتمد على حيادها وتفاوضها ضمن إطار الأمن المتبادل مع روسيا والدول الغربية.
وأشار ساكس وفارس إلى
أن أي حل فعلي يتطلب مواجهة مصالح المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وضغوط اللوبي الصهيوني،
والاعتماد على الدبلوماسية الواقعية، سواء من أوروبا أو العالم الإسلامي.
رغم الفشل المتكرر
للسياسات الأمريكية في إنهاء الحروب، يرى الكاتبان أن هناك فرصة للسلام إذا عاد ترامب
أو أي قيادة أمريكية إلى حل النزاعات عبر الدبلوماسية، والتخلي عن الأجندات التي تخدم
مصالح الحرب. وأوضحا أن قادة مثل الرئيس التركي رجب أردوغان، ولي عهد السعودية محمد
بن سلمان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قادرون على تقديم رؤى عملية لضمان حل
شامل ومستدام للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأوضح الكاتبان أن
السلام يتطلب الشجاعة والانخراط السياسي الحقيقي لمواجهة المستفيدين من الحروب، مؤكدين
أن استمرار النزاعات هو نتيجة لفشل السياسة في معالجة جذورها، وليس مجرد إخفاق شخصي.