ملفات وتقارير

التصعيد بلغ ذروته.. الأمم المتحدة ترفض اتهامات زعيم الحوثيين لموظفيها بـ"التجسس"

اعتقالات شملت عددا من الموظفين الأمميين بتهمة التجسس- جيتي
أعلنت منظمة الأمم المتحدة، السبت، رفضها اتهامات زعيم جماعة "أنصار الله" الحوثيين، للمنظمات الدولية والعاملين فيها بالقيام بأنشطة تجسسية لصالح "إسرائيل".

جاء ذلك وفق ما صرح به المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم، بعد يوم من بيان صادر عن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غويترش، مع بلوغ التصعيد الحوثي ذروته تجاه المنظمات الدولية في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها.

وكان زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، قد اتهم الخميس، موظفي الأمم المتحدة بالعمل كجواسيس لصالح إسرائيل، ومساعدتها في استهداف حكومة الجماعة في صنعاء.

وقال الحوثي في خطاب متلفز بثته وسائل إعلام تابعة للجماعة إن "من أخطر الخلايا التجسسية التي نشطت، هي من المنتسبين لمنظمات تعمل في المجال الإنساني، ومن أبرزها برنامج الغذاء العالمي ويونيسف".

وأضاف أن تلك الخلايا كان لها الدور الأساس في جريمة استهداف الحكومة (28 أغسطس/آب الماضي)، مشيرا إلى أنه كان هناك دور لخلية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي على رأسها مسؤول الأمن والسلامة لفرع البرنامج في اليمن"، زاعما أن جماعته تملك أدلة على تلك الاتهامات، من دون تقديمها.


نرفض الاتهامات بشكل قاطع
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أعلن رفض الاتهامات المقلقة الصادرة عن قيادة أنصار الله ضد موظفي الأمم المتحدة العاملين في المجال الإنساني.

وقال : "نرفض بشكلٍ قاطع جميع الادعاءات التي تزعم أن موظفي الأمم المتحدة أو عملياتها في اليمن شاركوا في أي أنشطة لا تتوافق مع ولايتنا الإنسانية".

وأضاف "وصف موظفي الأمم المتحدة بالجواسيس أو في سياقاتٍ أخرى بالإرهابيين أمرٌ غير مقبولٍ ويعرّض حياتهم في كل مكانٍ للخطر".

وجدد دوجاريك دعوته للحوثيين بـ"إنهاء الاحتجاز التعسفي لـ 53 من زملائنا، بعضهم محتجز منذ سنوات دون أي تواصل".

وتابع بأنه "يجب الإفراج عنهم، إلى جانب موظفي المنظمات غير الحكومية وأعضاء البعثات الدبلوماسية المحتجزين أيضا.

وشدد على أن عملهم في اليمن والعمل الإنساني في كل مكان،  يقوم على مبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، موضحا أن وجود المنظمات الأممية في اليمن والعاملين في المجال الإنساني لسبب واحد هو  "مساعدة الشعب اليمني".

نهج عدائي وتصعيد
من جانبها، أدانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في العاصمة المؤقتة، عدن، جنوبي البلاد، تصريحات زعيم جماعة الحوثيين ضد المنظمات الأممية والعاملين الإنسانيين بالتجسس لصالح دول أجنبية.

وفي بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية اليمنية، قالت إن "هذه الادعاءات ليست إلا محاولة لتبرير سلسلة الإجراءات التعسفية التي تنفذها الميليشيات (الحوثيين) ضد المنظمات الدولية، بما في ذلك اقتحام مكاتبها، وتوقيف موظفيها المحليين، ومصادرة معداتها، وفرض قيود مشددة على حركة العاملين في المجال الإنساني، الأمر الذي يهدد استمرار البرامج الإغاثية المنقذة للحياة لملايين اليمنيين".

واعتبرت أن هذا النهج العدائي تجاه المنظمات الإنسانية يمثل تصعيدا خطيرا"، متهمة الجماعة بتسييس العمل الإنساني، واستغلال المساعدات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.


اقتحام مجمع للأمم المتحدة بصنعاء
وبعد يومين من اتهام زعيم الجماعة منظمات أممية بالتجسس لصالح إسرائيل، اقتحمت قوات تابعة للحوثيين مقر سكن موظفي الأمم المتحدة الأجانب في منطقة حدة بصنعاء، ما يشير إلى بلوغ التصعيد ذروته.

وذكرت مصادر صحفية وناشطين أن عناصر أمن حوثيين دخلوا مجمعا سكنيا خاص بموظفي الأمم المتحدة في صنعاء.

وقال مراسل وكالة رويترز إن المجمع يضم حاليا 15 موظفا دوليا، حيث اخضع الحوثيون الموظفين للاستجواب وسمح لهم التواصل مع عائلاتهم.

فيما قال الصحفي والناشط الحقوقي اليمني، فارس الحميري إن الحوثيين دخلوا إلى المجمع وانتشروا في المباني، وشرعوا في فصل التيار الكهربائي وإغلاق كاميرات المراقبة وقطع خدمات الاتصالات والإنترنت، في محاولة لعزله بشكل كامل.

وأضاف الحميري عبر منصة "إكس": أثناء الاقتحام كان يتواجد في المجمع 15 موظفا دوليا ممن يحملون جنسيات أجنبية، إلى جانب الموظفين المحليين العاملين في مجال الخدمات اللوجستية والحماية"، مشيرا إلى أنه طلب من الأجانب الخروج من مساكنهم ومكاتبهم والبقاء في فناء أحد المباني داخل المجمع، فيما تم احتجاز العاملين المحليين في (بدروم) بالمجمع.

وبحسب الصحفي الحميري فإن الحوثيين نفذوا عملية تفتيش دقيقة وواسعة في جميع المباني، و صادروا عددا من الممتلكات والأصول، بما في ذلك أجهزة تسجيل كاميرات المراقبة، والسيرفرات، والأقراص الصلبة، والكمبيوترات، والهواتف المحمولة، ووثائق متعددة.


وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد أعرب في بيان رسمي سابق، عن قلقه البالغ إزاء استمرار الاتهامات العلنية التي وجهها الحوثيون ضد موظفي الأمم المتحدة في اليمن، مؤكدا رفضه القاطع لتلك الاتهامات ودعمه الكامل للعاملين الأمميين.

وقال البيان إن "مثل هذه الاتهامات خطيرة وغير مقبولة وتُعرّض سلامة موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني لخطر جسيم، كما تُقوّض عمليات إنقاذ الأرواح".

وأضاف أن "موظفي الأمم المتحدة يخاطرون بحياتهم يومياً لتقديم الدعم للمجتمعات التي هي بأمسّ الحاجة إلى المساعدة الإنسانية، ملتزمين بمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال والنزاهة".

وجدد أمين عام الأمم المتحدة دعوته للجماعة بـ "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى البعثات الدبلوماسية، الذين لا يزالون محتجزين تعسفيا لدى سلطات الأمر الواقع الحوثية، وبعضهم منذ عام 2021".

وقال أيضا؛ إن على الحوثيين، وفقا لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، "إخلاء مقرات الأمم المتحدة وإعادة الأصول والمعدات التابعة لها التي تم الاستيلاء عليها".

ومنذ أشهر، بدأ الحوثيون حملة اعتقالات جديدة طالت موظفين بمنظمات إغاثية دولية في صنعاء وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها شمال وغرب اليمن وبررت جماعة الحوثي أن الحملة استهدفت خلايا تجسس.