في هذه الأيام،
أصبحت
غزة أزمة
ترامب الأولى، فقد عقد من أجلها مؤتمر شرم الشيخ، ليحتفل بإنجازه الكبير
في إنجاح المرحلة الأولى من مشروعه: تبادل الأسرى، ووقف الحرب، وتمرير المساعدات، وانسحابات
محدودة للاحتلال من غزة. وأراد من هذا المؤتمر في شرم الشيخ، أن يكون رجل السلام الذي
يستحق جائزة نوبل، والأهم أن يكرسّه رئيسا قادرا على وقف الحروب، ثم تقديم نفسه زعيما
للعالم.
لم يمض يوم
أو يومان على وقف إطلاق النار، حتى بدأ
نتنياهو بالتحرّش للعودة إلى الحرب، ولو من
خلال التمسك بسبب ضعيف، حتى بحجم عدم إتمام تبادل جثمان واحد من الأسرى، وقد راح يساعد
على عدم تزويد حماس بالآليات الضرورية لسحب بعضها من تحت الأنقاض.
بالتأكيد،
إن الهم الذي يشغل نتنياهو ليس استكمال تبادل الجثث، وإنما العودة إلى الحرب، أو إلى
ما يشبه الحرب، من تأزيم للوضع، فيصبح وقف الحرب جزئيا أو متقطعا. وذلك لأن كل ما طبّق
من وقف للحرب، أو بقي من شروط الاتفاق الأول، جاء على الضدّ مما يريده نتنياهو.
نتنياهو الآن كالوحش الجريح، والمتحفز بكل قوته لتخريب نجاح المرحلة الثانية، بل نسف ما أُنجز في المرحلة الأولى. وذلك على العكس مما يريده ترامب، الحريص على النجاح الذي حققه في المرحلة الأولى، وفي مؤتمر شرم الشيخ، بالرغم من حرصه بقدر أكبر على تغطية نتنياهو، ومصلحة الكيان الصهيوني
فقد
فرضه ترامب عليه فرضا، ونفذه وأنفه راغم. هذا ولم يعوّضه ترامب عن كل هذه المخاسر ما
أزجاه له من مديح، في كلمته بالكنيست.
ولهذا فإن
نتنياهو الآن كالوحش الجريح، والمتحفز بكل قوته لتخريب نجاح المرحلة الثانية، بل نسف
ما أُنجز في المرحلة الأولى. وذلك على العكس مما يريده ترامب، الحريص على النجاح الذي
حققه في المرحلة الأولى، وفي مؤتمر شرم الشيخ، بالرغم من حرصه بقدر أكبر على تغطية
نتنياهو، ومصلحة الكيان الصهيوني. وهذا هو الفارق بين الحليفين.
والسؤال الآن:
هل سيقبل ترامب، كما يسعى الوسطاء، بتشكيل هيئة فلسطينية، باختيار فلسطيني لإدارة غزة،
مع الحفاظ على الأمن، وبقاء السلاح والأنفاق بعيدا من الظهور العلني؟ وهو شرط نجاح
المرحلة الثانية، وثبات وقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، وتدفق المساعدات، وبدء
الإعمار، الأمر الذي يفرض على ترامب أن يعيد الضغط على نتنياهو، كما فعل في المرّة
السابقة، وإلّا عاد نتنياهو ليفرض على ترامب أن يلبد كل ما حرثه في المرحلة الأولى،
ويدمّر ما جناه في مؤتمر شرم الشيخ.
إن المشكلة
مع ترامب في تقلّبه، وعدم ثباته على رؤية استراتيجية متماسكة، يطبّقها خطوة بعد خطوة.
وهنا لا بدّ
من الإشارة إلى انتقال موقف ترامب، مثلا، من تأييد حماس لضبط الأمن، والقضاء على عصابة
ياسر أبو شباب، إلى الدفاع عن المنظمات المتعاملة مع الاحتلال، واعتبارها تنظيمات شعبية،
لا حقّ لحماس من الاقتراب منها، بل تهديده بالتدخل ضدّ حماس، إذا واصلت الحفاظ على
الأمن.
من هنا، لا
بدّ من حشد كل ما يمكن حشده، فلسطينيا، وعربيا، وإسلاميا، وأحرار العالم، لإفشال نتنياهو،
والوقوف إلى جانب المقاومة والشعب، ووقف الحرب، وعدم العودة لها، كليا أو جزئيا في
غزة.